اتخذ ظهور ريما مكتبي كمراسلة ميدانية لقناة"العربية"في لبنان خلال تغطيتها حرب تموز يوليو 2006 بملامحها الناعمة البريئة وسط ركام المعارك وغبارها، شكلاً مثّل في حد ذاته إدانة لتلك الحرب ولكل حرب. وهي سرعان ما انتقلت إلى استوديوات المحطة في دبي كمقدمة أخبار، وما لبثت أن اختصت بتقديم نشرة"أخبار الثامنة"التي تعتمد فيها شاشة عرض كبيرة تظهر صوراً ورسوماً ومعلومات ترتبط بالأخبار الرئيسة، ما يضفي أجواء مميزة على النشرة ككل، ويخلق حالاً تفاعلية مع الجمهور وتثقيفية له بطريقة عفوية مبسطة لطالما تميزت بها مكتبي في إطلالاتها التلفزيونية منذ تقديمها نشرات الطقس وبرامج المنوعات. وعن تجربتها الممتدة من"المستقبل"إلى"العربية"، وأي القناتين كان لها الدور الأبرز في تكوين شخصيتها الإعلامية، وهل صحيح أن الإعلامي اللبناني يبدع أكثر خارج بلده، تقول ريما مكتبي:"المستقبل"كانت بمثابة بيتي الأول الذي نشأت فيه إعلاميا، وهناك أتيحت لي الفرصة لتحقيق أحلامي. ولعل أبرز ما في تجربتي مع"المستقبل"هي أنني بدأت العمل معها في الثامنة عشرة من عمري، وهي منحتني الفرصة لأعمل وأتابع دراستي الجامعية جنباً إلى جنب. عشر سنوات من عمري أمضيتها في تلفزيون"المستقبل"، وهذه السنوات ستبقى جزءاً من مسيرتي المهنية. أما"العربية"فهي التي صقلتني وساهمت في نضجي المهني. نعم كنت بدأت العمل كصحافية وإعلامية في"المستقبل"، ولكن عندما انتقلت إلى"العربية"أصبح لجهدي صدى أكبر وأوسع، فالعمل الإخباري في"العربية"أكثر غنى وعمقاً وشمولية، وأعتقد أني أعمل في القناة الإخبارية الأفضل في العالم العربي والأكثر صدقية وموضوعية، وهذا شرف لي". وتضيف:"أما في ما يخص إبداع الإعلاميين اللبنانيين أكثر خارج بلادهم، فأنا أعتقد أن هناك من أبدع وهناك من فشل وهناك من لم يعط الفرصة أصلاً. المحزن أن اللبنانيين الذين كانوا من بين رواد الإعلام والحرية والثقافة أصبحوا يهاجرون من لبنان لممارسة الحرية الإعلامية، وهنا الخطر".پ ولكن، كيف تعلق على القول ان ملامح ريما المسالمة والبريئة هي مناقضة تماماً لما تزخر به نشرات الأخبار من أنباء الكوارث والحروب والصراعات؟ تجيب:"لا توجد علاقة بين تقديم الأخبار ومهنة الصحافة عموماً وبين ملامح مقدم الأخبار أو المظهر الخارجي للصحافي، إذ يوم اخترت أن أدرس الصحافة في الجامعة لم أتذكر مظهري المسالم ولا نظراتي المسالمة، بل بحثت عما أحب فعله في الحياة، وما أجيده. ففي داخلي شغف لمعرفة الأخبار وسبر أغوارها والإلمام بما يجري من حولي. فأنا أحب التحليلات السياسية حول أحداث العالم وقضاياه وأتابعها في الإعلام المرئي والمكتوب العربي والغربي، وأحب الصحافة وأجيدها لذاتها كمهنة سامية وراقية بصرف النظر عن إغراءات الشهرة وسحر الإطلال عبر الشاشة الصغيرة على الملايين. وفي كل الأحوال ان اهتمامي بمظهري قبل ظهوري التلفزيوني بالكاد يستغرق 15 دقيقة". لكن ماذا عن دور الجمال في مسيرتها الإعلامية ومدى إسهامه في نجاحها المهني؟ ترد بنبرة احتجاجية رافضة التعاطي الاختزالي مع المرأة كمجرد كائن جميل، وتقول:"عندما أنظر الى المرآة أرى داخلي ولا أرى وجهي وجمالي، وعند مرور كل عام أسأل نفسي وأحاسبها عما فعلت وأنجزت وتعلمت. الجميلات كثيرات منهن من نجحن مهنياً، ومنهن من فشلن. إذاً حان الوقت الذي لا نعود نسأل فيه المرأة إذا كان جمالها أو أنوثتها ساعداها في حياتها المهنية. المرأة كالرجل تفشل وتنجح، فالجمال لا يساعد الإعلامية عندما تحاور السياسيين، وتسأل الضيوف مباشرة على الهواء. ولا يفيدها الجمال في تغطية الحروب والمعارك، ففي هذه اللحظات والمواقف أنا بما أعرف وليس بما أظهر عليه من حسن وجمال. وحرصت في نشأتي أن أتعلم في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، وأحصل على شهادة الماجستير في السياسة وقبلها شهادة في الصحافة والإعلام، فإذا كنت ناجحة في عملي فلأنني أعمل بجهد وإخلاص وحب لما أقوم به ولكوني أتعلم كل يوم ومن دون توقف". وعما إذا كان ممكناً رؤيتها على خطوط الجبهات مجدداً أم أن الاستوديو تغلب على الميدان لديها، تجيب مكتبي:"لن يتغلب الأستوديو، ولن يهيمن على تجربتي، لأني أفضل العمل الميداني، لكن رؤيتي الشخصية لمهنتي وموقعي قد لا تتطابق مع رؤية المؤسسة الإعلامية التي أعمل فيها. سأحاول العودة إلى الميدان كلما سمحت الظروف، ولو كان القرار لي لكنت ذهبت إلى العراق وأفغانستان، ولكسرت القيد على ذهاب اللبنانيين إلى فلسطين، ولعملت من الضفة الغربية وغزة والقدس، حتى أنني اقترحت أن أذهب إلى فلسطين، ولكن المشكلة أن أسهل تهمة في لبنان هي تهمة التخوين وإذا أردت الذهاب إلى فلسطين علي المرور بإسرائيل أو حواجزها العسكرية وهذا ما أرفضه". پوحول ما يميز"أخبار الثامنة"عن مثيلاتها من نشرات مستحدثة، تقول:"ما يميز"أخبار الثامنة"هو المضمون وأسلوب عرض الأخبار. فطريقة تقديم النشرة أمام جدار الفيديو الذي يظهر خلفي هي فريدة من نوعها في الإعلام الإخباري العربي، وتساعدني وفريق الإعداد على شرح الأخبار، وسرد تفاصيلها بطريقة تعطي أبعاداً صحافية وفنية لها. ونحاول قدر المستطاع أن نتناول قصصاً تهم المشاهد السعودي تحديداً لأن"العربية"مشاهدة أكثر من غيرها في السعودية، وبالتالي يهمنا أن يشعر المشاهد في المملكة بأن"أخبار الثامنة"تعنيه في شكل مباشر وتلامس واقعه. فأنا أعتبر نيل ثقة المشاهد السعودي وكسب ولائه لنشرة"أخبار الثامنة"تحدياً كبيراً لي". نشر في العدد: 16698 ت.م: 22-12-2008 ص: 34 ط: الرياض