وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يتوقع اجتياحاً تركياً لكردستان العراق في الربيع بتعاون أميركي وإسرائيلي . القيادي في "حزب العمال الكردستاني" جميل بايك : اميركا تجرّ تركيا الى مشاريعها وعلى طالباني وبازراني رفض تعبيد طريقهما إلى أنقرة بجثثنا
نشر في الحياة يوم 10 - 02 - 2008

هو أحد الأعضاء الخمسة في الخليَّة الأيديولوجيَّة الأولى الذين شاركوا عبدالله أوجلان، في وضع المبادئ الأوليَّة لحزب العمال الكردستاني مطلع السبعينات، وحضر المؤتمر التأسيسي للحزب عام 1978. موضع ثقة أوجلان، هادئ، متواضع، لا تستهويه الأضواء واللقاءات الصحافية. بعد اختطاف أوجلان، كان من الذين وقع عليهم ثقل إدارة الحزب. فوقف بعناد في وجهة نزعات داخليَّة كانت تهدف إلى تمييع الحزب. إنه عضو اللجنة القيادية لحزب العمال الكردستاني، جميل بايك، الذي يناديه الرفاق ضمن صفوفهم بالرفيق"جمعة". وسط معمعة الحرب، والهجمات الجويَّة التركيَّة ومخاطرها، وبعد اتصالات معقَّدة، لأنه على رأس قيادات الكردستاني المستهدفة إقليميَّاً ودوليَّاً، وصلت"الحياة"إليه في جبال قنديل، وكان الحوار التالي:
بعد الاتفاق التركي - الأميركي، حدث الهجوم الجوي عليكم ؟
- منذ أعوام تحاول تركيا ربط وجودنا في المناطق الحدوديَّة العراقيَّة - التركيَّة بعدم شنّ اميركا عمليات عسكريَّة ضدَّنا، وتحرِّض الرأي العام التركي على الولايات المتحدة، لتبرير فشلها في مواجهتنا داخل الأراضي التركيَّة. وتحاول اميركا الاستفادة مما تعاني تركيا من صعوبات ومآزق تجاهنا. ومعروف ما تعاني اميركا أيضاً من حرج في العراق والشرق الأوسط. لذا، رأت جعل تركيا أكثر مواءمة مع سياساتها، وتحويلها مع العراق محوراً لمخططاتها في الشرق الأوسط إلى جانب إسرائيل. وسيكون هناك مكان للإدارة الفيدراليَّة الكردستانيَّة العراقيَّة في هذا التحالف. وترى الولايات المتحدة أنها من خلال إنشاء مركز قوي من هذا النوع، سيسهل عليها فرض مشاريعها في الشرق الأوسط، وتجاوز العائق الإيراني. سمحت الولايات المتحدة لتركيا بتنفيذ الهجمات الجويَّة علينا، وأعلنت عداءها لحزب العمال الكردستاني في شكل صريح، لتجرّ تركيا إلى مشاريعها ومخططاتها. قبل ذلك، أوقعت تركيا في حالة من الارتباك، لأنها أوجدت لديها إحساساً بأنه سيتم تركها خارج توازنات المنطقة، وبفتح أميركا المجال الجوي العراقي لها، تمكَّنت من جرّ تركيا، إلى خطَّها السياسي. إذاً، المحور العراقي ? التركي سيتطور، وسيتم استخدامه قوة ضغط سياسي، وربما عسكري على بعض الدول، وفي مقدمها ايران. وبعد لقاء بوش - أردوغان، ترك العداء لأميركا في تركيا مكانه لعبارات التعاون والتحالف الاستراتيجي. ومدح رئيس الأركان التركي الولايات المتحدة على تعاونها ومواقفها بعد تلك الهجمات. وبالتالي، على رغم مواقفنا ومطالبنا المعقولة والمعتدلة، تسعى تركيا الى تصفية حركتنا بالاعتماد على الدعم الأميركي، وهذا يعني افتقارها لأيّ مشروع حلّ للقضيَّة الكرديَّة. بينما تهدف الولايات المتحدة من خلال إعلان العداء لحزبنا الى استخدام تركيا، بما يتوافق وسياساتها في المنطقة. ويشير ذلك إلى لا أخلاقية العلاقات والسياسات التركيَّة - الأميركية في ما يتعلَّق بالقضيَّة الكرديَّة في تركيا.
