يعكف خبراء القانون والدستور الاتراك حالياً على ايجاد طريقة لارتداء الحجاب بشكل يرضى عنه العسكر ويقبل بعودته الى الجامعات التركية. واضطرت اللجنة الدستورية البرلمانية الاستعانة بوسائل توضيحية وصور من أجل التمييز بين اشكال الحجاب. فالمرفوض هو الذي يتم ربطه فوق الذقن من خلال دبوس معدني، لأنه يعتبر رمزا سياسيا للأحزاب السياسية. والمقبول هو غطاء الرأس الذي ترتديه النساء في الاناضول التركي من خلال عقده حول الرقبة تحت الذقن مع كشف جزء بسيط من غرة الرأس. واقترح وزير الدولة جميل شيشيك توزيع صور تفرق بين الحجابين على الجامعات من اجل ضبط دخول الطالبات المحجبات الى الجامعة ومنع الحجاب السياسي من التسلل اليها. و بدا ان هذا الجدل الذي وصفه رجال القانون بالتراجيديا - الكوميدية ضروري من أجل اقناع الاوساط العسكرية وقيادتها بالسماح مجددا للمحجبات بالعودة الى الجامعات في تركيا، بعد حظر مستمر عمليا منذ حوالي 12 عاما . وكان رئيس الاركان الجنرال يشار بيوك انيط اعلن أن الجيش لم يغير موقفه الذي يعتبر الحجاب رمزا سياسيا يتنافى استعماله مع النظام العلماني القائم، وهو الموقف الذي دعا حكومة حزب العدالة والتنمية الاسلامي للجوء الى حيل لغوية وصورية من اجل الغاء حظر الحجاب في الجامعات، والسماح للطالبات المحافظات اللواتي يغطين رؤوسهن، وفقا للعادات والتقاليد من الحصول على حقهن في التعليم الجامعي. وكان الحزب الحاكم تقدم بمشروع تعديل دستوري يسمح للمحجبات بالعودة الى الجامعات، مستفيدا من غطاء ودعم سياسي وفره حزب الحركة القومي المعارض والمعروف بالتزامه تعاليم اتاتورك. ومن المفترض أن يناقش البرلمان التعديلات في السادس من شباط فبراير المقبل، تمهيدا لإقراره في التاسع منه. ولا تتوقع اوساط الحزب الحاكم اعتراضا من المؤسسة العسكرية التي احبطت تجربتين مماثلتين العام الماضي وقبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، حين تدخلت عبر تصريحات نارية محذرة من المس بالنظام العلماني. لكن هذه التدخلات اعطت نتيجة عكسية تمثلت في الانتصار الانتخابي الكبير للحزب الحاكم . وكرر رئيس الاركان، قبل يومين، لكن من خلال تصريحات هادئة ومختصرة انما واضحة ولا تحتمل التأويل، رفض تعديل قانون الحجاب. كما ان المعارضة الاتاتوركية العلمانية، ممثلة بحزب الشعب الجمهوري، تعتبر الحجاب جزءا من مؤامرة سياسية خفية يسعى من ورائها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان لتحويل تركيا بالتدرج من جمهورية علمانية الى نظام اسلامي. وتعتبر ايضا ان عودة الحجاب الى الجامعات سيشكل ضغطا نفسيا على غير المحجبات ويفسح في المجال امام التمييز في المعاملة بين الطالبات. وفيما يرى بعض الاسلاميين في عودة الحجاب الى الجامعات انتصارا لهم، ولو بعد حين، على تسلط الجيش الذي ضغط على حكومة الاسلامي نجم الدين اربكان العام 1997 لحظر الحجاب في الجامعات، تخشى أوساط حزب العدالة والتنمية ان يفسد الحجاب شهر العسل الذي تعيشه مع الجيش عقب"تعاون بناء"في ملف التصدي لحزب العمال الكردستاني نهاية العام الماضي.