سيجد المرشح الديموقراطي الفائز في الانتخابات الأميركية باراك أوباما نفسه أمام مشاكل وأزمات ساخنة تعيشها أكثر من دولة عربية في شمال أفريقيا وشرقها. إذ سيتعين على إدارته الجديدة التعاطي مع أزمة دارفور السودانية، والتمرد الإسلامي ومشكلة القرصنة في الصومال، والعلاقة المتوترة مع اريتريا عدوة إثيوبيا حليفة الأميركيين، وقضية الديموقراطية في مصر إحدى نقاط الخلاف بين القاهرة وإدارة جورج بوش، وإكمال تطبيع العلاقات مع ليبيا سوّت إدارة بوش معظمها، وإيجاد نوع من التوازن في العلاقة مع المغرب والجزائر يأخذ الجزائريون على الإدارة الحالية دعمها الموقف المغربي من الصحراء الغربية، والتعاطي مع قادة الانقلاب العسكري في موريتانيا فرضت إدارة بوش عقوبات عليهم، وتعزيز العلاقات الحسنة أصلاً مع تونس. وفي ردود الفعل، أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس في برقية تهنئة إلى الرئيس الأميركي المنتخب أن بلاده ملتزمة"إقامة فضاء مغاربي آمن ومندمج ومتكامل ومزدهر، وتمكين افريقيا من الاستقرار والتقدم على دعائم الوحدة والتنمية والديموقراطية". وقال العاهل المغربي الذي حظيت بلاده بدعم الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها في قضية الصحراء:"عزمي قوي على مواصلة العمل سوياً لتطوير هذه الشراكة المستنيرة والمضي بها قدماً إلى أرفع المستويات". وأضاف أن لدى المغرب التزاماً راسخاً لمواصلة التنسيق مع الولاياتالمتحدة"من أجل تحقيق ما تتطلع إليه شعوبنا من استتباب الأمن الشامل والسلم والاستقرار لرفع ما يتهددها من مخاطر وأزمات شتى"، مجدداً حرصه على"القضاء على نزعات التطرف والإقصاء والتهميش والإرهاب"، داعياً إلى انبثاق نظام عالمي جديد"متعدد الأطراف وأكثر توازناً وإنصافاً وإنسانية". وأعلن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في برقية تهنئة إلى أوباما انه"يتطلع الى العمل مع الرئيس المنتخب وإدارته لمواصلة المساعي الرامية الى إحلال سلام عادل وشامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط وتحقيق ما تصبو اليه كل شعوب العالم من أمن واستقرار وازدهار". وأعرب"عن اليقين بأن علاقات الصداقة العريقة والتعاون المثمر بين البلدين ستواصل نموها المستمر دعماً للمثل العليا التي يتقاسمها البلدان في الحرية والديموقراطية والسلام". وفي القاهرة، أعرب الرئيس حسني مبارك عن الأمل بأن يسهم الرئيس الأميركي المنتخب في حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام. وقال في برقية تهنئة إلى أوباما إنه يتطلع الى"إسهامه البناء في حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام العادل والشامل باعتبار ذلك المطلب الرئيس للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط". وقال حسام زكي الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية"لدى المنطقة الكثير من التوقعات. نتمنى أن يساعد أوباما في مساعي تحقيق سلام دائم وعادل". وفي الخرطوم، لوحظ ارتياح شعبي واسع إزاء فوز أوباما باعتبار أن أصوله افريقية من دولة مجاورة كينيا، بجانب تعاطف الديموقراطيين تاريخياً مع الجزء الجنوبي من السودان ذي الأصول الأفريقية. كما أن موقف الخرطوم الرسمي لم يكن أقل ارتياحاً، على رغم أن تجربة حكم الرئيس عمر البشير مع الإدارة الديموقراطية السابقة كانت"قاسية ومؤلمة"، بحسب مسؤول رئاسي سوداني تحدث إلى"الحياة"أمس. وقال وزير الخارجية السوداني دينق الور للصحافيين إنه أجرى اتصالاً مع مساعدي أوباما مهنئاً، موضحاً أنهم أبدوا استعداداً للحوار من اجل تطبيع العلاقات. ورحّبت الخارجية السودانية، في بيان، بفوز أوباما، وأعربت عن أملها بأن تشهد فترة رئاسته مساهمات إيجابية بدل"سياسة الغطرسة والعدوانية واحتقار سيادة الدول والاستهتار بالقانون الدولي التي انتهجتها الإدارة الجمهورية". وزاد البيان:"يتطلع السودان خلال الفترة المقبلة إلى تغيير حقيقي في السياسة الخارجية الأميركية وفق شعار التغيير الذي رفعه أوباما". لكن المسؤول الرئاسي الذي تحدث إلى"الحياة"قال إن الجمهوريين في عهد الرئيس جورج بوش استخدموا مع الخرطوم"العصا والجزرة"لكنهم غلّبوا خيار"الحوار والاحتواء"بدل"المواجهة والحصار"كما حدث في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون الذي قصف مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم بالصواريخ في آب أغسطس 1998، كما وضعت إدارة كلينتون السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب في آب 1993، وفرضت على البلاد عقوبات اقتصادية في تشرين الثانينوفمبر 1997. لكن المسؤول السوداني ترك الباب مفتوحاً أمام أوباما لتعديل صورة الديموقراطيين في التعامل مع قضايا السودان، مستبعداً أن تساعد أصوله الأفريقية في ذلك، مشيراً إلى أن تلك العوامل"غير مؤثرة"في صنع السياسات لدى الإدارة الأميركية. وشارك أوباما الذي يعتبر مؤيداً ومتحمساً للعقوبات ضد الحكومة السودانية الحالية، في وضع ستة إجراءات لدعم الحظر على السودان وعملية حفظ السلام الدولية وفرض منطقة حظر جوي في دارفور. ويؤيد أوباما ونائبه جو بايدن إجراءات قوية لحماية المدنيين في دارفور حيث يصف أوباما صراع دارفور بأنه إبادة جماعية وزار لاجئي دارفور في شرق تشاد عام 2006، كما كتب أوباما ملاحظته في 2005 قائلاً:"عندما يكتب تاريخ هذه المأساة لن يذكر أحد كم عدد المرات التي زار فيها المسؤولون المنطقة أو كم بلغ حجم العون الإنساني الذي تم تقديمه، لكن سيذكرون الخسائر في الأرواح فقط". وقال نائب الرئيس المنتخب بايدن:"يجب أن تعمل الولاياتالمتحدة إذا دعت الضرورة مع حلفائها لكبح ميليشيا"الجنجاويد"إذا تم التدخل في نشر القوة الأممية - الأفريقية فى دارفور"يوناميد". وصرح بايدن في 23 تموز يوليو 2007 قائلاً:"إن 2500 جندي أميركي يمكن أن يوقفوا الإبادة الجماعية الآن إذا لم يتم الحصول على 21000 جندي أممي". وقال وزير الخارجية السوداني السابق حسين سليمان أبوصالح ل"الحياة"إن ما تعرض له السودان جراء سياسات بوش يعتبر أكبر ضرراً من المواجهة الحادة في أثناء عهد الرئيس كلينتون، ويقول إن الضغوط التي تعرضت لها الحكومة السودانية دفعت الى اشتعال أزمات أخرى مثل أزمة دارفور. وحتى بعد ظهر أمس لم يكن صدر موقف من ليبيا حيث يزور العقيد معمر القذافي أوكرانيا، ولا من قادة الانقلاب في نواكشوط.