لماذا تستمر أميركا والاتحاد الأوروبي في دعم تركيا ضدكم؟
- إن أسباب وقوف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب تركيا في حربها ضد حزب العمال الكردستاني، هي في عدم رغبتها في ايجاد حلّ للقضيَّة الكرديَّة في تركيا. قائدنا أوجلان، وصف هذه السياسة بعبارة:"يقولون للأرنب أهرب ولكلب الصيد امسكه". لأنه سيكون من السهولة بمكان لهذه القوى أن تستخدم تركيا لأغراضها السياسية، طالما بقيت القضيَّة الكرديَّة عالقة دون حل. وبإصرار تركيا على السياسة الانكاريَّة ? الشوفينيَّة تتحول، من طوعياً إلى جزء من هذه اللعبة. وبدلاً من أن تحل القضيَّة الكرديَّة، وتتحوَّل تركيا إلى بلد ديموقراطي له تأثيره ووزنه في المنطقة، تفضِّل أن تكون دولة ذيلية تابعة، لسان حالها الأزمات والاستنزاف الداخلي.
ألا يوثِّر القصف الجوي، والتعاون الاستخباراتي التركي - الأميركي على أدائكم؟
- تركيا كانت تقوم بذلك، حتى قبل عام 1999، في الساعة التي تريدها. وأضيف إلى ذلك، الحصول على المعلومة الاستخبارية، عبر استخدام التقنية الأميركية المتطوّرة. توجد هذه المعلومات الاستخباراتية لنا بعض الإرباكات، كونها توفر للطائرات امكانيَّة توجيه ضربات مؤثرة نوعاً ما. علماً، أن هذا التعاون الاستخباراتي الأميركي ليس وليد الساعة، بل كان كذلك طيلة فترة الصراع. وإن فقدان 14 من مقاتلينا في محافظة"موش"في شمال كردستان، عام 2006، كان نتيجة للمعلومات التي أعطاها الاميركيون للجيش التركي. هم يدركون بأنه من غير الممكن شلّ تأثيرنا من خلال هذه الهجمات الجوية. فقد ازدادت تدابيرنا في مجال التمركز والتخندق والحركة، قبل هذه الهجمات وبعدها. قواتنا الموجودة داخل الحدود التركية، في شمال كردستان، حيث العمليات العسكريَّة المستمرَّة، وبما يتناسب مع ظروف الحرب، تكون في وضعيَّة استعداد قتالي وتحرك مستمرّ. لا شكّ، أننا لن نتمكَّن من القيام ببعض أعمالنا بالوتيرة السابقة ذاتها. على سبيل المثال، سوف لن تكون فعاليات الإعلام والثقافة بالكثافة السابقة ذاتها في الجبال، وسيقلّ عدد الدورات التدريبية. لمصلحة زيادة التدابير الاحترازية والحيطة والحذر. بتلك الهجمات الجويَّة، تمهِّد تركيا لاجتياح المنطقة في الربيع المقبل، وسيكون الدور الأميركي - الإسرائيلي فاعلاً ونشطاً في هذا الاجتياح. وأيَّاًَ تكن الظروف، فإننا نملك التجارب والمرونة الكافية للقيام بمهامنا. لأننا نخوض حرباً مستمرة منذ 25 سنة وفي أصعب الظروف.
