رعت الملكة رانيا وعبر الجمعية الملكية الأردنية تأسيس محمية "الشومري" في مدينة الأزرق الأردنية محافظة الزرقاء التي تضم حيوانات صحراوية في طور الانقراض، منها طيور النعام النادرة. ونظّمت الجمعية دورات تدريبية على تزيين بيض هذه الطيور، بغية تأمين مصدر عيش لسيدات وفتيات المنطقة. ومشغل"الحمود"هو أحد المشاغل الناشطة في هذه البلدة الصحراوية منذ ثلاث سنوات، حيث قام بتدريب حوالى 70 فتاة يمارسن مهنة النقش على البيض. لكن لماذا بيض النعام؟ يشرح مدير المشغل كمال الحمود أن حجم البيضة الكبير هو السبب."فطائر النعام يعطي أكبر بيضة لكائن طائر، ارتفاعها ما بين 15 و20 سنتيمتراً. كما أن صلابة البيضة التي توازي صلابة السيراميك، تجعلها تتحمل أكثر من غيرها"، ويضيف أن"طيور النعام ثلاثة أنواع، الزرقاء والحمراء والسوداء. وتعتبر الأخيرة أكثرها إنتاجاً، فهي تبيض ما بين 100 و120 بيضة سنوياً. لكننا نفضّل بيض النعام الأحمر الذي يبيض ما بين 30 الى 35 بيضة فقط، كونها ملساء وناعمة ومناسبة جداً للرسم والنقش بعكس بيض النعامة السوداء الخشنة". ويشير الحمود الى ضرورة فحص البيضة، فمنها ما يذهب إلى التفقيس والباقي يستخدم للرسم. فتُثقب من مؤخرتها بواسطة"الدريل"ويزال منها السائل وتنظف وتعالج بالمواد الكيماوية. وبعد ذلك يختار الرسم المناسب بحسب الطلب، حيث يخطّط بقلم رصاص أولاً قبل شروع الفتيات بالنقش الذي يضني ويوهن عيونهن، بسبب الدقة التي تتطلبها عملية إنجاز بيضة مرسومة. لذا فإن معظم المهتمين بالنقش على البيض هن من النساء بسبب صبرهن الذي يفوق صبر الرجال، بحسب الحمود. وتستخدم في عملية النقش الألوان الزيتية بواسطة الإبرة أو بريشة النعام نفسها. وعندما تنجز يوضع فوقها مثبت ألوان، ما يحافظ عليها خوفاً من تأثير العوامل المناخية. وهي مكفولة لمدة عشر سنوات بعيداً عن الكسر طبعاً، ويمكن للبيضة الملوّنة أن تكون هدية أبدية ترسم عليها الصورة التي تريدها. وينهض شاهداً على ذلك صمود بيضة كنيسة المهد رغم مرور آلاف السنين على وجودها. ويشدّد الحمود أن النقش على البيض عمل يدعم الحركة الاقتصادية والسياحية في مدينة الأزرق، المَوطن الأول للنعام في الأردن. ويقول أنه سيصار قريباً إلى إقامة جمعية للحرفيين اليدويين في الأزرق الشمالية، تضم الرسامين ونقّاشي البيض، إضافة الى نحاتي الحجر البركاني الأسود الذي يغطي أرض المدينة وقلعتها الأثرية القديمة التي تقام فيها المهرجانات الصيفية المتنوعة. ويبدو أن فكرة البيض"المنقوش"تعود إلى حقب تاريخية قديمة، خصوصاً إذا ما عدنا الى بيضة النعام المزينة بالخرائط والمعلّقة منذ قرون في"كنيسة المهد"في مدينة بيت لحم وهي ترمز إلى"ثبات"الكنيسة الراسخ على مدى العصور. ومن التراث الروسي القديم نقع على ولع القيصر ألكسندر الثالث بالبيض المزّين. ففي عيد الفصح مثلاً طلب صنع هدية لزوجته فكانت بيضة نعام ملوّنة ومرصعّة بالحجارة الكريمة وداخلها مجموعة من المفاجآت السارة، كما ذاع صيت نماذج أخرى أهمها شجرة"الكرملين".