أعلن البيت الأبيض ان نائب الرئيس ديك تشيني سيزور الشرق الأوسط بدءاً من يوم الأحد المقبل لتقديم تطمينات أميركية عن الالتزام بعملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. لو قابلت تشيني صدفة لرفضت مصافحته لأن هذا الرجل مسؤول قبل جورج بوش وبعده عن حرب قتل فيها مليون عراقي، أي مليون عربي ومسلم، ولا يزال القتل مستمراً. ديك تشيني، ومعه وزير الدفاع في حينه دونالد رامسفيلد، قاد عصابة الحرب من مكتب نائب الرئيس حيث اجتمعت عصابتان، واحدة تريد بسط نفوذ امبراطورية اميركية على العالم، والثانية من غلاة المحافظين الجدد الذين يريدون تدمير دول المنطقة لحماية أمن اسرائيل المزعوم. ما ثبت في شكل قاطع ونهائي منذ الإرهاب المشؤوم في 11/9/2001 ان عصابة الحرب كانت تخطط لغزو وتحرض عليه قبل الإرهاب، فالمجموعة الاقتصادية التي حملت اسم تشيني تحدثت عن الاستيلاء على نفط العراق قبل أشهر من الإرهاب فجاء هذا ليعطيها فرصة، وكانت القاعدة الإرهابية حليفة المتطرفين الأميركيين في حروب مدمرة، من أفغانستان الى العراق، وعبر الأراضي الفلسطينية، وربما غداً ايران وغيرها. تشيني لن يزور الشرق الأوسط طلباً للسلام، كما زعم رئيسه، بل طلباً لوقف ارتفاع اسعار النفط فهذا هو حبه الأول والأخير. وفي جميع الخطوات التي انتهت بغزو العراق لأسباب ملفقة كان تشيني هو المحرك مباشرة أو من وراء الستار، وهدفه الامبراطورية والنفط. وكان المسؤولون في مكتبه، امثال لويس ليبي وديفيد وورمزر، رأس حربة إسرائيلية ضد العرب والمسلمين. الآن نقرأ ان تحقيق لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ عن الحرب على العراق سيصدر بعد أربع سنوات من بدئه، وهو يبحث في مزاعم الإدارة عن اسلحة الدمار الشامل في العراق، والعلاقة مع القاعدة، وهي مزاعم ثبت في وقت لاحق انها لم تكن مجرد خطأ بل لُفّقت عمداً، وروجت لها الإدارة وهي تعرف انها تناقض معلومات بحوزتها من اجهزة الاستخبارات الأميركية. شخصياً لا أتوقع ان يدين التقرير الإدارة بوضوح، ففي حين ان رئيس لجنة الاستخبارات السناتور جون روكفلر، وهو ديموقراطي، طلب الحقيقة، إلا ان في اللجنة وفي حزبه من الديموقراطيين من تحمّس للحرب، وساهم في ترديد الأكاذيب عنها، وهيلاري كلينتون نفسها قالت في تشرين الأول اكتوبر 2002 انه اذا لم يوقف صدام حسين عند حده فهو سيزيد قدرته على امتلاك اسلحة كيماوية وبيولوجية. ونعرف انها صوّتت تلك السنة على قرار الكونغرس الذي فوّض الإدارة خوض حرب، ولم تعتذر عنه حتى الآن. وراء الجميع كان دائماً ديك تشيني الوارد من شركات النفط الأميركية والطامع بنفط العرب. وهو أكد في آب اغسطس 2002 ان صدام حسين استأنف جهوده للحصول على أسلحة نووية، فيما كان هناك تقرير أمامه لمكتب استخبارات وزارة الخارجية يناقض مزاعمه. وفي النهاية شنت الولاياتالمتحدة حرباً على طالبان في افغانستان أيدها فيها العالم كله، إلا انها توقفت قبل إكمالها لتتحول الى العراق ونفطه، ودفعت مع شعب العراق وشعوب العالم الثمن، عبر مئات ألوف القتلى، بينهم أربعة آلاف شاب أميركي، وثلاثة تريليونات دولار ثمناً للحرب، وانهيار اقتصادي أميركي طاول العالم، وانفجار الإرهاب المجنون وزيادته نتيجة للحرب عليه، ومع هذا غوانتانامو وأبو غريب وباغرام، مما ليس اميركياً، فأساليب تعذيب هناك مما يمارس في العالم الثالث لا في بلد حرية الإنسان، وتنصت على هواتف المواطنين وحساباتهم المصرفية، وانتكاس مسيرة الديموقراطية في بلدان الشرق الأوسط. قرأت ان تقرير لجنة الاستخبارات تأخر لخلاف بين أعضائه على التفاصيل، فدعاة الحرب منهم يريدون حماية انفسهم، ثم ان التحقيق لم ينته في دور مكتب الخطط الخاصة في وزارة الدفاع الذي رأسه دوغلاس فايث تحت إشراف بول وولفوفيتز، وقدّم معلومات استخبارات بديلة لتبرير الحرب، عبر متعاونين عراقيين خونة كاذبين لا يعرفون العراق. لا أحتاج شخصياً الى تقرير من أي مصدر، فثمة معلومات كافية عن عصابة الامبراطورية الأميركية، وعن عصابة إسرائيل، وأعضاء الإدارة الذين تعاملوا مع ملفات الشرق الأوسط كانوا من غلاة المتطرفين أعداء العرب والمسلمين، ولهم سجل يعود الى عقود في العمل ضد مصالح اميركا نفسها ومعاداة العرب والمسلمين. هناك في الإدارة الأميركية ألف مسؤول شريف موجود لخدمة بلاده، إلا ان ديك تشيني ليس من هؤلاء، وأنا أحمّله قبل أي طرف آخر المسؤولية عن القتل والدمار في بلادنا.