ما هي أسباب العداء الذي تكنُّه اميركا وإسرائيل لكم؟، ولماذا سمحت الولايات المتحدة لإيران بأن تهاجمكم؟
- الولايات المتحدة واسرائيل لم تكونا يوماً صديقتين للشعب الكردي عموماً، وحزب العمال الكردستاني خصوصاً. ونهجنا ومفاهيمنا وأساليبنا النضاليَّة لم تدخلنا يوماً في مواجهة ميدانيَّة مفتوحة مع هذه الدول. وإذا أخذتم الدعم السياسي والعسكري والاستخباري والتقني لتركيا ضدنا، ستعرفون بأن أميركا وإسرائيل لم تقفا يوماً مع حزب العمال الكردستاني. إننا نعمل على أن تكون الحرب مع الجيش التركي وحده، حتى بعد أن قامت اميركا وإسرائيل باختطاف قائدنا أوجلان وسلَّمته لتركيا. الضغط الذي يتعرَّض له قائدنا اليوم في سجنه الانفرادي، أيضاً تقف خلفه اميركا. والصمت الدولي عن حالته الصحيَّة المتدهورة بعد عملية التسميم التي تعرَّض لها، تقف وراءه أميركا. ويرى شعبنا أن المسؤوليَّة الأساسيَّة في ذلك، تتحملها اميركا والاتحاد الأوروبي. المصالح السياسية هي التي جعلت الولايات المتحدة تعلن حزب العمال الكردستاني عدواً. فإذا كان PKK هو العدو المشترك لأميركا وتركيا، على تركيا أيضاً أن تعلن أعداء اميركا، أعداءً لها. ولا مناص أمام تركيا غير ذلك، ولو في شكل غير مباشر، أو بالتدريج. يعني، قائمة أعداء اميركا وإسرائيل التي تضم"حماس وحزب الله وإيران..."، يفترض أن تصبح قائمة اعداء تركيا أيضاً. نحن لا نعادي اميركا وإسرائيل، ولا توجد صداقة بيننا، وقد أعلنا ذلك في الكثير من المناسبات. وعلى رغم سياساتهما العدائية تجاهنا، إلا أننا لم نتخذ موقف مواجهة ميدانيَّة معهم. وأوضحنا دوماً اختلافنا مع هاتين الدولتين على الصعد الايديولوجيَّة والسياسيَّة، وننتقد دوماً سياساتهما، ولم يتعد نشاطنا ضد إسرائيل واميركا ردَّ الفعل الديموقراطي السلمي. الغريب في الأمر، أنه في اليوم ذاته الذي تمَّت فيه عملية القصف الجوي التركي، قامت المدفعيَّة الإيرانيَّة بقصف مواقعنا أيضاً. كانت المدفعيَّة الإيرانيَّة تقصف مواقعنا في السابق، ولكن التزامن في العملية الأخيرة، له فحوى سياسي، يتعلَّق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، ولو في شكل غير مباشر. إن إيران قامت بذلك، لمعرفتها بأن أميركا لن تعترض. وبعدم إظهارها أي رد فعل سلبي إزاء الهجمات الإيرانيَّة على الأراضي العراقيَّة، أعطت اميركا رسالة مفادها، الرغبة في الحصول على الدعم الإيراني في العراق، وممارسة سياسة قذرة على حساب العمال الكردستاني.
استهداف مصالح اميركا وإسرائيل
مع كشفكم الدور الأميركي والإسرائيلي في الهجمات الأخيرة عليكم، هل تفكرون في استهداف المصالح الأميركية والإسرائيليَّة؟
- الشعب الكردي واجه سياسة أميركا العدائيَّة تجاهنا، وفتحها المجال الجوي العراقي أمام تركيا، بردود أفعال غاضبة. وعلى رغم عدم حدوث أي عمليات تستهدف المصالح الأميركية، إلا أن ازاء سياسة التضحية بحركتنا على مذبح فرض المزيد من التبعيَّة على تركيا، لا يمكن ضبط ردود فعل الشعب الكردي الى ما لا نهاية. هذه السياسة القذرة، تعيد للأذهان الدور الأميركي - الإسرائيلي في أسر قائدنا. سنستمرّ في انتقاد السياسة الأميركية، ونظهر ردود أفعالنا سلمياً وديموقراطياً حيالها، وسنحض شعبنا على أن يكون يقظاً وحذراً إزاءها، ولا نفكِّر باستهداف المصالح الأميركية، ولم نتخذ مثل هذه المواقف حتى الآن، ولا نتمنَّى أن تجبرنا اميركا وإسرائيل على ذلك. فلسنا عاجزين عن الرد، ولا نفتقر إلى البدائل والخيارات المناسبة، إذا ما انتقل العداء الأميركي من الأقوال إلى الأفعال، حينها، سنكون مضطرين، ولحماية وجودنا، أن نتخذ مواقف سياسيَّة وعمليَّة من شأنها إحراج أميركا. إننا نناضل على أساس الدفاع المشروع ضد القوى التي تقوم مباشرة بممارسة الضغط على الهوية الوطنية لشعبنا ولغته وثقافته وحقه الحر في التنظيم. نأمل بأن تتراجع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن اعتبار حزبنا حركة إرهابيَّة، لأن من شأن ذلك دفع تركيا نحو تصعيد الحرب. ننتظر من هذه الدول اتباع سياسات تساعد تركيا على ايجاد حل للقضيَّة الكرديَّة.
