احتشد في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد ظهر امس عشرات الآلاف من اللبنانيينوالفلسطينيين المتضامنين مع قطاع غزة ضد الحصار، وأنصار"حزب الله"الذين لبوا دعوة أمينه العام السيد حسن نصرالله الى المشاركة في المسيرات التضامنية. ولم ينتظر المتضامنون موعد المسيرة الذي حددته الدعوة بالثانية بعد الظهر، فضاقت الطرق بالشبان والرجال والنساء الذين رفعوا أعلام فلسطين ورايات"حزب الله"قبل نحو ساعتين من الموعد المحدد. غير أن توقعات معظمهم حضور نصر الله أو على الأقل إلقاءه كلمة مباشرة تنقل عبر الشاشات لم تصح، فتولى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم مهمة تعبئة الجماهير ضد أميركا وإسرائيل وبعض الأنظمة العربية التي اتهمها بالمشاركة في الحصار. وانطلقت المسيرة من مجمع سيد الشهداء في الرويس، وجابت الكفاءات واوتستراد هادي نصر الله، وتقدمتها مسيرة لعناصر من كشافة المهدي، رافعة صور مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي والأمين العام السابق ل"حزب الله"السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والإمام المغيب موسى الصدر. وخلف الصور رفعت نسوة من"حزب الله"متشحات بعباءات سود علمين كبيرين لفلسطين، ووراءهن رفعت لافتات تؤكد التضامن مع غزة وتنتقد"التواطؤ العربي"ومصر لعدم فتحها معبر رفح. وترافقت المسيرة مع هتافات منددة بالحصار وبالإدارة الأميركية وإسرائيل، تقطعها مقتطفات من خطابات لنصر الله، وهتافات:"الموت لأميركا"،"الموت لإسرائيل"، و"أميركا أنت الشيطان الأكبر"، و"إسرائيل هي عدوة المسلمين". وفي كلمة تلاها باسم"حزب الله"، أكد قاسم أن"الصمت عن الحصار حصار ومشاركة في الاحتلال"، داعياً مصر إلى"وقفة تاريخية الى جانب الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة"، مشدداً على أن"لدى مصر كامل المبررات الدينية والسياسية والأخلاقية والإنسانية والقانونية لتقف الى جانب شعب غزةوفلسطين". وقال:"لا يوجد أي اتفاق في الدنيا يؤكد المشاركة في حصار الأطفال وقتل النساء وتجويع الناس. تأكدوا يا قادة مصر أن العالم العربي الإسلامي سيكون معكم وسيخضع كل العالم الى منطق مساندة غزة". كما دعا الى"الوحدة الفلسطينية حول خيار المقاومة"، معلناً رفضه"أي خيار سياسي"، وقال:"لا معنى لمفاوضات ولقاءات فيها كلمات معسولة ممزوجة باسم العدوان والاحتلال. ماذا أنتجت هذا المفاوضات والأحاديث. الحل هو طريق المقاومة". ودعا قاسم الدول العربية إلى دعم"قضية فلسطين بالمال والسلاح والموقف"، مضيفاً:"لماذا لا تطالبون الدول الكبرى، ولماذا لا تقفون مواقف شجاعة؟". كما خاطب المقاومين في غزة، قائلاً:"نعلم أنكم اليوم أقوى مما كنتم عليه منذ سنة وستكونون أقوى فأقوى"، معتبراً أن"عندما توجد الإرادة القوية في مقابل الاحتلال، لا يمكن أن تضعف المقاومة"، مشيراً إلى أن المقاومة الإسلامية في لبنان"عادت اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه قبل عدوان تموز"، وزاد:"أننا معكم يا أهل غزة في السراء وفي الضراء، إن شاء الله سنبقى في الميدان وسنقوم بواجبنا لنصرة غزة". وقال قاسم:"ليعلم القاصي والداني أن فلسطين هي القضية المركزية التي تعنينا جميعاً ونعتبر أننا مسؤولون، كما كل العرب والمسلمين، عن العمل من اجل تحريرها بالكامل من البحر الى النهر غير منقوصة أبداً". وأضاف:"تحاصر غزة لأن أهل فلسطينوغزة رفضوا الخيارات السياسية المذلة وأرادوا الخيار السياسي المجاهد الأبي، خيار المقاومة. من حق غزة أن تختار ما تريد. انتخب أهل فلسطين ممثليهم، وأداروا شؤونهم وفق القواعد المعروفة. هم لا يريدون لهم أن يقرروا مصيرهم ويحكموا أرضهم بحرية. لذا حاصروا غزة لتغيير قرارها السياسي المقاوم للاحتلال، ويشهد على ذلك مجلس الأمن المتواطئ الذي يساهم في حصار غزة والدول الكبرى والدول العربية"، سائلاً:"أي جريمة اكبر من هذه الجريمة الإنسانية التي تستهدف إبادة هذا الشعب لفرض الحلول الاستسلامية، ثم يجتمع مجلس الأمن بناء لطلب أميركا لإصدار القرار 1850 ليقول إن مسار انابوليس مستمر والقرارات الدولية محترمة. في الواقع هو أراد إعطاء صورة إيجابية عن أميركا، من أجل أن ينسى العالم لينسى الحصار في غزة". وأشار قاسم إلى"التظاهرة الكبرى منذ أيام في ذكرى تأسيس حركة"حماس"والتي ضمت هذا الشعب الطيب الجماهيري في غزة"وسأل:"هل رأى العالم تصميمهم على الاستمرار"، مؤكداً أن"حزب الله"لن يتخلى عن قضية فلسطين، وقال:"نحن معكم لتحرير كل حبة تراب. لسنا مع التسوية الظالمة، بل مع المقاومة التي تحرر كامل التراب الفلسطيني وتعيد فلسطين الى أهلها، وليبحث من أتى من خارج فلسطين عن عودته الى المكان الذي أتى منه"، وأضاف:"لا نقبل أن تختزل قضية فلسطين بهدنة هشة لا معنى لها. ولا نقبل أن تتحول فلسطين مجرد مخيم آمن في غزة في مقابل التخلي عن الأرض بكاملها. قضيتكم هي قضية عادلة تستوجب على الدول العربية والأجنبية أن تتدخل لحمايتكم من هذا المشروع الظالم". مسيرات في المناطق وترافقت مسيرة الضاحية الجنوبية لبيروت مع مسيرات في المناطق. وفي صيدا شدد الشيخ ماهر حمود على رفض الحصار والمشاركة العربية فيه، ودعا الشعب الفلسطيني إلى التمسك بالقوة. ودعا النائب أسامة سعد إلى حماية مخيم عين الحلوة، منتقداً تعاطي الدولة مع ملف المخيمات. وقال:"نرفض التضييق على المخيمات وحجز الحقوق"، مطالباً القوى الفلسطينية ب"العمل لحماية الأمن الفلسطيني ورفض محاولات توريط المخيمات في صراعات تخدم العدو الصهيوني". وأعلن رئيس بلدية صيدا عبدالرحمن البزري انطلاق شهر غزة قريباً. وفي بعلبك التي شهدت مسيرة تضامنية في ساحتها، انتقد عضو شورى"حزب الله"الشيخ محمد يزبك التصريحات الداعية الى قطع رؤوس"حماس". منتقداً الصمت العربي على ما يجري في فلسطين. وأكد أن"من يحاصر غزة ليس الإسرائيليين، إنما من يمنع الطرق والمعابر عنها". كما شهدت مناطق النبطية وصور وغيرها تجمعات ومسيرات تضامنية.