نظمت الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية للعام الجاري معرض "أحياء الذاكرة التشكيلية في سورية، مختارات من المتحف الوطني" في محاولة لتعريف الجمهور ببعض الأعمال التي لم تعرض سابقاً لرواد الحركة التشكيلية السورية. وأعادت الأمانة العامة ترميم وتنظيم أكثر من 240 عملاً نحتياً وتصويرياً كانت مهملة في المتحف الوطني في دمشق وتعود إلى نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف الستينات من القرن الماضي. أنجز اللوحات أشهر الفنانين والنحاتين أمثال ميشيل كرشة وتوفيق طارق وسعيد تحسين ومروان قصاب باشي وفاتح المدرس والياس زيات ومحمود حماد وغيرهم. واستطاع عدد من الشباب والشابات في المتحف الوطني نفض الغبار عن اللوحات، التي تنبعث منها رائحة التاريخ، وإعادة الحياة إليها من جديد بعد عمل متواصل دام نحو ستة أشهر. ويرى الفنان التشكيلي ادوار شهدا الذي اشرف على اختيار اللوحات أن المعرض له قيمة فنية كونه يمثل تاريخ الحركة التشكيلية السورية. وقال ل"الحياة":"المعرض متنوع ويحوي كل المذاهب الفنية وهو يرصد أعمال الفنانين الذين عملوا بحسهم الفني من دون دراسة وبعض الفنانين الآخرين الذين درسوا في أوروبا وعادوا ليكرسوا بدايات الفن في سورية من ناحية الحداثة وهؤلاء أسسوا كلية الفنون الجميلة في العام 1965". وعكست اللوحات المعروضة أحداثاً قومية ووطنية من تاريخ سورية مثل معركة ميسلون وموقعة حطين وأعمالاً أخرى وصفت الطبيعة والبيئة الشعبية وشخصيات تاريخية بأسلوب عصري ومتطور. وقال النحات والفنان التشكيلي غازي عنان:"هؤلاء الفنانين قدموا الواقعية باشكالها والبعض منهم تأثر بالانطباعية الفرنسية التي انتهت مع بداية القرن العشرين مثل ميشيل كرشة وناظم جعفري". وأضاف:"مع نهاية المرحلة الانطباعية السورية بدأت تتشكل معالم المدرسة التعبيرية التي ستكون واضحة في المعرض المقبل الذي تنوي الأمانة العامة للاحتفالية إقامته والذي سيضم أعمالاً لمجموعة من الفنانين الذين عادوا من أوروبا حاملين معهم بذور التعبيرية والحداثة في مفهومهما الحالي سواء كان تجريداً أو حداثة أو ما بعد الحداثة التي بدأت في سورية بعد الستينات من القرن الماضي وبشر فيها حماد ونصير شورى وفاتح المدرس وغيرهم". ويعد هذا المعرض الذي يستمر شهراً واحداً من ضمن ثلاثة معارض جماعية تنوي الاحتفالية أقامتها على مدار العام وتغطي هذه المعارض المراحل الثلاث للفن التشكيلي السوري. ولاحظت الفنانة التشكيلية غادة دهني غياب لوحات تعود لعدد من الفنانين الذين عاصروا تلك المرحلة مثل الفنان طالب يازجي، وتمنت عرض هذه الأعمال"التي لم نرها سابقاً على مدار العام وفي كل المحافظات السورية كي يطلع الناس على مدى قوتها وزخمها والتنوع فيها". وقالت:"من يشاهد هذه الأعمال لا بد من ان يتوقف عندها ويعود ويدرس بدايات الفن في سورية بأشكاله وألوانه.