الإعلام التركي قال إنكم تكبَّدتم خسائر فادحة؟
- الإعلام التركي يقول هذا منذ 25 سنة، وأعتقد بأن هذه المدة كافية لأن نعرف صدقية وشفافيَّة الإعلام التركي!. بدلاً من إحصاء عدد القتلى والخسائر، ينبغي أن يفِّكر الإعلام التركي في كيفية إيقاف الحرب. كنا ننتظر، ومنذ أشهر حدوث هذه الهجمات، فتركنا أماكن تمركزنا السابقة، وكنا محتاطين جداً. وكانت خسائرنا سبعة شهداء، 5 مقاتلين في الدفاع الجوي، ومقاتلة تعمل في السلك الصحي، ومقاتل جريح، كان يتقلى علاجه في إحد المشافي الميدانيَّة. لكن، خسائر القرويين كانت فادحة، شهيدتان وجرحى، وهدم بيوت ومدارس ومستوصفات ومقابر الشهداء ودور العبادة، وتلف مزارع، ونفوق ماشية وحيوانات... وما شابه. وسائل الإعلام المرئيَّة في تركيا عرضت تلك المدراس المهدمة على أنها معسكراتنا. إن إدعاءات الدولة التركيَّة التي تتحدث عن مقتل المئات منَّا، وتفجير مخازن الأسلحة والذخيرة، عارية عن الصحة.
زار عبدالله غول الولايات المتحدة، ووصف جورج بوش حزبكم بأنه عدو كل المحبين للسلام؟
- في ما يتعلَّق ب PKK، في لقاء بوش وغول، لم يختلف الوضع عن لقاء أردوغان وبوش. تمَّ تكرار ما قيل لأردوغان. نفهم من هذه الزيارة، التأكيد على تنفيذ الوعود التي قطعتها الولايات المتحدة على نفسها. اميركا دعمت صدام 35 سنة، ودعمت طالبان والقاعدة وتدعم تركيا والكثير من النظم التوتاليتارية الشرق أوسطيَّة، أنظر الى ما تفعله اميركا في العراق، فمن منَّا عدو لمحبي السلام!؟. واشنطن تضحك على أنقرة بهذه العبارات، وستجرُّها الى المستنقع العراقي في الربيع القادم، وستكون تل أبيب على خط المواجهة مع أنقرة ضدنا، وستكون حرباً كارثية، لا نتمناها لتركيا. بعد لقاء بوش ? غول، من المنتظر أن تصعِّد تركيا من ضغطها على إيران. عملاً بمبدأ: عدو اميركا هو عدو تركيا. وأن إدعاء تركيا بأنها لم تعطِ شيئاً للولايات المتحدة مقابل إعلانها ال PKK عدواً، غير صحيح البتة، وهو خداع للرأي العام. وقد وعد غول بتقديم الدعم لسياسات بوش في المنطقة، وستتخلَّى تركيا عن"حماس"، وستحض الدول العربيَّة والفلسطينيين على القبول بالمصالحة مع اسرائيل. إن الدور الذي تبنَّاه غول يتضمن الانحياز والتبعيَّة لإسرائيل واميركا، بدلاً من إقامة علاقات تتصف بالتوازن والنديَّة والكرامة. إن هذه السياسة تعمل على ترويض العالم الاسلامي بدلاً من إكسابه قوة التجدد والتحول الديموقراطي.
القوى الكرديَّة العراقيَّة ضربت حصاراً خانقاً عليكم، كيف تؤمنِّون الأسلحة والاحتياجات اللوجستية؟
- يمتد وجودنا في هذه الجغرفيا الى أكثر من 25 سنة. وأن تبقى هذه المدة في منطقة ما، يعني أن تصبح جزءاً منها. في العقد الأخير من القرن الماضي، حاربتنا تركيا والقوى الكرديَّة مباشرة، ولم تكن معارك بسيطة، بل راح ضحيتها الآلاف، حتى في تلك الظروف، لم نعانِِ مشاكل تأمين الذخيرة والغذاء. الشرق الأوسط ما زال يشهد الصدامات المسلحة، وهناك العديد من بؤر التوتر فيه. هذا الوضع، يجعل من المنطقة مخزناً للذخيرة والأسلحة. وهي أكثر مناطق العالم، تجارة بالأسلحة. وبالتالي، لا يمكن الحديث حول شحَّها هنا، إن توفَّر المال اللازم لشرائها. وإذا أمكنك دفع 200 أو 300 دولار لشراء سلاح قيمته 100 دولار، حينها بمقدورك شراؤه، حتى من القوى التي تحاربها. شعبنا الكردي هو المخزون البشري والمادي والمعنوي الذي يمدُّنا بالمقاتلين والسلاح والغذاء طيلة الخمس وعشرين سنة الماضية من نضالنا. وإن أرادوا منع السلاح والغذاء والمقاتلين عنا، أمامهم سبيلان: إما حلُّ القضيَّة الكرديَّة سلميَّاً وديموقراطيَّاً، أو إبادة أربعين مليون كردي. لن يبخل شعبنا في سبيل حريته وكرامته وحقوقه العادلة في تعبئة جيش تعداده عشرة آلاف وتغذيته. فضلاً عن كون حركتنا، كبرت وأحيت نفسها في أصعب الظروف بالاعتماد على الذات. لا السوفيات دعمونا، ولا أميركا، ولا الدول الإقليمية، وبقيت جذورنا ضاربة في وعي الشعب الكردي ووجدانه وجباله، على رغم كل المؤامرات والمخططات التي كانت وما زالت تستهدفنا. سياستنا مستقلة، لأن اقتصادنا مستقل. لذا، لسنا ثورة تنهار، وتلقي السلاح، بمجرد عقد صفقة أو اتفاقية بين هذا الطرف أو ذاك، كاتفاقية الجزائر.
الحرب في عمق تركيا
هددتم أكثر من مرة بإيصال الحرب الى العمق التركي؟
- تركيا هي التي أعلنتها حرباً شاملة علينا، على رغم جهودنا السلميَّة ومطالبنا المعقولة لإيجاد حلّ للقضيَّة الكرديَّة. ظناً منها بأن، عبر الدعم الأميركي - الإسرائيلي لها، ستكون قادرة على تصفيتنا، لذا، تتهرَّب من الحلِّ السلمي. ويبدو أن المعارك ستشهد تصعيداً في الأشهر القادمة. ولإنهائنا، ستستخدم تركيا كل ما لديها من إمكانات، ونحن بدورنا سنضع في جدول أعمالنا نضالاً متعدد الأبعاد، ولن يقتصر على المناطق الجبليَّة، وسيشمل الأهداف العسكريَّة والاقتصاديَّة في المدن الكبرى أيضاً. أكدنا مراراً، أن عملياتنا لن تستهدف المدنيين، لمبدأ نؤمن به، فضلاً عن تعهدنا التقيّد بمواثيق جنيف في الحرب، وتعهَّدنا عدم استخدام الألغام المضادة للأفراد، وسنقتصر على تلك التي تستهدف الوسائط العسكريَّة. واتفقنا على هذه المواضيع مع المؤسَّسات المعنيَّة في الأمم المتحدة. قطاع السياحة سيكون من أهدافنا، لأنه عصب الاقتصاد التركي، ويمول الحرب. دوماً وجهنا نداءات مطالبة بعدم المجيء إلى تركيا للسياحة. تزايد عمليات كهذه، منوط بتصاعد حدة المعارك وإصرار تركيا على حرب الإبادة ضدنا. وبالتالي، فإن ذهاب السياح إلى تركيا سيعرض حياتهم للخطر. رغبتنا هي أن تقف الحرب اليوم قبل الغد، ويحلَّ السلام. وإن أصرَّت تركيا على خيار الحرب، فلتدفع الثمن، وتتحمَّل المسؤوليَّة.
