عزا سياسيون وأكاديميون من البلدان الخمسة التي شكلت الاتحاد المغاربي في العام 1989 شلل مؤسساته إلى الخلافات الشخصية بين الزعماء المغاربيين، وحضوا النخب والقيادات السياسية على إنعاش الاتحاد واستعادة دوره المركزي في العلاقات مع التجمعات الإقليمية الأخرى. وقال وزراء سابقون وعمداء كليات وباحثون في ندوة"كلفة تأخير بناء المغرب العربي"التي أنهت أعمالها أمس في تونس، إن البلدان المغاربية تخسر سنوياً نقطة واحدة من نموها في الأقل بسبب تأخير التكامل بينها. وأقامت الندوة التي استمرت ثلاثة أيام مؤسسة التميمي للبحث العلمي ومؤسسة كونراد أديناور الألمانية. ورأى رئيس الوزراء التونسي السابق الهادي البكوش أن ذهنية القيادات تغيّرت بعدما"انتهت خطط الإساءة والاعتداء والتآمر ورضي الجميع بالحدود القائمة لبلادهم بعد مفاوضات صعبة، ولم يبق خلاف جوهري". وأكد أن لدى المغرب"اقتناع صادق بتفادي الحرب مع الأشقاء الجزائريين مثلما أن الجزائر ترفض إقحام أي جندي جزائري في حرب الصحراء". كذلك أشار إلى"زوال التحفظات والمخاوف التي كانت تُبديها أوروبا من قيام التكامل المغاربي، إذ هي باتت تخشى اليوم من انتشار الخصاصة والفقر في البلدان المغاربية كونهما يُؤديان إلى توتير الأوضاع الداخلية وينعكسان عليها سلباً". وعزا الأكاديمي المغربي محمد المالكي شلل المشروع المغاربي إلى كونه"ظل مرهوناً بإرادة أفراد حجبت عنهم هواجس الحكم ومتطلبات السلطة الطاقات الحيوية التي تزخر بها المنطقة"المغاربية. وانتقد"غياب ثقافة المسؤولية والمحاسبة لدى الأنظمة السياسية التي أدارت دفة الحكم منذ الاستقلال"، مُعتبراً أنه من"غير العقلاني أن تستمر الشعوب بدفع فاتورة تأخير بناء المغرب العربي". ورأى العميد السابق لكلية الحقوق في تونس صادق بلعيد أن البلدان المغاربية أخفقت في حل مشاكل الشباب وتأمين فرص عمل كافية له ما حمله على الحلم الدائم بالهجرة وبخاصة الأدمغة. وأيده الأمين العام السابق للاتحاد المغاربي مصطفى الفيلالي الذي قال إن بلدان الاتحاد تنفق أموالاً طائلة على تكوين العلماء لكن كثيراً منهم يُهاجرون لاحقاً إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا. وقدّر عدد الأطباء الجزائريين في المنطقة الباريسية وحدها بسبعة آلاف طبيب، أي ما يعادل ما تُخرّجه الجامعة الجزائرية من أطباء في خمس سنوات، على حد قوله. وأكد أن الأوضاع ستتغير"لو تعاطت الأنظمة السياسية بديموقراطية مع المجتمع المدني واتُخذت القرارات المغاربية بالأكثرية". وفي السياق نفسه أشار الفيلالي إلى أن أربعة بلدان مغاربية عدا موريتانيا أنفقت 44 بليوناً و137 مليون دولار على اقتناء أسلحة، من دون إعطاء تفاصيل. وقال إن هذه الأموال كان ممكناً توفيرها لبناء الجامعات والمستشفيات والمؤسسات الاقتصادية لتشغيل الشباب. أحكام على متشددين على صعيد آخر، رويترز قالت مصادر في جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان أمس السبت إن محكمة ابتدائية في تونس قضت بسجن خمسة شبان تونسيين ضمن سلسلة محاكمات تشمل عشرات الشبان. وقالت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، في بيان نشرته أمس، إن"الدائرة الجنائية الثانية في المحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي عبدالرزاق بن منى قضت بسجن خمسة متهمين بموجب قانون مكافحة الإرهاب". وأضافت أن القاضي وجه إلى الشبان تهم الانضمام إلى تنظيم إرهابي واستعمال أراضي الجمهورية لتكليف أشخاص بقصد ارتكاب أعمال إرهابية وقضت بسجن أربعة منهم لمدة عامين بينما نال الخامس حكماً بالسجن ثلاثة أعوام. وتبدي تونس، التي عكّر صفوها في اوائل العام الماضي تبادل نادر لاطلاق النار بين قوات الأمن واسلاميين سلفيين متطرفين أسفر عن مقتل 14 مسلحاً، صرامة واضحة ضد التطرف الإسلامي. وتنظر محكمة استئناف تونسية الثلثاء المقبل في طعون تقدم بها 30 اسلامياً نالوا أحكاماً بالإعدام والسجن المؤبد بتهم التآمر على أمن الدولة ومحاولة القيام بانقلاب عسكري.