سعى الكرملين امس، الى تطبيع علاقات روسيا مع اوروبا، بعدما أرسل أخيراً إشارات"إيجابية"حول استعداده للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة. وانعكست تلك المساعي اتساعاً لحجم التأييد الأوروبي للاقتراحات الروسية في شأن ملف الأمن في القارة والدعوة لمناقشة هذه القضية على مستوى الرؤساء في العام المقبل. وعلى رغم الأجواء الايجابية التي رافقت قمة"روسيا - الاتحاد الأوروبي"في مدينة نيس الفرنسية امس، خيّم قلق اوروبي حيال موضوع الصواريخ التي تهدد موسكو بنشرها في كاليننغراد والقضية الجورجية على القمة التي خصصت للبحث في سبل إرساء شراكة بين موسكو وعواصم الاتحاد. كما أن الأجواء الايجابية للقمة لم تنعكس على كل محاور العلاقة مع الغرب، إذ نقلت وكالة"إنترفاكس"الروسية أمس عن مصدر وصفته بأنه"سياسي - عسكري رفيع"تهديداً بأن روسيا ستنسحب من معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا في حال أقر حلف شمال الأطلسي خطة لضم جورجيا وأوكرانيا إليه. وقال المصدر إن موسكو التي جمدت العمل بالمعاهدة قبل شهور"ستنسحب منها نهائياً في حال انضمت الجمهوريتان إلى برنامج تأهيلي يمهد لضمهما نهائياً إلى الحلف، وجاء هذا رداً على تصريح الأمين العام للأطلسي ياب دي هوب خافير حول احتمال توسيع الحلف في العام المقبل بضم بلدين جديدين إليه. الصواريخ تخيّم على القمة وخيّم موضوع الصواريخ التي تهدد موسكو بنشرها في كاليننغراد والقضية الجورجية على القمة الأوروبية الروسية المخصصة للبحث في سبل إرساء شراكة بين الجانبين. وانتهت القمة الى استمرار التباين في المواقف في شأن موضوع الصواريخ، في ضوء تصريحات كل من الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي والروسي ديمتري ميدفيديف خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه في ختام القمة. وعا ساركوزي نظيره الروسي الى عدم تنفيذ تهديده بنشر صواريخ في كاليننغراد اذا مضت واشنطن في نشر درع صاروخية شرق اوروبا. وقال الرئيس الفرنسي انه أبلغ ميدفيديف"بمدى قلقنا إزاء هذه التصريحات وبمدى ضرورة الإحجام عن أي انتشار طالما لم نناقش موضوع الأمن في عموم أوروبا". لكن ميدفيديف الذي كان لوح بنشر هذه الصواريخ في الخامس من الشهر الحالي، لإبطال مفعول الدرع الاميركية، لم يقدم أي تعهد رداً على ما طلبه ساركوزي. وحمّل ميدفيديف مجدداً خلال المؤتمر الصحافي، الولاياتالمتحدة المسؤولية عن هذا الأمر، داعياً اياها الى العدول عن أي خطوة أحادية. وقال ميدفيديف ان روسيا"ما كانت لتقدم ابداً على مثل هذه الإجراءات"في إشارة الى صواريخ كاليننغراد وأن"كل أفعالنا جاءت رداً على تصرف دول أخرى وافقت على وجود وسائل دفاعية جديدة على أراضيها من دون مناقشة ذلك مع أحد". لكنه في المقابل، أكد مجدداً استعداده لمناقشة ميثاق جديد للأمن في أوروبا، ربما في منتصف عام 2009، وفي إطار"منظمة الأمن والتعاون الأوروبي"، مشيراً الى ان أي اتفاق في هذا الشأن لن يوقع إن لم يسبقه عدول عن الإجراءات الأحادية. وبالنسبة الى موضوع جورجيا، أشار ساركوزي بارتياح الى ان روسيا نفذت الجزء الأساس من تعهداتها حول الانسحاب من الأراضي الجورجية، داعياً الى المزيد من التقدم حول سحب القوات الروسية من منطقتين محددتين في أوسيتيا، هما وادي افلغوري وبلدة بيرفي. كما طالب الرئيس الفرنسي نظيره الروسي، بتسهيل دخول المراقبين الدوليين الى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. ولفت ساركوزي الى ان ميدفيديف وعد ببذل كل الجهود لإيجاد حل والتقدم نحو إزالة كل العناصر المثيرة للاستفزاز. وأشار الرئيسان الى تقارب وجهات نظرهما بالنسبة الى قمة الدول العشرين التي يشاركان فيها في واشنطن حول الأزمة المالية الدولية وضرورة إجراء إصلاح بالعمق لكل المؤسسات المالية الدولية. وأعلنت موسكو، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيناقش في البرتغال الأسبوع المقبل اقتراح بلاده توقيع معاهدة في شأن الأمن الأوروبي. ونقلت وكالة الأنباء الروسية"نوفوستي"عن الناطق باسم الخارجية الروسية أندريه نيسترينكو قوله إن لافروف سيجتمع مع نظيره البرتغالى لويس امادو ورئيس الوزراء خوسيه سقراط خلال زيارة عمل الى البرتغال في 17 و18 الجاري. وقال نيسترينكو إن"وزيري خارجية البلدين سيركزان على مسألة إقامة نظام جديد للأمن الأوروبي في ضوء المبادرة التي طرحها ميدفيديف"، مشيراً إلى أن الأزمة المالية العالمية ستكون أيضاً على جدول الأعمال. في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن بلاده يمكنها أن تساعد في تخفيف حدّة التوتر بين الولاياتالمتحدةوروسيا في شأن منظومة الدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نشرها في بولندا وتشيخيا. ونقلت وكالة"أنسا"الإيطالية للأنباء عن فراتيني قوله إن"إستراتيجية نشر الصواريخ ليست جيّدة لأوروبا أو روسيا أو الولاياتالمتحدة"، معتبراً أن بلاده من بين الدول القليلة التي يمكنها أن تلعب دور"المسهّل"في تقريب وجهات النظر بين واشنطنوموسكو. وأضاف:"آمل أن يلتقي الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما والرئيس الروسي قريباً لحلّ هذه المسألة". نشر في العدد: 16661 ت.م: 15-11-2008 ص: 20 ط: الرياض