أصدرتم قبل فترة مشروعكم لحل القضيَّة الكرديَّة في شكل ديموقراطي ونزع سلاحكم؟
- هذه ليست مبادرتنا الأولى، لحقن الدماء وإيقاف الحرب. فقد سبقتها أخرى. ولقد تضمن المشروع الأخير المطالب الآتية: الاعتراف الدستوري بالهويَّة الكرديَّة. التعليم باللغة الكردية. إزالة العوائق أمام تطور الثقافة الكرديَّة. حرية العمل السياسي الكردي، وتوسيع إطار صلاحيات الإدارات المحليَّة. حلّ ميشليا المرتزقة"حماة القرى"التي تحولت إلى عصابات تمارس السطو على الناس. في هذا الإعلان، لم نطالب بالفيدرالية أو الحكم الذاتي أو رسم حدود، بل طالبنا بالحقوق الطبيعية الدنيا للكرد كشعب في المناطق التي يوجد فيها. وهذه المطالب تنسجم مع المواثيق والعهود الدوليَّة المعنيَّة بحقوق الإنسان، والتي وقعت تركيا عليها. لكن، الديموقراطيَّة والعلمانيَّة المزعومتين في تركيا ترفضان هذه الحقوق.
دور كردستان العراق
ما هو مستوى علاقاتكم بأحزاب كردستان العراق، بعد تصريحاتها الأخيرة؟ وهل تتوقعون أن تعلب دوراً إيجابياً بينكم وبين تركيا واميركا والاتحاد الأوروبي؟
- كانت تصريحاتها، بالنسبة إلينا والى الشعب الكردي عموماً، إيجابية قبل لقاء بوش - أردوغان. وبعد اللقاء أظهرت مواقف وتصريحات سلبية للغاية. إن مواقفهم السلبيَّة تلك، تشجع تركيا على المضي في اللا حل. تركيا تتوهَّم أنها قادرة على شلَّنا وتصفيتنا، إذا تمكَّنت من إثارة أحد الأطراف الكرديَّة العراقيَّة ضدنا. ولهذا، تعمل على جرّ بعض الأطراف الكرديَّة لمواجهتنا، داخل تركيا وخارجها. إذا نجحت في ذلك، فإنها ستقول للرأي العام التركي والعالمي:"انظروا، إن الكرد أيضاً هم ضد PKK"، وبذا، ستملك عاملاً كردياً مساعداً في حربها ضدنا. من جانبنا، نسعى الى أمتن العلاقات مع الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. في علاقاتنا مع هذه القوى، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، نعمل على أساس إرادتنا السياسيَّة الحرة. أمَّا هم، فيأخذون في علاقاتهم معنا مواقف القوى الأخرى في الاعتبار، ما يؤدي إلى عدم توافر أرضيَّة مستقرَّة لهذه العلاقات. تصريحات طالباني الأخيرة، والتي أرضت تركيا، ومساندته السياسة التركيَّة الهادفة إلى تصفيتنا، أحدثت فتوراً في علاقاتنا مع الاتحاد الوطني الكردستاني. تصريحات الحزب الديموقراطي الكردستاني التي أعقبت لقاء بوش ? أردوغان أيضاً، من النوع الذي لا يمكن القبول به. ولكننا نقوّم ايجاباً ردود الأفعال التي أظهرها الحزب الديموقراطي الكردستاني بعد القصف الذي تسبب في مقتل المدنيين، ورفضه وصفنا بالإرهاب. وعلى رغم ضغوطاتهم، وقرار الحصار الإعلامي واللوجستني علينا، نزولاً عند رغبة تركيا وأوامر أميركا، إلا أننا نتعاطى بمسؤوليَّة، ونعمل على إقامة علاقات جيدة معهم، ونحرص على ألاَّ تتعرَّض هذه العلاقات إلى التخريب، وتصل لدرجة المواجهات المسلحة، ونتحرك بما يتوافق والمصالح العاليا للشعب الكردي على أساس سياسة وطنيَّة ديموقراطيَّة. قضيتنا عادلة، ونحن قادرون على التعامل مع الجميع، ولا نحتاج إلى وسطاء لإقامة علاقات، لا مع اميركا، ولا مع الاتحاد الأوروبي. ولم نكن يوماً الطرف الذي يصنع المشاكل. نطالب بحقوقنا الديموقراطيَّة الاساسيَّة، ولا نجري وراء السلطة والثروة. نحن طلاَّب حرية وعدالة وحياة كريمة، ضمن دولة ديموقراطيَّة، تحفظ للكرد حقوقهم، ولن نتنازل عن هذه الحقوق، أمام أيَّة قوة، مهما كانت. وإن كان هذا إرهاباً، فنحن فخورون به. تركيا ستغزو كردستان العراق في الربيع، بدعم أميركي - إسرائيلي. يفترض أن تقف الأحزاب الكرديَّة في مواجهة أيّ اعتداء على أراضيها ومواطنيها وسيادتها. لا نطالب أحزاب كردستان العراق بدعمنا، والوقوف في وجه الغزو المحتمل، لكن نأمل بألا تكون شريكة في هذا الغزو. وعلى الرئيسين طالباني وبارزاني ألا يقبلا أن يكون طريقهما إلى أنقرة معبَّداً بجثثنا، لأن التاريخ لن يغفر لمن يفعل ذلك.
