الحوار نهج أصيل في فكر واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله ويرى أيده الله أن التفاهم يتم من خلال حوار الحضارات وليس صراعها ..وتأكيدا لهذا المبدأ دعا أيده الله للحوار الداخلي من خلال عدة قضايا طرحها مركز الملك عبدالعزيز لحوار الحضارات ، ساهمت في ترسيخ ثقافة الحوار... من أجل محاصرة الأفكار الضالة والمنحرفة من خلال الوعي وترسيخ نهج الحوار ولم تقتصر دعوة خادم الحرمين للحوار على المجال الداخلي فحسب فقد كان المليك المفدى يتطلع إلى عالم خال من الحروب والصراعات والاقتتال حتى تنعم البشرية بغض النظر عن ديانتها بالسلام والاستقرار ، ومن أجل هذا جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المعتبرة من خلال المشترك الانساني الذي يربط بين الجميع ، كما دعا خادم الحرمين أكثر من مرة إلى ضرورة التعريف بالاخر وبتاريخه وقيمه وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والاعتراف بالتنوع الثقافي والحضاري.. وقد توجت جهود خادم الحرمين الشريفين باجتماع عالي المستوى عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بنيويورك في الفترة من 12 إلى 13 من شهر نوفمبر 20008م بناء على طلب خادم الحرمين الشريفين لمواصلة الحوار العالمي الذي انطلق من العاصمة الاسبانية مدريد في شهر يوليو من العام نفسه وجاء هذا الاجتماع عالي المستوى بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات ليجسد امال وتطلعات خادم الحرمين الشريفين ومسعاه النبيل والرائد لتحقيق التفاهم والتعاون بين الأمم التي تجتمع على مبادىء كبرى وتشترك في قيم عظمى وقال خادم الحرمين الشريفين في الكلمة التي ألقاها حفظه الله أمام هذا الاجتماع : إن التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد إلى التعصب وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة لم يكن لها مبرر من منطق أو فكر سليم ، وقد آن الأوان أن نتعلم من دروس الماضي القاسية ، وأن تجتمع على الأخلاق والمثل التي نؤمن بها جميعاً ، وما نختلف عليه سيفصل فيه الرب سبحانه وتعالى يوم الحساب ، إن كل مأساة شهدها العالم اليوم ناتجة عن التخلي عن مبدأ عظيم من المبادىء التي نادت بها كل الأديان والثقافات فمشاكل العالم كلها لا تعني سوى تنكر البشر لمبدأ العدالة. وأكد الاجتماع في الاعلان الذي صدر في ختام أعماله ضرورة الالتزام بدعم حقوق الانسان ورفض استخدام الدين لتبرير قتل الأبرياء ، ونوه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد تلاوته البيان الختامي للاجتماع بمبادرة خادم الحرمين الشريفين بالدعوة للحوار وقال : إن مبادرة الملك عبدالله جاءت في وقت أحوج ما تكون فيه للحوار فقد جمعت أشخاصاً لن تتوفر لهم الفرصة للاجتماع وستساعد هذه المبادرة بجانب المبادرات الأخرى لبناء عالم أكثر تجانساً. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت في 11 شوال 1429 الموافق 11 أكتوبر 2008 أنها ستعقد اجتماعا رفيع المستوى في الفترة من 12 إلى 13 من نوفمبر القادم للحوار بين أتباع الأديان وذلك بناء على طلب وجهه وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل باسم خادم الحرمين الشريفين وباسم المجموعة العربية خلال كلمة المملكة التي ألقاها سموه في الدورة ال63 للجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر من العام نفسه لمواصلة العملية التي بدأت في مدريد في يوليو الماضي. وقال رئيس الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة ميجيل دي أسكوتو في بيان له (إنني مقتنع بأننا جميعاً سنجد في دياناتنا وثقافتنا أرضية قوية لتبني منطق المحبة والتضامن). وأضاف (يتعين علينا جميعاً أن نسعى بصورة مشتركة لتحويل ذلك إلى تضامن في القوة الأساسية الدافعة من أجل الإنسانية). وثمن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جهود المملكة بشأن الاجتماع رفيع المستوى الذي سيعقد في الجمعية العامة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، واصفا انعقاده بالحدث المهم للغاية. وأشار الأمين العام في بيان صدر عن الأممالمتحدة إلى أن المشاورات التي سبقت المؤتمر تسير بصورة سلسة للغاية، مضيفا أن العديد من قادة بلدان وحكومات العالم أكدوا عزمهم المشاركة في المؤتمر. وقال بان كي مون إن هذه المبادرة والمبادرات المماثلة والجهود الأخرى التي تكرس لفكر التفاهم والتقدير المشترك بين أتباع الديانات والثقافات ستدفع المجتمع الدولي نحو المزيد من التناغم. وكان المؤتمر العالمي للحوار قد أوصى في إعلان مدريد بدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تأييد النتائج التي توصل إليها هذا المؤتمر والاستفادة منها في دفع الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات من خلال عقد دورة خاصة للحوار.