صور ويافطات الدعايات الانتخابية في مدن جنوبالعراق تعكس حرص المرشحين على اظهار استقلاليتهم الحزبية وعدم انتمائهم الى الاحزاب الدينية التقليدية في المدينة، لكن الأهالي ومنظمات مستقلة يؤكدون في المقابل أن كثيراً من المرشحين من أعضاء الاحزاب المعروفة اختاروا الترشح بعنوان"مرشح مستقل"كتكتيك انتخابي لأحزابهم. وتؤكد مديرة مؤسسة حلول لتقويم المهارات وفض النزاعات في مدينة بابل، سارة مراد ل"الحياة"أن"استطلاعات أجرتها المؤسسة اظهرت تخلي كثير من المرشحين في دعاياتهم الانتخابية خلال هذه الدورة الانتخابية عن أسماء الأحزاب التي كانوا ينتمون إليها والاكتفاء بعبارة مرشح مستقل". وتضيف أن"المرشحين ومن خلال احتكاكهم بالشارع العراقي لمسوا استياء الأهالي من التجارب الحزبية والتخندقات الطائفية التي لم تنجح معظمها في مهماتها". وتكمل أن"الجميع يلعب اليوم على وتيرة الاستقلالية لكسب رضا الشارع". سليم جبك أحد المرشحين السابقين عن قائمة"حزب الله العراق"بزعامة عضو مجلس الحكم السابق الشيخ عبدالكريم المحمداوي كتب على صور دعايته الانتخابية ويافطاتها عبارة"مرشح مستقل"من دون الاشارة الى الجهة السياسية التي كان ينتمي اليها قبل أشهر قليلة من الانتخابات على الأقل. يقول سليم:"أنا رجل مستقل ولم أنتم إلى أي حزب سياسي، لكنني رشحت سابقاً على قائمة حزب باتفاق مع رئيس القائمة مع تأكيد استقلاليتي". ويضيف أن"الشارع العراقي ومن خلال دورتين انتخابيتين، تساوره الشكوك حول الأحزاب بشتى توجهاتها. ونستطيع أن نلمس أن الأهالي يفضلون المرشحين المستقلين والتكنوقراط". رئيس قائمة"النخب المستقلة"في النجف حسين محيي الدين يتهم الاحزاب وبخاصة الاسلامية منها بسرقة مشروع الوسط المستقل الدعائي والالتفاف على رغبات الشارع. يقول ل"الحياة"إن"الأحزاب الدينية تشعر بالخوف من متغيرات الشارع العراقي التي رصدت فشل تجربة الاحزاب الاسلامية في العراق". محيي الدين يشير أيضاً الى أن مرشحين ينتمون الى"المجلس الاسلامي الاعلى"و"منظمة بدر"رُشحوا باسم مستقلين في قائمة"شهيد المحراب"، مثلما رُشح عشرات من أعضاء التيار الصدري بدورهم تحت عناوين مستقلة مثل قائمة"الأحرار"و"البناء والاستقلال". وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أعلن براءته من ست قوائم انتخابية قالت في دعايتها الانتخابية إنها تتلقى الدعم منه، فيما بدت المرجعية الشيعية في النجف أشد تمسكاً هذه المرة بإفشال أي محاولة لتضليل الشارع العراقي عبر استخدام اسم المرجعية في الدعاية الانتخابية. ويؤكد محيي الدين أن"الأحزاب شعرت بالافلاس فسرقت الدعايات الانتخابية للقوائم المستقلة والتكنوقراط". وعلى رغم التفاؤل الذي يبديه المرشحون المستقلون وأيضاً المرشحون تحت يافطات الاحزاب الوطنية بعد انسحاب بعضهم من الاحزاب الاسلامية التقليدية، إلا أن الاحزاب الاسلامية تؤكد بدورها أن الخريطة السياسية في جنوبالعراق لن تتغير في شكل كبير في انتخابات المحافظات، إذ أن نضوج الاحزاب الاسلامية وتجربتها لا يزالان واضحين، وهي بالتالي قادرة على اكتساح الاحزاب الجديدة. وكان زعيم كتلة"الائتلاف"الشيعية في البرلمان الشيخ جلال الدين الصغير أكد ل"الحياة"أن الأحزاب التقليدية ما زالت تمتلك قاعدة شعبية عريضة، ولن تتأثر مواقعها كثيراً خلال الانتخابات المقبلة. واللافت أن قائمة المرشحين للانتخابات حملت هذا العام شريحة واسعة من الشباب بعضهم لم يتجاوز 25 عاماً. يقول المحامي ناطق النعمة في النجف ل"الحياة"إن"الشباب هذه المرة وبخاصة الذين يعملون في المجال التجاري صار لهم دور واسع في السباق الانتخابي". ويضيف أن"بعض المرشحين يستخدم الانتخابات كعملية تجارية قابلة للربح والخسارة، ما استقطب كثيراً من الشباب". وزاد أن"مثال الانتخابات السابقة التي قفز من خلالها أفراد من الطبقات المسحوقة ليصبحوا في غضون سنوات قليلة من أصحاب رؤوس الأموال كان دافعاً لكثيرين لتجربة حظوظهم". نشر في العدد: 16701 ت.م: 25-12-2008 ص: 8 ط: الرياض