رحب الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس الثلاثاء بخطة سلام اقترحها الاتحاد الأوروبي وقال انها يمكن ان تتيح سبيلا لانهاء الصراع مع جورجيا بشأن منطقة اوسيتيا الجنوبية الانفصالية. وقال ميدفيديف في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "اعتقد ان هذا مبدأ جيد لتسوية المشكلة... يمكن استخدام تلك المبادئ من جانب كل من جورجيا واوسيتيا الجنوبية". واضاف "اذا كان الجانب الجورجي مستعدا فعلا لتوقيعها واعادة قواته الى مواقعها الأصلية وعمل ما تشترطه تلك المبادئ فحينئذ سيفتح الطريق امام التطبيع التدريجي للوضع في اوسيتيا الجنوبية". وقال "الأمر يرجع لجورجيا الآن". وذكر ميدفيديف ان خطة السلام تتضمن بدء محادثات دولية بشأن وضع المنطقة الجورجية المتمردة. وأعلن مدفيديف انه متفق مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي على ضرورة اجراء "محادثات دولية" لتحديد "الوضع المستقبلي" للجمهوريتين الانفصاليتين في جورجيا. وقال الرئيس الروسي انه اتفق مع ساركوزي على وثيقة من ست نقاط تنص على اجراء "محادثات دولية حول الوضع المستقبلي لاوسيتيا الجنوبية وابخازيا وامن" هاتين المنطقتين. من جانبه قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن روسيا وجورجيا اتفقتا على وقف "اطلاق النار" ولكنهما لم تبرما اتفاقاً للسلام. وأضاف ساركوزي "لا يوجد لدينا بعد اتفاق للسلام.. لدينا وقف مؤقت للاقتتال ولكن هذا تقدم كبير". وأضاف الرئيس الفرنسي انه تلقى ضمانات من نظيره الروسي ديمتري مدفيديف بان القوات الروسية لن تبقى في جورجيا. وأكد ان "روسيا ملتزمة ضمان سيادة جورجيا واحترامها". واضاف خلال المؤتمر الصحافي "هذه النقطة ليست موضع اي التباس. انها نقطة مهمة جدا". وشدد الرئيس الفرنسي قائلا "السيادة والاستقلال هما الكلمتان اللتين ارتأيت استخدامهما". وتابع "اتفقنا على احترام السيادة. فجورجيا بلد مستقل. فالروس، وهذا مااكده الرئيس مدفيديف، لا ينوون البقاء في جورجيا". وأعلن ساركوزي في موسكو الثلاثاء ان الاتحاد الأوروبي مستعد للمشاركة في قوة سلام في جورجيا. وقال ساركوزي "ما يهمني كرئيس للاتحاد الأوروبي هو الحفاظ على وحدة اوروبا. ضمان اتفاق 27بلدا ليس بالأمر السهل. في الوقت الحالي، اعتقد ان بوسعي، في اطار المبادرة الفرنسية، الحصول على تاييد الجميع". وقال ساركوزي انه سيفعل "كل ما هو ممكن" لضمان وحدة اووربا في حين اتخذت بعض الدول موقفا معارضا لروسيا في نزاعها مع جورجيا. وكان الرئيس البولندي ليخ كاتزينسكي في طريقه الثلاثاء الى تبيليسي برفقة رؤساء دول البلطيق واوكرانيا لاعلان تضامنهم مع جورجيا. وقال ساركوزي "لا يمكنني ان الوم رئيس بولندا على توجهه الى تبيليسي في حين اذهب اليها بنفسي". وأفاد مراسل فرانس برس ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي غادر موسكو الثلاثاء متوجها الى تبيليسي لاجراء محادثات مع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي حول النزاع بين روسيا وجورجيا. ويرافق الرئيس الفرنسي وزير الخارجية برنار كوشنير الذي كان التقى معه كبار المسؤولين الروس. وهذا وهدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء باتخاذ "اجراءات" ضد جورجيا اذا رفضت خطة السلام التي قدمها الرئيسان الروسي ديمتري مدفيديف والفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال لافروف امام الصحافيين في موسكو انه في حال رفضت تيبليسي الخطة "فسنكون مرغمين على اتخاذ اجراءات اخرى من اجل عدم السماح بتكرار الوضع الناجم عن الاعتداء الذي ارتكبته جورجيا". واضاف "يجب على القوات الجورجية العودة الى ثكناتها. ومن دون ذلك، لن يكون للباقي اهمية تذكر". وتساءل المندوب الدائم لروسيا لدى الحلف الأطلسي ديمتري روغوزين الثلاثاء امام الصحافيين حول احتمال وجود جنود اميركيين يقاتلون الى جانب القوات الجورجية من دون ان يكون قادرا على اثبات اتهامه. وقال روغوزين في مؤتمر صحافي عقده في مقر الحلف الأطلسي في بروكسل "كان هناك 127مدربا عسكريا اميركيا على الأقل في جورجيا قبل اندلاع النزاع". واضاف "كانوا