على رغم أن النجف، حيث مقر المرجعية الشيعية تعد مركزاً تقليدياً للأحزاب والحركات الاسلامية في العراق، فإن تيارات وحركات ليبرالية وعلمانية تشق طريقها في المدينة المؤثرة في القرار السياسي. وشهدت النجف خلال الأشهر الماضية حراكاً واسعاً لحركات وتيارات تنتقد تجربة الأحزاب الاسلامية في الحكم، وتستعد للفوز في انتخابات المحافظات. وقال عماد محيي الدين، من كتلة"الكفاءات"التي يتزعمها الناطق باسم الحكومة علي الدباغ ل"الحياة"ان"القوى الليبرالية والأحزاب العلمانية في النجف تتكون من طيف واسع". وأوضح ان"التيارات العلمانية لديها رصيد شعبي وامتداد تنظيمي يؤمن لها موقعاً مؤثراً في الخريطة السياسية العراقية". وزاد ان"الليبراليين أتاحوا الفرصة الكافية لصعود الإسلاميين الى الحكم خلال السنوات الماضية، لكن الواقع تغير اليوم، فأهالي الجنوب مقبلون على مناهج الأحزاب الليبرالية". وأكد محيي الدين ان"الانقلاب الديموقراطي في العراق سيبدأ من النجف، العاصمة الإسلامية للشيعة، لأننا على قناعة كاملة بأن الشعب تغيرت أفكاره وصار يحلم بحكومة يقودها أكفاء ومخلصون". وكانت الخريطة السياسية في النجف تقودها وتتنافس على النفوذ فيها أحزاب دينية يتقدمها"المجلس الاسلامي الاعلى"وتيار الصدر وحزب"الدعوة"بفروعه المختلفة، وحزب"الفضيلة"مع وجود ضعيف لأحزاب يسارية وعلمانية مثل الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني والقائمة العراقية وحزب"الأمة". وشهدت الانتخابات العامة عام 2005 فوز الاحزاب الاسلامية بخلاف ظاهرة بدت في وقتها استثنائية بفوز زعيم حزب"الامة"مثال الالوسي ذي الطروحات العلمانية. وأكد فاضل سعد بلال، من الحزب الشيوعي، مكتب النجف ل"الحياة"ان"أهالي النجف معروفون بتنوعهم الثقافي وإلمامهم بالأدب والشعر واهتمامهم بالسياسة، والحزب الشيوعي كان موجوداً في المدينة منذ تأسيسه حتى اليوم". واضاف أن"استخدام الرموز الدينية واثارة المشاعر لضمان الفوز في الانتخابات نهج استخدمته الأحزاب الاسلامية سابقاً، لكنه لم يعد صالحا لهذه المرحلة، فالأهالي أصبحوا أكثر وعياً". الأهمية السياسية للنجف دفعت معظم الاحزاب الى افتتاح مكاتب فيها، فعلى رغم عدم وجود نسبة كبيرة من الأكراد في المدينة فإن الحزبين الكرديين الرئيسيين"الديموقراطي الكردستاني"بزعامة مسعود بارزاني و"الاتحاد الوطني الكردستاني"بزعامة الرئيس جلال طالباني"افتتحا مكاتب هنا، بالاضافة الى أحزاب كردية أخرى مثل الحزب الإسلامي الكردستاني، والحزب الشيوعي الكردستاني". والى جانب الأحزاب القومية العربية الموجودة في المدينة منذ عام 2003، كالحركة الاشتراكية العربية والحزب القومي الناصري، ففي المدينة ايضا أحزاب تركمانية مثل"الحركة الاسلامية التركمانية". وأكد جلال نادر مدير مكتب الحركة التركمانية في النجف ان"حركته تدرك ان ليس لها رصيد جماهيري في النجف لكنها تريد ان يكون لها صوت يصل الى المرجعية الدينية والى الاحزاب الاسلامية الاخرى". ويتخوف العلمانيون والقوميون من اعتماد الاحزاب الاسلامية الاسلوب ذاته في الترويج لحملاتها الانتخابية عبر استثمار الرموز الدينية وتوجيه اتهامات الى الاحزاب القومية بالانتماء الى البعث المحظور. ويقول حسين جابر جعفر، مدير مكتب الحركة الاشتراكية العربية في النجف ل"الحياة":"انه على يقين من حدوث تغيير في الخريطة السياسية في الانتخابات المقبلة شرط عدم لجوء الاحزاب الاسلامية الى استخدام الرموز الدينية في حملاتها الانتخابية". ويضيف أن"الشارع العراقي يعود تدريجاً الى محيطه العربي والقومي، وعشائر المدينة المعروفة بتوجهاتها القومية تؤكد بدورها هذا التوجه".