بين عشق القصيدة وسحر صاحبة الجلالة الصحافة والوقوع في غرام المسرح، يقف كاتب السيناريو المصري محمد الغيطي على عتبة الدراما ليحقق عبر أكثر من عشرين مسلسلاً تلفزيونياً، ما كان يحلم به من شهرة ونجاح. يعيش اليوم حالاً من السعادة نتيجة رد الفعل الجيد الذي حققه مسلسله الذي عرض في شهر رمضان"بنت من الزمن ده"من بطولة داليا البحيري، وفوز مسلسله"صرخة أنثى"الذي عرض في شهر رمضان الماضي بالجائزة الأولى في مسابقة الدراما التي نظمها"المجلس القومي المصرى لحقوق الإنسان"بهدف تشجيع المبدعين في العالم العربي الذين يقدمون"أعمالاً قوية تتناول قضايا المجتمع بعمق وصدقية". فور تسلمه الجائزة التقت"الحياة"محمد الغيطي وبادرته بالسؤال عن شعوره بعد نجاح"صرخة أنثى"فى اقتناص الجائزة الأولى من بين 50 عملاً مصرياً وعربياً تقدموا للمسابقة، فأجاب:"أشعر بالفرح والفخر لأني أعاني كثيراً في كتابة أعمالي، إذ أكرس لها كل وقتي وأقرأ كثيراً عن القضايا التي أتناولها أو عن الفترات التاريخية التي تدور فيها، ثم يستمر العناء في تمريرها من بين مخالب الرقابة في التلفزيون المصري. ولا شك في أن جائزة"المجلس القومي مسكوت عنها، وأنا دائماً أرفض التخلي عن الجرأة فى أعمالي، أو حذف المشاهد المهمة منها كلما حاولت الرقابة ذلك". وعما إذا كان يرى فائدة من وجود هيئات رقابية على الفن، على رغم تعدد القنوات الفضائية وصعوبة تقنين ما يقدم للجمهور، قال الغيطي:"إن وجود الرقابة وتعاملها مع الفن باعتبارها قدراً محتوماً هو أمر مستفز جداً لأننا نعيش عصر السماوات المفتوحة، والعولمة تستوجب إلغاء الرقابة تماماً وترك التقويم لضمير الكاتب أولاً ثم النقاد المنوط بهم في المقام الأول تحليل العمل الفني". وأكد صاحب"صرخة أنثى"أنه يعشق كتابة المسلسلات التاريخية،"لكن ظروف الإنتاج في مصر سيئة جداً، خصوصاً أن هذه الأعمال تحتاج إلى التركيز على كل تفصيل صغير والإعداد الجيد، وهو ما نجحت الدراما السورية في تقديمه في شكل رائع في الفترة الأخيرة". ورفض الغيطي مقولة"غزو الممثلين والمخرجين السوريين لمصر"وقال:"لا جنسية للفن، فالمنافسة قائمة والجيد هو الذي يثبت ذاته... ثم لماذا لا نعترف بالتقصير وبأن مخرجينا ونجومنا كانوا في حاجة إلى مثل هذا المناخ المنافس كي يخرجوا أفضل ما لديهم بعدما اكتفى كل منهم بما حقق سابقاً من نجاح؟". وفي ما يتعلق بتناول التاريخ درامياً، انتقد"حرص بعض الكتاب على الجانب الوثائقي على حساب الدراما"، معتبراً أن مسلسل"ناصر"للكاتب يسري الجندي وقع في هذا المأزق. وأشار الى أنه يعكف حالياً على كتابة مسلسل تاريخي يتناول احداثاً وقعت في مصر من نهاية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، على أن يتولى إخراجه باسل الخطيب"لأنه أفضل من قدموا أعمالاً تاريخية في الفترة الأخيرة". وعن حال الدراما المصرية، قال:"كانت قوية بكتابات محسن زايد وأسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبد الرحمن إلا أن المستوى تدهور ودخلت حسابات الإعلانات والبيزنس في المسألة، فضلاً عن أن الكاتب لم يعد حراً فى اختيار مواضيعه". وأضاف:"من أسباب الضعف كذلك عدم وجود مساحة للشباب كي يثبتوا جدارتهم، إلا أن الكتابة الجيدة تفرض نفسها وأنا لي أكثر من 20 مسلسلاً لم يساندني فيها أحد". يذكر أن الغيطي حاز عام 2003 على جائزة"أفضل مؤلف درامي عربي"من مؤسسة"صوت بلادي"في ولاية نيوجيرسي الأميركية، وجائزة الدولة التشجيعية في الأدب عن ديوان"النقش ع المية"في العام ذاته. وللغيطي أعمال مسرحية عدة مثل"الشبكة"1995 و"السندبادة البحرية"1996 و"حريم الملح و السكر"2001. ومن أبرز مسلسلاته"الأقدار"عن رواية نجيب محفوظ"عبث الأقدار"، و"حد السكين"و"ملح الأرض". لقطة من مسلسل"بنت من الزمن ده"لمحمد الغيطي