تزايدت حدة التوتر أمس بين الإسلاميين الصوماليين والقراصنة، على خلفية قضية ناقلة النفط السعودية العملاقة"سيريوس ستار"التي اختطفت في 15 تشرين الثاني نوفمبر أمام ساحل الصومال. وخيّرت الميليشيات الإسلامية المعروفة ب"حركة الشباب المجاهدين"الخاطفين بين الإفراج عن الناقلة أو مواجهة عمل مسلح. وفي الرياض، توقع مصدر سعودي مطلع على تطورات القضية أن يتم حسمها خلال يومين،"سواء وصلت الأمور إلى مرحلة يتم فيها الإفراج عن الناقلة أو وصلنا إلى طريق مسدود". وقال ل"الحياة"إن هناك"جهوداً كبيرة يبذلها زعماء العشائر الصومالية مع الخاطفين، من أجل الإفراج عن الناقلة وملاحيها، وإقناعهم بتركها في موضعها". وطمأن عائلات طاقم الناقلة بقوله إن"جميع أفراد الطاقم يتمتعون بصحة جيدة حسب ما أكده بعض القراصنة أثناء مفاوضاتهم مع زعماء العشائر". وقال الناطق باسم"الشباب"في منطقة هرارديري حيث اقتيدت الناقلة السعودية:"إذا أراد القراصنة السلام، فالأفضل أن يفرجوا عن ناقلة النفط"التي يطالبون بفدية قيمتها 25 مليون دولار للإفراج عنها. وتسيطر"الشباب"على قسم كبير من الصومال، وحشدت قواتها في الأيام الاخيرة حول هرارديري ودانت عموما القرصنة التي تصفها بأنها إساءة إلى الإسلام. ورد أحد القراصنة على تصريحات الحركة بأنهم لا يخافون هذه التهديدات. وقال محمد سعيد ساخراً:"نحن شباب البحر ولا نخاف شباب البر... وإذا حاول أحد مهاجمتنا، فسيكون ذلك بمثابة انتحار". وأضاف:"لست على السفينة في الوقت الحاضر لأنني أنسق ما يجري على اليابسة... هناك طليعة صغيرة من الشباب على الأرض، لكن وجودنا قوي أيضاً". وتابع:"يكنّ كل صومالي احتراماً كبيراً للمملكة العربية السعودية المقدسة. ليس لدينا أي شيء ضدها، لكن للأسف ما يجري ليس سوى من باب الأعمال بالنسبة إلينا، وآمل أن يفهم السعوديون ذلك". وطالب بدفع الفدية قبل نهاية الشهر الجاري. وأفاد بعض سكان المنطقة أن"الشباب"منقسمون في شأن الموقف الذي يتعين اتخاذه، وأن عناصر في الميليشيات الإسلامية مهتمون خصوصاً بتقاسم الفدية المحتملة. وكان ناطق باسم القراصنة أكد أول من أمس أن مفاوضات بدأت مع مجموعة"أرامكو"السعودية مالكة الناقلة من دون أن تؤدي إلى نتيجة. وحذر من أن القراصنة الموجودين على متن الناقلة سيتصدون لأي تدخل عسكري يستهدف ازاحتهم. وأضاف:"أتمنى أن يكون صاحب الناقلة حكيماً بما يكفي وأن لا يسمح باللجوء إلى الخيار العسكري، لأن ذلك سيكون كارثة للجميع. ونحن هنا للدفاع عن الناقلة إذا تعرضنا للهجوم". وتوجه نحو مئة من أفراد الميليشيات المسلحة الخميس الماضي إلى هرارديري، وهي ميناء بحري صغير للصيد يبعد 300 كلم إلى الشمال من مقديشو، حيث ترسو الناقلة العملاقة منذ الثلثاء الماضي. ويعتبر اختطاف"سيريوس ستار"التي يصل طولها إلى 330 مترا وتحمل 300 ألف طن من البترول، عملية القرصنة الأكثر إثارة التي تنفذ أمام السواحل الصومالية، حيث هوجمت مئة سفينة هذا العام. وأشار تقدير لوزارة الخارجية الكينية إلى أن القراصنة الذين ضاعفوا من هجماتهم ضد السفن أمام السواحل الصومالية وفي خليج عدن حصلوا على فدى تقدر بنحو 150 مليون دولار خلال الشهور الاثني عشر الماضية. وما زال القراصنة يحتجزون 17 سفينة على الأقل وأفراد طواقمها، وعددهم 250 شخصاً، وبين هذه السفن سفينة شحن أوكرانية تحمل 33 دبابة. وأرسلت دول عدة سفناً حربية قبالة السواحل الصومالية لمكافحة هؤلاء القراصنة الذين يهدد نشاطهم أحد أهم الممرات الملاحية البحرية في العالم والمؤدي إلى قناة السويس.