لبّى عشرات الآلاف من الأتراك أمس، دعوة أطلقتها 35 جمعية نسائية للتظاهر في 17 مدينة، بينها العاصمة أنقرة واسطنبول وأزمير، احتجاجاً على اقتراح حكومة حزب"العدالة والتنمية"الحاكم المنبثق من التيار الإسلامي، تعديل الدستور للسماح بعودة المحجبات الى الجامعات. وسعى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الى تهدئة مخاوف العلمانيين، قائلاً إن"رفع الحظر عن ارتداء الحجاب لن يزيد الضغوط على غير المحجبات لارتدائه"، فيما وصف وزير الخارجية علي باباجان التعديل بأنه"إصلاح ضروري على طريق الانضمام الى الاتحاد الأوروبي". وهتف نحو مئة ألف متظاهر احتشدوا أمام ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك في أنقرة"تركيا علمانية وستبقى"و"لتستقل الحكومة"و"كلنا جنود اتاتورك"، وأيدوا موقف 80 من 190 من عمداء الجامعات الذين هددوا أول من أمس بمقاطعة محاضرات تشارك فيها طالبات محجبات أو حرمانهن من الامتحانات، في حال أقر التعديل الدستوري، متحدين دعوة رئيس الهيئة العليا إياهم الى عدم التدخل في السياسة والاهتمام بالشؤون العلمية لجامعاتهم. وقالت الروائية سيفغي اوزيل التي انضمت الى المتظاهرين:"إنني غاضبة جداً ليس من المحجبات، بل ممن يريدون أن يغطوا بحجاب قيم الجمهورية". لكن عدد المحتجين اعتبر اقل من الذين لبوا دعوة الجمعيات النسائية ذاتها العام الماضي، للاعتراض على احتمال ترشيح اردوغان للرئاسة آنذاك. في المقابل، باشر أعضاء من هيئات التدريس في الجامعات حملة جمع تواقيع لتأييد التعديل الدستوري باعتباره يدعم الحريات الشخصية والدينية، وحصلوا على تواقيع ألف شخص، علماً انه يتوقع إقرار البرلمان التعديل بغالبية 440 صوتاً من اصل 550 في جلستين مقررتين الأربعاء والجمعة، في ظل سيطرة حزب"العدالة والتنمية"على ثلثي مقاعد المجلس النيابي. وكان حزب"الشعب الجمهوري"المعارض لوّح بأنه سيحيل التعديل، في حال إقراره، على المحكمة الدستورية، ما يمهد لمعركة قضائية جديدة، علماً أن المحكمة قضت العام 1989 بأن الحجاب"رمز سياسي ديني مخالف لمبادئ العلمانية"، كما ألغت العام الماضي تحت وطأة الضغوط السياسية الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وصرح باباجان أمس، بأن تعديل قانون منع الحجاب في الجامعات"يخدم تقدم تركيا على طريق الحقوق والحريات، تمهيداً للتوصل الى انضمام كامل الى عضوية الاتحاد الأوروبي"، مؤكداً ان الجدال الذي أثارته المسألة يسيء الى صورة بلاده في الخارج. ويضغط الاتحاد على تركيا لتعزيز حرية التعبير وحقوق الأقليات، لكنه لا يتبنى موقفاً من قضية الحجاب، في ظل اختلاف بعض دوله الأعضاء، إذ تحظر فرنسا وهولندا ارتداء الحجاب في الجامعات، بينما تسمح به بريطانيا ودول أخرى، في إطار الحرية المدنية.