أمسك الرئيس شمعون بيريز العصا من منتصفها في خصوص موقف إسرائيل من المبادرة العربية للسلام، وإذ أعلن قبول المبادرة ورآها"فرصة من الخطأ إضاعتها"، إلا أنه"لم يكن قاطعاً"في هذا القبول، وحرص على لفت الانتباه إلى أنه لا يحدد"ملامح أساسية أو عامة بالنسبة إلى قبول المبادرة". وكانت المبادرة موضع بحث خلال المحادثات التي أجراها بيريز مع مبارك في منتجع شرم الشيخ والتي بدأت بجلسة محادثات ثنائية اقتصرت على الرئيسيين، قبل أن تمتد على مأدبة غداء حضرها وزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير حسين طنطاوي ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط وعدد من الوزراء المصريين والمستشارين المرافقين للرئيس الإسرائيلي. وكان لافتا حجم الثناء المتبادل بين الرئيسين خلال مؤتمرهما الصحافي، اذ أعرب مبارك عن ارتياحه"لما أجريناه من مشاورات صريحة وبناءة"، وقال إنه أكد"تطلع مصر لأن تمضي الحكومة الإسرائيلية الجديدة في التفاوض مع السلطة الفلسطينية من دون إبطاء للتوصل الى اتفاق سلام، كما أشرت إلى استمرار أنشطة الاستيطان فى الضفة الغربية والأعمال الجارية في البلدة القديمة في القدس ومحيط الحرم القدسي وانعكاساتها السلبية على جهودنا لبناء الثقة ودفع عملية السلام. وأعربت للرئيس بيريز عن تطلعي لمواقف إيجابية تدعم جهودنا لتثبيت التهدئة بما يحقق رفع الحصار عن غزة وينهي معاناة سكان القطاع". من جانبه، قال بيريز:"محادثاتنا تناولت كيفية العمل واقتراح مستقبل جديد للشرق الأوسط، وهذا ليس بديلا عن المفاوضات التي تجري مع الفلسطينيين". واستحوذ الحديث عن المبادرة العربية للسلام على الجانب الأكبر من المؤتمر الصحافي، فبيريز من جانبه أعلن خلال كلمته الاستهلالية في بدء المؤتمر أن"إسرائيل تقبل المبادرة العربية من أجل إحلال السلام في كل المنطقة لنعيش سويا .. السلام لم يكن أبدا ممكنا في السنوات الماضية مثلما هو ممكن الآن، ومن الخطأ أن نضيع مثل هذه الفرصة". إلا أنه حين سئل إلى أي مدى تقبل إسرائيل المبادرة، أجاب:"إنني لم أحدد ملامح أساسية أو عامة بالنسبة الى قبول المبادرة"، مؤكدا أهمية وضع حد للنزاع العربي - الإسرائيلي، وقال:"هناك صعوبات مع الفلسطينيين، والتوصل إلى سلام عام وشامل سيساعد على فتح مجالات عديدة... وآمل أيضا في التوصل إلى سلام مع لبنان". وعلق مبارك على حديث بيريز، قائلا إن"المبادرة العربية صدرت عن القمة العربية وتقول إنه إذا حصل سلام كامل بين القوات المتصارعة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الدول العربية كلها ستتعامل مع إسرائيل بعلاقات طبيعية جدا، بمعنى أن التعاون في كل المجالات لن يكون عليه قيد أبدا... لا بد من فهم مفهوم المبادرة، فهي ليست مبادرة للتفاوض، وإنما إذا تم الوصول إلى حل بالنسبة الى القضية، فتكون الدول العربية ملزمة طبقا لهذه المبادرة بإقامة علاقات طبيعية مع الإسرائيليين". وعما ستضيفه المفاوضات الجماعية في ما لم تنجح فيه المفاوضات الثنائية، وهل العيب اساسا في مفاوضات السلام يرجع إلى نوعها سواء أكانت جماعية"مع الدول العربية"أم ثنائية، قال الرئيس الإسرائيلي:"قبل كل شيء لقد تطرقت في مسألة المحادثات الجماعية أو الثنائية إلى أن لها هدفا... المبادرة العربية اساسا تدعو إلى وضع نهاية للصراع بصورة أساسية، والرئيس مبارك عندما قال إنه يريد التوصل إلى نهاية للصراع مع الفلسطينيين، فهذا هو الهدف". وعن حديث إسرائيل عن فاعلية المفاوضات الجماعية عن مثيلتها الثنائية، قال الرئيس مبارك:"المبادرة العربية ليس بها بند يعطي دورا للدول العربية للتفاوض كلها جماعية، وإنما المبادرة تقول إذا تم حل النزاع في الشرق الاوسط ، فعلى الدول العربية أن تقوم بعلاقات طبيعية مع إسرائيل". وعلق بيريز على حديث مبارك قائلا:"إسرائيل تريد السلام مع كل الدول العربية، والسلام ليس عدوا لنا، وهناك مشكلة محددة مع إيران، والمشكلة ليست مع إسرائيل إنما في سيطرة شعب على شعب آخر أو شعوب أخرى". وعن مفاوضات السلام بين إسرائيل وسورية، قال بيريز:"اقترحنا إجراء مفاوضات سلام مع سورية، والأمر في يد السوريين". وفي خصوص قضية الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليت، أعرب بيريز عن أمله في أن تحقق الجهود المبذولة للافراج عن شاليت نتائج جيدة، وقال:"سنستمر في العمل سويا مع مصر، وهي الدولة الرائدة في المنطقة، ويحظى زعيمها بثقة المنطقة، وهو يدلي دائما بأقوال صادقة". وعما إذا كان عدم الافراج عن شاليت يعني أن مصر فشلت فى الوساطة، قال مبارك:"لم نفشل، إذا كان هناك فشل فهو من الجانب الآخر، لا تعير الفشل لنا، إننا نبذل أقصى الجهود، والجانب الإسرائيلي يعلم تماما الجهود المصرية التي تبذل للافراج عن الجندى شاليت". وعن المشاورات لتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، قال بيريز إنه على ثقة من أن الحكومة التي سيتم تشكيلها ستستمر في مسيرة السلام.