مر اليوم الاول من انتهاء التهدئة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة واسرائيل، بهدوء لم يخرقه سوى صاروخين استهدفا بلدة اسرائيلية، في وقت بدا ان كل طرف رمى الكرة في ملعب الطرف الآخر، منتظراً ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات، ومكتفياً بالقول انه يحتفظ بحق الرد على اي تصعيد. في غضون ذلك، عقد الرئيسان جورج بوش ومحمود عباس قمة"وداعية"في البيت الأبيض تصدرها عنوان مستقبل عملية السلام في الادارة الجديدة برئاسة باراك أوباما وتكريس سلسلة"انجازات"حققتها الادارة الحالية بينها، حسبما أكد مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ولش، ترسيخ حل الدولتين ومنحه مظلة دولية وتعزيز السلطة الفلسطينية والرئيس عباس، المفاوض الوحيد باسم الفلسطينيين. راجع ص 4 وفي قطاع غزة، سادت اجواء من الترقب الحذر، في وقت وضعت حكومة"حماس"قواتها في حال تأهب قرب الحدود مع اسرائيل. واعلنت"كتائب القسام"، الذراع العسكرية للحركة أمس انتهاء التهدئة رسمياً. وحذرت في بيان من أن"أي عدوان على قطاع غزة أو ارتكاب جرائم جديدة فيه، سيفتح المعركة على مصراعيها، وسيواجه برد قاس ومؤلم". وقال ضابط في"كتائب القسام"لمسلحين قرب الحدود:"إذا جاءوا الاسرائيليون إلى هنا، فستكون هذه مقبرتهم... مقبرة كبيرة للغزاة". وفي الجهة المقابلة، فضلت اسرائيل انتظار التطورات العسكرية الميدانية وسلوك الفصائل الفلسطينية قبل اتخاذ اي قرار بالتصعيد، وذلك في ختام مشاورات اجراها رئيس الحكومة المستقيل إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك مع رؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة، في وقت امتنع كبار المسؤولين عن التعقيب على انتهاء التهدئة، واكتفوا باستنفار وحدات الجيش المتمركزة حول القطاع. وينطلق الموقف الاسرائيلي من اعتبار ان الظروف غير ناضجة لعملية برية واسعة، وان المؤسسة العسكرية تسعى الى تفادي عملية كهذه"قد تُسقط حكم حماس، لكنها لن تقضي على الحركة"، الا انها لن تتردد في"تصعيد تدريجي"رداً على أي قصف. وبحسب تقديرات امنية اسرائيلية، فان"حماس"ايضا غير معنية بانهيار التهدئة فعلا، لكنها تحاول تحسين شروطها. وبعيدا في واشنطن، استقبل بوش نظيره الفلسطيني على مدى ساعة في قمة أخيرة بينهما في البيت الأبيض حضرها مستشارو الرئيسان، وتلتها خلوة بينهما تأتي قبل شهر من تولي أوباما الرئاسة. وأكد ولش في لقاء مع عدد من الصحافيين في وزارة الخارجية قبل ساعات من مغادرته منصبه وانتقاله الى القطاع الخاص منهياً رحلة ديبلوماسية بين خمس ادارات جمهورية وديموقراطية في العقود الثلاثة الماضية، أن لقاء عباس وبوش هو للتنويه بالتغييرات على الأرض بين العام 2000 وانهيار كمب ديفيد وبين الواقع المختلف اليوم،"مع قبول الأطراف كافة، بمن فيها اسرائيل، بحل الدولتين، وهو ما كانت رفضته العام 2001". كما أشار الى أن البحث تطرق الى كيفية الاستمرار في الادارة المقبلة. وأبدى ولش تفاؤلا باستكمال أوباما العملية التفاوضية، خصوصا بعد وضعها في نطاق دولي وتبني مجلس الأمن قراره مطلع الأسبوع. وأشار الى أن"هذا يمنح العملية مظلة دولية لضمان استدامتها وعدم الرجوع الى الوراء، وهو امر بغاية الأهمية في حال تغيير حكومي في اسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية وفي واشنطن". وعن تقويمه لاستراتيجية عزل"حماس"، قال ولش:"لا أعتقد أن أميركا يمكن أن تعزل حماس بشكل فردي، هم يعزلون أنفسهم"برفضهم"المبادرة العربية وحل الدولتين". وتمنى أن تعطي الادارة الأميركية أهمية أكبر للمبادرة في السنوات المقبلة، وقال:"لن نوصي بالتعامل مع حماس وحزب الله، ولا أعتقد أن أوباما سيغير بشكل راديكالي السياسة الأميركية في هذا الاتجاه". وأشار الى أن عملية السلام تتقدم من دون"حماس"، وأن المجتمع الدولي يلحظ ذلك، وتمنى على الحركة أن"تستفيق وتتنشق القهوة وتدعم عملية السلام". نشر في العدد: 16696 ت.م: 20-12-2008 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: غزة غداة انتهاء التهدئة : هدوء حذر وانتظار