طرحت أزمة السيولة التي تمر فيها شركة "أوبل" التابعة لشركة "جنرال موتورز" الأميركية المتعثرة حالياً، وميل الحكومة الألمانية إلى تغطيتها بمبلغ ضامن يصل إلى بليون يورو، في حال عجزت الشركة الأم عن تأمين التمويل، مسألة دعم قطاع إنتاج السيارات في ألمانيا وفي أوروبا، وسط اختلاف في الموقف بين المستشارة أنغيلا مركل الرافض ووزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير المؤيد. وارتفع السجال أول من أمس فجأة بين المطالبين بدعم قطاع السيارات في ألمانيا وأوروبا، مثل رئيس وزراء اللوكسمبورغ رئيس مجموعة دول اليورو، جان كلود يونكر، ووزير الخارجية الألماني شتاينماير، اللذين شددا على أهمية حماية القطاع الاقتصادي الذي يحتل مرتبة متقدمة في ساحة التنافس الدولي، وبين المحذرين والرافضين له، مثل مركل والخبير الاقتصادي المعروف بيتر بوفينغر، الذي نهى برلين حتى عن تقديم الدعم إلى"أوبل"ودعا إلى تأميمها لفترة وجيزة ثم بيعها بعد اجتيازها أزمتها. وفيما أوضحت مركل سبب ميلها الى عدم تقديم ضمانة مالية ل"أوبل"التي تشغِّل أكثر من 03 ألف عامل في ألمانيا بالقول، إنها"حالة فريدة لا تنطبق على الشركات الألمانية الأخرى"، أيد رئيس الدولة هورست كولر، وهو خبير مالي أصلاً، تقديم دعم حكومي لشركات السيارات الألمانية. وناقض مسؤولون عن ولايات ألمانية كلام مركل عن فرادة وضع"أوبل". وحضَّ يونكر الاتحاد الأوروبي على دعم شركات السيارات الأوروبية، ولفت إلى أن الدعم الذي تقدمه الحكومة الأميركية لشركات إنتاج السيارات فيها، سيضعف الموقف التنافسي للشركات الأوروبية. وبعد اجتماع رئيس مجموعة"جنرال موتورز"في أوروبا كارل بيتر فورستر مع المستشارة الألمانية مساء الاثنين الماضي، قال إن"أوبل"لا تطلب مساعدة مالية، وإنما ضماناً بتقديم المساعدة لها في حال حصول وضع استثنائي يمنع الشركة الأم من تأمين السيولة لها في المديين المتوسط والطويل". وردَّت مركل بالقول إن"في حال وافقنا على تقديم ضمان، لا بد من أن نتأكد أولاً من أن المال سيبقى في"أوبل"في ألمانيا، وهذا يتطلب منا اتخاذ التدابير الضامنة لذلك". أما شتاينماير فقال بعد اجتماعه برؤساء نقابات العمال في شركات السيارات الألمانية وشركة"أوبل"، إن على حكومته"بذل جهد لحماية فرص العمل في القطاع الذي يعاني منذ أشهر تراجعاً كبيراً في مبيعات السيارات، ودفع بعضهم إلى وقف الإنتاج موقتاً أو خفضه بشدة". وكانت الشركات الألمانية الكبرى لصناعة السيارات، مثل"مرسيدس بنز"و"بي إم دبليو"، قررت وقف الإنتاج، لأسابيع بفرض عطلة على 051 ألف عامل في ألمانيا طوال كانون الأول ديسمبر المقبل، وسط تخوف نقابي من فقدان 05 ألف عامل في قطاع السيارات وظائفهم. وأعلنت"أوبل"أمس أنها تبحث في خفض ساعات العمل إلى 03 ساعة أسبوعياً بهدف تقليص الإنتاج في مصانعها الأوروبية باستثناء مصنع"روسلهايم"الألماني الرئيس، الذي ينتج صنفها الجديد"إنسينيا"الذي حاز أخيراً لقب"أفضل سيارة أوروبية"لهذا العام. ولجأت"بي إم دبليو"إلى وقف إنتاجها في مصنع"لايبزغ"لأربعة أيام، وتفكر شركات مرتبطة بصناعة السيارات مثل"بوش"و"كونتيننتال"بحلول موقتة مماثلة. ويتخوف مراقبون من أن تلجأ الشركات في حال لم تتحسن المبيعات، إلى تدابير صرف قسم من عمالها. وأعرب مفوض الصناعة الأوروبي غونتر فرهويغن، عن قلقه من هذا التطور، والتقى كبار مسؤولي شركات السيارات وسياسيين لبحث سبل دعم القطاع، مثل خفض الضرائب وتسهيلات أخرى للتشجيع على شراء سيارات جديدة، ما أيده أيضاً وزير الاقتصاد الألماني ميشائيل غلوز الذي قال إن كل سادس أو سابع وظيفة في ألمانيا مرتبطة بصناعة السيارات. ووعدت المفوضية الأوروبية بتقديم قروض ميسَّرة جداً إلى صناعة السيارات الأوروبية بقيمة 04 بليون يورو لتطوير محركات سيارات بيئية تساعد الاتحاد الأوروبي على خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الأجواء. ورحَّب رئيس اتحاد شركات صناعة السيارات الألمانية ماتياس فيسمان، بإعلان المفوضية الأوروبية عن تأمين قروض ميسّرة، لكنه طالب بتعديل ضريبة تسجيل السيارات وربطها بحجم انبعاثاتها وليس بحجم المحرك، لتشجيع المستهلكين على شراء الحديثة والبيئية منها. ووصفت"بي إم دبليو"برنامج الدعم الأوروبي الخاص بخفض الإنبعاثات السامة، بالجيد. ورأى رئيس شركة"بيجو"الفرنسية كريستيان شراف، أن تأمين القروض"سيساعد الشركات في الحصول على مال لا تحصل عليه حالياً من البنوك".. نشر في العدد: 16666 ت.م: 20-11-2008 ص: 21 ط: الرياض