يجرون تدريبات مشتركة" مع القوات الجورجية. ورغم قوله انه غير قادر على التاكيد بان جنودا اميركيين كانوا موجودين لدى بدء المواجهات فانه اضاف "لقد عثرنا على جنود جورجيين بسحنة داكنة قتلى، واذا كان علينا ان نقوم بفحوصات عبر الحمض الريبي النووي فسنفعل". من جانبها أعلنت جورجيا انها طلبت الثلاثاء "مساعدة عسكرية" من الحلف الأطلسي لا سيما لاستبدال نظام راداراتها الذي دمرته القوات الروسية، وذلك في اجتماع لممثلي دول الحلف في بروكسل. ورد المندوب الجورجي في الحلف ريفاز اشدزه بالايجاب على سؤال في مؤتمر صحافي حول ما اذا طلب من الحلف "مساعدة عسكرية". وقال "اولا، واجهنا صعوبات بعد تدمير نظام راداراتنا وطلبنا معدات جديدة". ورفض تقديم معلومات اضافية حول طلبات المساعدة الأخرى التي قدمها لسفراء دول الحلف ال26، لكنه اشار الى انتظار "رد في اسرع وقت ممكن". واضاف "نعمل مع المجلس العسكري في الحلف الأطلسي وناقشنا كافة الاحتمالات، بما فيها المساعدة العسكرية". من جهة اخرى اقر مندوب تبيليسي في موضوع سعي بلاده الانضمام الى الحلف الأطلسي ان دول الحلف ما زالت مقسومة في هذا الموضوع الذي ترفضه موسكو بشكل قاطع. وقال "حصلنا (في الاجتماع) على تضامن الحلفاء لكن بعض الدول ما زالت بعيدة جدا عن اتخاذ موقف مشترك" حول انضمام جورجيا الى الحلف الأطلسي. واضاف "ما زال الاجماع غائبا في هذا الموضوع". وانقسم الحلف بخصوص ترشح جورجيا بدعم اميركي. وتعهد قادة الدول الأعضاء في قمة الحلف في بوخارست في نيسان (ابريل) بقبول ترشح جورجيا واوكرانيا للانضمام الى الحلف في مهلة زمنية محددة، ورفضوا ترشحهما فورا بضغط من فرنسا والمانيا بشكل خاص، وبدعم حوالى عشر دول. وأعلنت الحكومة الجورجية في بيان انها قدمت الثلاثاء شكوى ضد روسيا بتهمة التطهير العرقي امام المحكمة الجنائية الدولية. هذا وعلم لدى النيابة العامة للمحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء ان النائب العام لهذه المحكمة لويس مورينو-اوكامبو يمكن ان يفتح تحقيقا تمهيديا في النزاع بين جورجيا وروسيا. هذا وأعلن متحدث باسم وزير الداخلية الجورجي تشوتا اوتياشفيلي لفرانس برس ان القوات الجورجية انسحبت من ممرات كودوري التي تقع في جمهورية ابخازيا الانفصالية. وكانت القوات الجورجية تنتشر على التلال المشرفة على الممرات ولا وجود لها في النواحي الأخرى من ابخازيا. وقد اعلنت القوات الابخازية الموالية لموسكو في وقت سابق أمس انها طوقت القوات الجورجية في الممرات. في الجانب الآخر أعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أنها طلبت من قواتها المحافظة على جهوزيتها على الخطوط التي وصلت إليها. وذكرت وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" أنه بعد إعلان الرئيس الروسي إنهاء "عملية إرغام جورجيا على السلام"، ستبقى القوات الروسية على الخطوط التي وصلت إليها، ولكنها ستكون جاهزة للرد على أي أعمال عدوانية محتملة من جانب القوات الجورجية. وأعلن نائب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الفريق أول اناتولي نوغوفيتسين في مؤتمر صحافي أنه "في حالة خرق جورجيا قواعد الهدنة، أو محاولتها توجيه ضربات، فإن روسيا سترد بشكل مكافئ على هذه الأعمال". ومواصلة لموقفها منذ البداية قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الثلاثاء ان العمليات العسكرية التي تشنها روسيا في جورجيا "يجب ان تتوقف الآن"، داعية كافة الأطراف الى "وقف اطلاق النار". أعلن البيت الأبيض الثلاثاء ان تحديد الجهة التي يلقى عليها اللوم في النزاع بين جورجيا وروسيا "غير ضروري"، مؤكدا ان على كافة الأطراف المتقاتلة الانسحاب وانهاء القتال. وقال المتحدث اسم البيت الأبيض توني براتو "لا اعتقد انني سابدأ بتوجيه اللوم" في رد على سؤال حول ما اذا كان الهجوم الذي شنته تبيليسي في السادس من اب (اغسطس) سببا في الأزمة. وقال "لا اعتقد ان هذا سؤال مهم". واضاف "بغض النظر، فان النقطة المهمة في هذه المرحلة هي ان على الأطراف ان تنسحب" الى المواقع التي كانت فيها قبل الهجوم الجورجي على اوسيتيا الجنوبية الأسبوع الماضي.