كرّس خطباء الجمعة في العراق أمس خطبهم للحديث عن الاتفاق الأمني المزمع عقده مع الولاياتالمتحدة الأميركية، والذي أدى إلى سجال حاد في البرلمان خلال اليومين الماضيين، في وقت تظاهر آلاف من أنصار التيار الصدري ضد هذا الاتفاق وسط اجراءات أمنية مشددة. وفي خطبة الجمعة، قال الشيخ مهدي الكربلائي خطيب الصحن الحسيني وممثل المرجع الأعلى السيد علي السيستاني إن البيان الصادر عن مكتب السيستاني أكد وجود ثلاثة ثوابت وطنية لا بد من رعايتها من جميع المسؤولين وهي رعاية المصالح العليا للشعب العراقي، واستعادة السيادة الكاملة في كل الميادين، وعدم جعل العراق منطلقاً لضرب دول الجوار. وأشار الى إبلاغ جميع المسؤولين الذين زاروا السيستاني في مقره في مدينة النجف، بهذه الثوابت. ونفى ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن موافقة السيد السيستاني على الاتفاق الأمني. وطالب الشيخ هادي الخالصي في الكاظمية في بغداد، البرلمانيين والأهالي بقراءة الاتفاق الأمني بوعي عميق، وقال إنه يحمل بين سطوره سُماً للعراقيين. وأثنى على مواقف التيار الصدري في البرلمان من مسودة الاتفاق. وقال إن الصدريين اتخذوا موقفاً وطنياً، ويجب أن يساندهم الجميع فيه، مطالباً نواب الكتلة الصدرية بالثبات على موقفهم وعدم التراجع عنها. واعتبر السيد نائل الموسوي خطيب جامع الخلاني ببغداد سجال البرلمان حول الاتفاق الأمني مظهراً من مظاهر الصحة، وقال إن كل دول العالم تشهد حالات مماثلة من هذا النوع، وإن اختلفت الأساليب. ولفت الى وجود بعض الفقرات الايجابية التي تضمنها الاتفاق الأمني مثل خروج العراق من البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي دخل العراق تحت ولايته عقب غزو الكويت عام 1990 إذ يخوّل استخدام القوة ضد من يهدد الأمن والسلم الدوليين. ورأى أن العراقيين أدرى بمصالحهم، وأن الحكومة ترفض تدخل أي أحد حتى لا تقع تحت طائلة النصائح. وأكد وجود إجماع عراقي من كل الفرقاء السياسيين على ضرورة خروج المحتل من العراق، لكن ذلك يتطلب وضع اتفاق لهذا الخروج. وأشار الى أن الشارع العراقي يحتاج إلى الاتفاق الأمني كضمان للحد من الاعتقالات العشوائية في أضعف الأحوال. وطالب الشيخ محمد الجاسم خطيب جامع السامرائي القوى السياسية بإطلاع الناس على بنود الاتفاق الأمني وعدم تركهم في مهب الريح. وقال إن الدخول في تفاصيل الاتفاق الأمني يمثل معضلة كبرى لأنه يحتاج الى الشرح والتفسير والإيضاح. وحذر البرلمان من إقراره من دون الرجوع الى الشعب، وقال إن عدم المساس بسيادة العراق وأمنه ومستقبله أمر ضروري. وناشد خطيب جامع الخلفاء الاربعة في مدينة بعقوبة الشيخ عبدالكريم الجبوري"القيادات الامنية والمسؤولين ردع الأساليب المتبعة في حملات الاعتقال ودهم المنازل الآمنة وما يرتكب خلالها من اعتداءات وتجاوزات على العائلات، وما يسفر عنها من ترويع للاطفال والنساء". وأضاف:"نطالب من منبرنا هذا بإطلاق المعتقلين الذين لم يرتكبوا أعمال عنف أو جرائم ووقف حملات الدهم والاقتحامات المروعة من القوات الحكومية للمنازل والاحياء". وحذّر من"ارتكاب مزيد من التجاوزات بدعوى فرض القانون وملاحقة المطلوبين للقضاء". وفي غضون ذلك، انطلقت تظاهرة للتيار الصدري وسط بغداد رفضاً للاتفاق الأمني مع الولاياتالمتحدة. وتجمع آلاف المتظاهرين الذين جاء معظمهم من مدينة الصدر شرق في ساحة الفردوس في شارع السعدون وسط بغداد، منذ ساعات الصباح الأولى. ورفع هؤلاء أعلاماً عراقية ولافتات كُتب عليها"كلا كلا لاتفاق الذل"و"كلا كلا احتلال"و"عراق واحد شعب واحد لا للاتفاق"و"على قوات الاحتلال مغادرة العراق حالاً". وحملت احدى اللافتات خارطة للعراق ثبت عليها قفل ومعه ثلاثة مفاتيح، أميركي وبريطاني واسرائيلي وتساقطت منها قطرات دم. وكان الصدر دعا في بيان خلال صلاة الجمعة الماضية الى"اقامة صلاة جمعة موحدة لكل الطوائف في ساحة الفردوس ببغداد الجمعة المقبلة، لتتضافر جهود جميع المسلمين سنة وشيعة من اجل افشال توقيع الاتفاق الذي يريد بيع العراق". وقال نوفل فرج 36 عاماً أحد المنظمين:"جئنا تلبية لدعوة الصدر للصلاة والتظاهر رفضاً للاتفاق ورفضاً للاحتلال". وأضاف أن"الاتفاق ليس واضحاً ولا يؤمّن خروج الاحتلال من العراق". وفرضت قوات الأمن العراقية اجراءات امنية مشددة، وانتشر جنود وعناصر من الشرطة حول موقع التظاهرة وعلى سطوح المباني. وسد عشرات الجنود العراقيين ومعهم كلاب مدربة وعربات مدرعة شارع السعدون الذي يخترق قلب العاصمة قبل التظاهرة التي انطلقت بعد صلاة الجمعة. وافترش بعض رجال الدين من اعضاء التيار الارض في ساحة الاندلس حيث كان هناك تمثال للرئيس العراقي الراحل صدام حسين قبل عام 2003. وقال الشيخ طلال السعدي امام مسجد الكاظمية شمال:"جئنا، طاعة لأمر مقتدى الصدر الذي طلب أن نتظاهر لنعلن للعالم وللسياسيين اننا ضد الاتفاق". وأضاف أن"الاتفاق يسمح للاحتلال بالبقاء ثلاث سنوات، فيما يقترح الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما انسحابا خلال 16 شهراً"، وتابع:"نطلب من الحكومة العراقية أن تصبر وتنتظر أمر أوباما بالانسحاب"الكامل. نشر في العدد: 16668 ت.م: 22-11-2008 ص: 10 ط: الرياض