سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الملك عبدالله : الأزمات ينتجها غياب العدل والإرهاب لم يظهر لولا غياب التسامح . إجماع في مؤتمر حوار الأديان على الإشادة بمبادرة خادم الحرمين وسليمان يقترح أن يكون لبنان "مركزاً دولياً لإدارة حوار الحضارات"
أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة التي وصفها بأنها"ضمير العالم"، وأمام قادة العالم وممثليه الذين تجاوبوا مع مبادرته وشاركوا في الاجتماع الرفيع المستوى لحوار الأديان، ان الأديان"ينبغي ان لا تُحول الى أسباب شقاء البشر"وان"الانسان نظير الانسان في الخلق وشريكه على هذا الكوكب، فإما يعيشا معاً في سلام وصفاء، وإما ان ينتهيا بنيران سوء الفهم والحقد والكراهية". وفي ما يأتي نص الكلمة: "أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، صاحب المعالي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، صاحب المعالي الامين العام للأمم المتحدة، أصحاب المعالي والسعادة، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فأمام هذا الجمع من قادة العالم وممثليه، ومن الجمعية العامة، ضمير الأممالمتحدة، وبمشهد من الدنيا كلها، نقول اليوم بصوت واحد أن الأديان التي اراد بها الله عز وجل إسعاد البشر لا ينبغي ان تحول الى أسباب شقائهم، وان الانسان نظير الانسان في الخلق وشريكه على هذا الكوكب، فإما ان يعيشا معاً في سلام وصفاء، وإما ان ينتهيا بنيران سوء الفهم والحقد والكراهية. ايها الأصدقاء، إن الانشغال عبر التاريخ بنقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد الى التعصب، وبسبب ذلك، قامت حروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة لم يكن لها مبرر من منطق أو فكر سليم، وقد آن الأوان لأن نتعلم من دروس الماضي القاسية، وان نجتمع على الاخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعاً، وما نختلف عليه سيفصل فيه عالم الغيب والشهادة يوم الحساب، إن كل مأساة يشهدها العالم اليوم هي في النهاية نتيجة للتخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها كل الأديان والثقافات، فأزمات العالم كلها لا تعني سوى تنكر الخلق لمبدأ العدالة الخالد. ان الارهاب والاجرام عدوا كل دين وكل حضارة، وما كانا ليظهرا لولا غياب مبدأ التسامح. والضياع الذي يلف حياة كثير من الشباب وكان طريقاً للمخدرات والجريمة، لم ينتشر إلا بعد انهيار روابط الأسرة التي ارادها الله عز وجل ثابتة قوية. ان حوارنا الذي سيتم بطريقة حضارية كفيل - بإذن الله - بإحياء المثل العليا السامية، وإعادتها الى الشعوب والأمم. ولا شك - بإن الله - أن ذلك سوف يمثل انتصاراً باهراً لأنبل ما في الانسان على أسوأ ما فيه، ويمنح الانسانية الأمل في مستقبل يسود فيه العدل والأمن والحياة على الظلم والخوف والفقر. أيها الأصدقاء، أشكر معالي رئيس الجمعية العامة على الدعوة لهذا اللقاء، وأشكر اصدقائي من زعماء العالم وقادته على حضورهم من مشارق الأرض ومغاربها، معتزاً بصداقتهم وبمشاركاتهم، واسمحوا لي أن أدعو المتحاورين في مدريد الى اختيار لجنة تمثلهم تتولى مسؤولية الحوار في الأيام والأعوام القادمة. وأؤكد لهم ولمختلف دول العالم وشعوبه وقادته ومنظماته أن اهتمامنا بالحوار منطلق من ديننا وقيمنا الاسلامية، وإشفاقنا على العالم الانساني، ليجد مخرجاً من مآسيه. وإننا سنتابع ما بدأناه، وسنمد أيدينا لكل محبي السلام والعدل والتسامح. وختاماً أذكركم ونفسي بما جاء في القرآن الكريم: يَا أيُّهَا النّاسُ إنّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". كلمات المشاركين وكان الملك عبدالله المتحدث الأول في الاجتماع الخاص الرفيع مباشرة بعد كلمة رئيس الجمعية العامة للدورة الحالية القس النيكاراغوي ميغيل ديسوتو بروكمان وكلمة الأمين العام بان كي مون. راجع ص 4 وتوجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى القادة المشاركين في الاجتماع شاكراً حضورهم، وقال إن"وجودكم هنا شهادة على أهمية إقامة حوار في عالم اليوم. والمملكة العربية السعودية اتخذت مبادرة ملهمة حقاً من أجل الانسجام العالمي والتفاهم المتبادل، واني أتوجه بالشكر الى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على دوره الديناميكي في جعل هذا الحشد ممكناً". وقال رئيس الجمعية العامة ميغويل دي ايسكوتو بروكمان لدى افتتاحه الاجتماع"انه لشرف لي ان أترأس هذا الاجتماع الذي يهدف الى استخدام قيمنا المبنية على الايمان وايماننا الاخلاقي بالسعي وراء حلول للقضايا الملتهبة في عصرنا والتي تعكسها أجندة الجمعية العامة". وعبر القس بروكمان عن"التقدير العميق الذي أكنه لأخينا الملك عبدالله وذلك لاستدعائه انتباهنا الى ضرورة عقد هذا الاجتماع". وقال ان الاجتماع لمدة يومين في الجمعية العامة ليس تجمعاً للتحدث عن الدين وانما هو منبر"للتعهد بأن نضع أنفسنا وقدراتنا الاخلاقية في خدمة أهداف منظمة الأممالمتحدة". امير الكويت وقال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، في كلمته،"إن عالمنا اليوم، يمر بظروف عصيبة تعاظمت فيها المشاكل وتنوعت، تعقدت فيها الحلول وتعسرت، اختلط فيها العجز عن حل القضايا السياسية في مناطق عديدة من العالم، فظهرت صراعات وحروب أهلية جديدة، تشابكت فيها الأزمات الاقتصادية الملحة، مع الكوارث الطبيعية المهلكة، برزت ظواهر جديدة وتعاظمت، كظاهرة الإرهاب، والمخدرات، والتمييز، تفشت روح العصبية والكراهية وتأججت مشاعر البغض والعزل بين معتنقي الأديان والثقافات والاتجاهات السياسية، ووجهت أعنف الاتهامات والتجريح لرموزها ومبادئها وقيمتها". وشدد على"اننا مطالبون اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بتحويل ثقافة العالم من ثقافة كره وتعصب وحرب الى ثقافة حوار وتعايش وجوداً وفكراً. إن سبيلنا لذلك هو الايجابية في التعامل والتفاعل بعضاً مع بعض، دون عقد أو خوف، منطلقين من حقيقة اننا جميعاً مؤتمنون على مقدرات البشرية وتنميتها لصالح الانسان". واعتبر الشيخ صباح"إن أبلغ نتيجة لتجمعنا الخيّر هذا، وفي هذه القاعة هو أن يصدر عنه تعهداً عالمياً باحترام الأديان، وعدم المساس والتعرّض، أو التهكّم على رموز تلك الأديان، وردع مرتكبي تلك الأفعال، والداعين لها"، داعياً الى"أن نلتزم ونشجع ونموّل البرامج التي تعمل على نشر ثقافة التسامح والتفاهم عبر الحوار، لتكون اطاراً للعلاقات الدولية، وذلك من خلال المؤتمرات والندوات وتطوير البرامج الثقافية والتربوية والإعلامية لتحقيق تلك الأهداف". ملك الاردن من جهته، اشاد الملك الاردني عبدالله الثاني بخادم الحرمين الذي قال انه"بدأ مسيرته بكسر الحواجز بين اتباع الديانات بلقائه قداسة البابا، ثم دعوته ورعايته لمؤتمر مكةالمكرمة ومؤتمر مدريد، وها هو اليوم يدعو لهذا الاجتماع الدولي استمرارا لمسيرته المباركة في التقريب والتفاهم والتسامح بين اتباع الديانات والحضارات المختلفة". واضاف"من المستحيل الحديث عن الانسجام والتناغم بين الاديان، وخصوصا بين الشرق والغرب، من دون التوصل الى حل للصراع في الشرق الاوسط. فالصراع الفلسطيني الاسرائيلي