وعبر المشاركون في المؤتمر عن الأمل في أن يبذل خادم الحرمين الشريفين مساعيه في عقدها في أقرب فرصة ممكنة. وبهذا الإنجاز التاريخي سجل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اسمه بأحرف من نور في التاريخ المعاصر كونه واحداً من أبرز دعاة السلام والحوار. فخادم الحرمين الشريفين يدرك ما تعانيه الإنسانية من مشكلات, ومتاعب في المجال الأخلاقي, وفي مجال الأسرة, وفي مجال الابتعاد عن الدين وفي مجال الصراع بين الشعوب والمجتمعات والحضارات, ومن هنا اهتم رعاه الله بقضية الحوار. ويأتي اجتماع الأممالمتحدة عالي المستوى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات ليجسد آمال وتطلعات خادم الحرمين الشريفين ومسعاه النبيل والرائد لتحقيق التفاهم والتعاون بين الأمم التي تجتمع على مبادئ كبرى وتشترك في قيم عظمى. ورعى خادم الحرمين في 16 يوليو 2008 بحضور ملك إسبانيا خوان كارلوس حفل افتتاح أعمال المؤتمر العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي على مدى ثلاثة أيام واستصافته مملكة إسبانيا في العاصمة مدريد. وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمته خلال حفل الافتتاح مخاطبا المشاركين في المؤتمر (جئتكم من مهوى قلوب المسلمين، من بلاد الحرمين الشريفين حاملا معي رسالة من الأمة الإسلامية، ممثلة في علمائها ومفكريها الذين اجتمعوا مؤخرا في رحاب بيت الله الحرام، رسالة تعلن أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح ، رسالة تدعو إلى الحوار البناء بين أتباع الأديان، رسالة تبشر الإنسانية بفتح صفحة جديدة يحل فيها الوئام محل الصراع). وأضاف :إننا جميعا نؤمن برب واحد، بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه أن يختلف الناس في أديانهم ، ولو شاء لجمع البشر على دين واحد ، ونحن نجتمع اليوم لنؤكد أن الأديان التي أرادها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون وسبباً لسعادتهم. لذلك علينا أن نعلن للعالم أن الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي إلى النزاع والصراع ، ونقول إن المآسي التي مرت في تاريخ البشر لم تكن بسبب الأديان ، ولكن بسبب التطرف الذي ابتلي به بعض أتباع كل دين سماوي ، وكل عقيدة سياسية. ولفت خادم الحرمين الشريفين النظر إلى ما تعانيه البشرية اليوم من ضياع القيم والتباس المفاهيم، وما تمر به من فترة حرجة تشهد بالرغم من كل التقدم العلمي تفشي الجرائم، وتنامي الإرهاب وتفكك الأسرة، وانتهاك المخدرات لعقول الشباب،واستغلال الأقوياء للفقراء، والنزعات العنصرية البغيضة. ودعا خادم الحرمين الشريفين في ختام كلمته إلى أن يكون الحوار مناصرة للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والعدالة في مواجهة الظلم، والسلام في مواجهة الصراعات والحروب، والأخوة البشرية في مواجهة العنصرية . وخلال السنوات الماضية ظل خادم الحرمين يدعو في مناسبات عدة ومنابر متنوعة إلى إحلال السلام محل النزاعات والصراعات, واتخاذ الحوار منهجا لتقريب المسافات بين أتباع الرسالات الإلهية والثقافات والحضارات. وتبرز في هذا السياق مبادرته للسلام في الشرق الأوسط التي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002 وأصبحت تعرف بالمبادرة العربية للسلام. وفي إطار حرص المملكة على تكريس دور منظمة الأممالمتحدة وتعزيز التعاون الدولي شارك خادم الحرمين الشريفين عندما كان وليا للعهد في سبتمبر 2000 قادة دول العالم وممثليهم في قمة الألفية للأمم المتحدة التي نظمتها الأممالمتحدة بمقرها في نيويورك. وألقى خادم الحرمين كلمة أمام قادة دول العالم ورؤساء وفودها جاء من ضمنها (لقد نص الميثاق على ممارسة التسامح وحسن الجوار ولنا أن نتساءل أين نحن من ذلك). كما قال :أين نحن مما نص عليه الميثاق من صون حقوق الإنسان الأساسية. وأضاف :إن حقوق الإنسان كما نفهمها نحن المسلمين هي هبة من الخالق لا يملك أحد حق مصادرتها أو سلبها وليست شهادة حسن سلوك يقدمها بعض البشر لبعض من زاوية ادعاء خاطئ لتفوق أخلاقي على الآخرين. وفي شعبان 1422 كانت لخادم الحرمين دعوة خلال ندوة صورة الإسلام في الإعلام المعاصر التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة حيث قال:إن المملكة تدعو إلى الحوار والتفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب والحضارات وتتطلع إلى أن تقوم رابطة العالم الإسلامي بالتهيئة لبرنامج عالمي حول الحوار بين الحضارات والتعايش بين الثقافات والتواصل بين الشعوب. وخلال استقباله في فبراير 2006 ضيوف مهرجان الجنادرية من العلماء والأدباء والمفكرين ورجال الإعلام قال في هذا الخصوصً (في هذه الظروف التي تتعرض لها الأمة لهجوم يستهدف شريعتنا ورموزها وفكرها يصبح من واجب أبنائها ومفكريها على وجه الخصوص أن يبرزوا الوجه الحقيقي للأمة, وجه التسامح والعدالة والوسطية). وفي حديث لوكالة أنباء (إيتارتاس) الروسية في 12 فبراير 2007 أكد ينبغي أن ندرك أن جميع الحضارات الإنسانية تنبع من منهل واحد كما أن الحضارات استفادت من بعضها البعض وحقائق التطور الإنسانية تثبت بصورة جلية حقيقة التكامل فيما بين الحضارات. وبهذه الجهود المتواصلة والكبيرة رسم خادم الحرمين الشريفين الطريق للحوار مع أتباع الرسالات الالهية والحضارات والثقافات وحددها أيده الله في القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات السماوية التي أنزلت من الرب عز وجل لما فيه خير الانسان والحفاظ على كرامته وتعزيز قيم الأخلاق والتعاملات التي لا تستقيم والخداع ، وتنبذ الخيانة وتنفر من الجريمة وتحارب الارهاب وتحتقر الكذب وتؤسس لمكارم الأخلاق والصدق والأمانة والعدل.