ماذا تنتظرون من المثقفين والإعلاميين العرب؟
- ثمة روابط تاريخية قوية بين حركتنا والشعب العربي. ولن ننسى أبداً الدعم الذي قدمته الحركة الثورية الفلسطينية لنا. وإبان الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982 استشهد 13 من رفاقنا بعد مقاومة عظيمة في مواجهة الجيش الاسرائيلي في قلعة شقيف. لسنين خلت، كنا جنباً إلى جنب مع الشعوب الفلسطينيَّة واللبنانيَّة والسوريَّة. إضافة إلى النضال المشترك، هناك الحاضر والتاريخ والمصير والذكريات والعواطف المشتركة. قائدنا أوجلان بقي هناك نحو 20 سنة، وقد تعرف عليه الكثير من المثقفين والكتَّاب العرب، وعرفوا أفكاره وشخصيته من قرب. ونؤمن بأن العلاقات التي أقامها قائدنا مع الكتاب والمثقفين ستتحول إلى حجر الزاوية لإقامة علاقات أجمل وأفضل مع المجتمع العربي. وما زلنا مؤمنين بأن الإرث الذي تركه كل من الرئيس الراحل حافظ الأسد وقائدنا، في العلاقة الكردية - العربية، لن تتأثَّر بالمواقف والممارسات والسياسات السلبيَّة الحالية في الأعوام الأخيرة، والهادفة إلى إرضاء تركيا. للأسف، بعض النخب الثقافيَّة والسياسيَّة العربيَّة مخدوعة ومنبهرة بالنموذج التركي، علمانياً وإسلاميَّاً، وبعض المحطات الفضائيَّة تشرب من ساقية الإعلام التركي، لدرجة اننا نلاحظ تغييباً واضحاً لوجهة نظرنا حيال ما يجرى في تركيا، إلا أن أداء جريدة"الحياة"التي نتابعها عن كثب، يعطي أنموذجاً معقولاً ومعتدلاً وإيجابيَّاً لطرح كل الآراء. وعبركم، نقول: إن حلاً ديموقراطياً للقضيَّة الكرديَّة سيجلب معه حلاً للعديد من القضايا الشرق أوسطيَّة العالقة، وسيعزز الحراك الديموقراطي في المنطقة. إن حل القضيَّة الكرديَّة على أساس أخوة الشعوب، سيسرِّع عملية التحوّل الديموقراطي في الشرق الأوسط. تركيا تعوِّق حلّ القضيَّة الكرديَّة في الدول الأخرى أيضاً، وتدعم نظمها الاستبدادية. وإذا تمكَّنت تركيا من ايجاد حلّ للقضيَّة الكرديَّة على أسس ديموقراطيَّة، حينها ستتخلَّى عن الذهنية الشوفينية القومية الاستعلائية في التعاطي مع الشعوب الأخرى. ونأمل من الإعلام والنخب العربيَّة بألا ينجرُّوا الى الأضاليل وحملات التشويه والتزوير التي تشنُّها الحكومة والمؤسسة العسكريَّة التركيَّة ضدنا، وندعوها الى زيارتنا، كلما سنحت الفرصة، للاطلاع على حقائق الحرب القذرة التي تشنها تركيا علينا وعلى شعبنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.