هو اساس الصراع في منطقتنا، وهو صراع سياسي يتطلب حلا تفاوضيا عادلا يحقق الحرية للفلسطينيين ويؤدي الى قيام دولتهم المستقلة، ويضمن المزيد من الامن والقبول الاقليمي لاسرائيل". كلمة بيريز وخاطب الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز الاجتماع الرفيع، ولم يخرج من القاعة سوى الرئيس اللبناني ميشال سليمان لدى صعود بيريز الى المنصة. واثنى بيريز على كلمة الملك عبدالله، واعلن ان إعادة رسم مستقبل المنطقة"ممكن أكثر اليوم في ضوء الاقتراح السعودي الذي تطور الى مبادرة السلام العربية". وقال:"إن تصور هذه المبادرة لمستقبل منطقتنا يوفر الأمل للشعوب ويلهم بالثقة بالدول. ونعم - ان تغيير العالم يتطلب تغيير أنفسنا، وكما تنص مبادرة السلام العربية: ان الحل العسكري للنزاع لن يحقق سلاماً ولن يوفر أمناً للأطراف. واسرائيل توافق على هذا الافتراض". وتابع يقول إن المبادرة العربية تنص على أن"تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط هو الخيار الاستراتيجي للدول العربية. وهذه هي أيضاً استراتيجية اسرائيل". واقتطف بيريز من المبادرة العربية أهدافها المعلنة لإنهاء النزاع العربي - الاسرائيلي والدخول في اتفاقية سلام مع اسرائيل والأمن لجميع دول المنطقة وإقامة العلاقات الطبيعية مع اسرائيل في إطار السلام الشامل. وقال ان"تعابير مبادرة السلام العربية هذه ملهمة وتتضمن الوعود، وهي مدخل جدي نحو التقدم الحقيقي". وأضاف:"ان السلام الاقليمي الشامل يتطلب استكمال المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين وتحمل الكلفة المؤلمة. ونحن على استعداد لذلك كما ثبت وبرهنا عدة مرات في السابق". واشار الى"اننا نحرز التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين ونحن نستطلع امكانات السلام الحقيقي مع السوريين - آخر قائمة النزاعات التاريخية". وكرر بيريز موقفه من المبادرة العربية خلال مؤتمر صحافي عقده لاحقاً. سليمان وألقى الرئيس ميشال سليمان كلمة لبنان، فاقترح ان يكون بلده"مركزا دوليا لادارة حوار الحضارات والثقافات وان يصبح بالتالي مختبرا عالميا لهذا الحوار الكياني، علما ان المادة التاسعة من الدستور اللبناني تنص على ان حرية الاعتقاد في لبنان مطلقة وبأن الدولة تحترم جميع الاديان والمذاهب وتكفل حرية اقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها". وحمل سليمان على الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية، مؤكدا ان"القدس، مدينة السلام ولقاء المؤمنين بأديان التوحيد السماوية، لا تحقق دعوتها التاريخية ما لم يرفع الظلم عن ابنائها وعن شعب فلسطين، وما لم يرفع الاحتلال". وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ان"الحوار اضحى ركنا اساسيا من اركان السياسات على المستوى الوطني والاقليمي والدولي الرامية الى تحقيق السلام والتنمية المستدامة"، مؤكدا ان سياسة بلاده"التي تحترم الشريعة الاسلامية السمحاء تستهدي بقيم التسامح واحترام الاديان والثقافات المتعددة". وطرحت المتحدثة الثانية من قادة الدول رئيسة الفيليبين غلوريا أرويو مشروع قرار مشترك للفيليبين وباكستان دعمت تقديمه رسمياً 60 دولة، قالت انه"لاقى اجماع الدول"، بهدف اعتماده مع انتهاء مداولات الجمعية العامة اليوم. واوضحت ان هدف القرار تأكيد ان"التفاهم المتبادل والحوار بين الأديان يشكل جزءاً مهماً من التحالف بين الحضارات وثقافة السلام". ويطلب مشروع القرار اعلان عقد للأمم المتحدة بين الديانات والحضارات وللتفاهم والتعاون من أجل السلام.