أكدت الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، في اجتماع في القاهرة امس، أن المسؤولية الرئيسية لأمن البحر الأحمر تقع على عاتقها، واقترحت آليات للتعاون والتشاور فيما بينها لمواجهة ظاهرة القرصنة ومنع امتدادها إلى البحر الأحمر، بينها إقامة آليات مشتركة لتعزيز أمن الملاحة في البحر الأحمر ومواجهة احتمال انتقال الظاهرة إليه وأوصت بتشكيل لجان عسكرية وقانونية وفنية واقتصادية لتنفيذ المقترحات في هذا الشأن في أسرع وقت، ودانت أعمال القرصنة سواء في المياه الإقليمية للصومال أو في أعالي البحار قبالة السواحل الصومالية وبينها اختطاف ناقلة النفط السعودية أخيرا. وأعربت الدول العربية المطلة على البحر الأحمر عن دعمها الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لمكافحة القرصنة، مؤكدة وجوب التزام قواعد القانون الدولي ذات الصلة واحترامها سيادة الدول على أراضيها ومياهها الإقليمية"أخذاً في الاعتبار الطبيعة الموقتة للترتيبات الأمنية القائمة وارتباطها الأساسي بالأوضاع السياسية والأمنية في الصومال، وأنها لا تشكل سابقة قانونية أو عرفية". وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي إن الدول العربية التي شاركت في الاجتماع تتعامل مع البحر الأحمر باعتباره مجالا حيويا لها"وهو نظيف من القرصنة وبالتالي لا تجد أي مبرر لأن تمتد إليه أي ترتيبات عسكرية يكثر الحديث عنها وهذه نقطة مهمة". أضاف ان"مصر تدرس كل الخيارات للتعامل مع أزمة القرصنة التي تصاعدت مؤخرا"، مشددا على ان"كل الخيارات مفتوحة". واكد ان مصر"تدرس كل الاحتمالات وما يمكن اتخاذه من اجراءات، وما اذا كنا سنكتفي بالانضمام الى الجانب السياسي والديبلوماسي ام نصعد ونستخدم اجراءات اخرى او ندخل فى خيارات اخرى". واتفق مسؤولون كبار من الدول العربية المطلة على البحر الأحمر على التعاون في مكافحة القرصنة في خليج عدن. واقترح المسؤولون المشاركون في اجتماع في القاهرة ترأسته مصر واليمن تدابير بينها إنشاء مركز للمعلومات ونظم تحذير مبكرة وكذلك إجراء تدريبات مشتركة لخفر السواحل. ودعت القاهرة الى اجتماع بعدما تأثرت حركة مرور السفن في قناة السويس وازدياد ظاهرة قيام سفن عدة بتجنب المرور في البحر الأحمر ما ينعكس بالسلب على دخل القناة، واعترف رئيس القناة بالتأثر المزدوج للأزمة المالية العالمية وعمليات القرصنة. ووصل دخل قناة السويس في العام الأخير إلى أكثر من أربعة بلايين دولار. وشارك في الاجتماع مسؤولون سياسيون وبحريون من كل من مصر واليمن والسعودية والأردن والسودان والحكومة الانتقالية للصومال وجيبوتي والجامعة العربية. وأكد الاجتماع، في بيان صدر عقب انتهائه، احترام سيادة الصومال ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه، مؤكدا أن ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية تشكل إحدى نتائج وتداعيات الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية المتدهورة في الصومال. كما قدرة الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر، كل في نطاق مياهها الإقليمية، على رصد وتعقب ومواجهة أية محاولات من القراصنة لدخول البحر الأحمر، سواء للقيام بعمليات قرصنة أو للهروب من مواجهات بينهم وبين السفن المعنية بمكافحة القرصنة في المياه الدولية بغرب المحيط الهندي وخليج عدن. واعتبر ا ف ب، رويترز الامين العام لحلف شمال الاطلسي ياب دي هوب شيفر، امس، ان الخطر الذي تمثله القرصنة قبالة القرن الافريقي ومناطق اخرى هو"تحد خطير للغاية"يجب ان يتصدى له المجتمع الدولي. وقال شيفر للصحافيين خلال زيارة لغانا ان سفن الحلف الحربية ترافق بالفعل شحنات المساعدات الغذائية للصومال وتنظم دوريات في خليج عدن لكنه لا يرى ضرورة لاشتراك الحلف في اي عمليات برية ضد قواعد القراصنة في المنطقة. في هذا الوقت، أعلنت شركة"فرانتلاين"النروجية، وهي من أكبر ملاك ناقلات النفط في العالم، انها"تدرس بالتأكيد"توجيه اسطولها لتجنب خليج عدن وقناة السويس بسبب عمليات القرصنة. وقال القائم بأعمال رئيس الشركة مارتن ينسن:"لم نفعل ذلك بعد. لكننا بالتأكيد ندرس الامر. وهو محتمل". من جهة أخرى، طالب القراصنة الصوماليون الذين يحتجزون ناقلة النفط السعودية"سيريوس ستار"بفدية قيمتها 25 مليون دولار. وقال احد القراصنة محمد سعيد في اتصال هاتفي مع وكالة"فرانس برس"من على متن ناقلة النفط:"نطلب 25 مليون دولار من المالكين السعوديين لناقلة النفط. لا نريد ان تستمر المفاوضات الى ما لا نهاية لتسوية هذه المسألة". واضاف ان"السعوديين لديهم عشرة ايام لتلبية"هذا الطلب"والا سنقوم بتحرك قد يكون كارثيا". واحتجز القراصنة السبت الناقلة السعودية المحملة مليوني برميل من النفط الخام، اي ما يوازي 300 الف طن. ورست السفينة التي تقدر قيمة حمولتها بمئة مليون دولار منذ الثلاثاء في ميناء هرارديري الصغير على بعد 300 كيلومتر شمال مقديشو. وخطفت"سيريوس ستار"البالغ طولها 330 مترا والتي تقدر قيمة حمولتها بمئة مليون دولار، هو اكبر عملية قرصنة جرت حتى الآن قبالة سواحل الصومال. وفي ضوء استمرار هجمات القرصنة، اعلنت روسيا التي سبق ان ارسلت سفينة حربية الى المنطقة، انها سترسل مزيدا من القطع العسكرية. وقال الاميرال فلاديمير فيستوتسكي كما نقلت عنه وكالة"ريا نوفوستي"الروسية"بعد السفينة انتريبيد، ستتوجه سفن حربية اخرى الى المنطقة. هذا الامر ضروري بسبب الوضع الذي تدهور في جوار القرن الافريقي وفي خليج عدن، حيث يكثف القراصنة الصوماليون تحركاتهم". في المقابل، اعتبرت واشنطن التي تنشر قوة بحرية كبيرة في المحيط الهندي ان المقاربة العسكرية غير ملائمة. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف موريل:"تستطيع كل القوات البحرية في العالم نشر كل سفنها في تلك المنطقة، لكن هذا الامر لن يحل المشكلة البتة"، مقترحا ان تبذل الشركات البحرية جهودا اكبر لحماية سفنها. ويثير تصاعد هجمات القراصنة ايضا قلق الدول المطلة على البحر الاحمر، لانه قد يفضي الى تراجع حركة الملاحة البحرية. نشر في العدد: 16667 ت.م: 21-11-2008 ص: 11 ط: الرياض