على رغم تشابه النشرات الأسبوعية في المضمون والعناوين، بيد أن"نهاية الأسبوع"على شاشة"العربية"- وهو أقرب في واقع الحال إلى أن يكون برنامجاً متكاملاً أكثر منه مجرد نشرة أسبوعية - نجح في التمايز عن تلك النشرات الأسبوعية التلفزيونية العتيقة عبر التجديد في المبنى والمعنى، ما مثل ثورة في عالم هذه النوعية من البرامج الإخبارية التي تعنى بجرد أحداث أسبوع كامل ومراجعته. يأتي هذا البرنامج في إطار الخطة التحديثية التي تنتهجها"العربية"في مختلف نشراتها الإخبارية، بما يواكب الآليات الإعلامية المتطورة من خلال القطع مع النشرات التقليدية وبرامج الحوار الجامدة والمستهلكة التي تسود الفضائيات العربية، والتي غدت من فرط رتابتها تبعث على الضجر، بدلاً من تكريس قيم المعرفة والحوار وتعزيز مناخات الانفتاح. واللافت ان البرنامج الذي تقدمه الإعلامية نجوى قاسم على مدى ساعتين عصر كل جمعة، سرعان ما تمكن من فرض اسمه على خريطة"العربية"البرامجية، بصفته من البرامج المحورية التي تعتمد عليها المحطة في استقطاب المشاهدين وجذبهم وتلبية رغباتهم، من خلال اعتماده على جملة تقارير موسعة ومقابلات حية مسهبة تجمع عادة بين رأيين مختلفين حول قضية معينة، بما يحقق التوازن والموضوعية في طرح مختلف وجهات النظر. أضف الى ذلك التنويع في تناول المواضيع وانتقائها وطرح جملة من القضايا المثيرة للجدل عادة والمسكوت عنها سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً. ولا يقوم البرنامج والحال هذه على مجرد ترتيب الأحداث المتتالية خلال الأسبوع وتكرار سردها الممل على المشاهدين، بمقدار ما يسعى إلى تقديم قراءة معمقة ومتجددة لتلك الأحداث عبر تناولها من زوايا شتى بغية سبر أغوارها وخلفياتها وما يترتب عليها من تداعيات ونتائج. واللافت هو عدم وقوع مقدمة البرنامج في فخ التربع الجامد على كرسي الأخبار كما هي العادة لدى مذيعي النشرات الإخبارية، بل إن نجوى قاسم إذ تصول وتجول أمام الكاميرات خلال تقديمها"نهاية الأسبوع"وهذا ما ينطبق أيضاً على نشرة"أخبار الثامنة"المسائية على شاشة"العربية"التي تقدمها ريما مكتبي تبدو وكأنها تأخذ المشاهدين في ما يشبه جولة داخل ردهات الأستوديو. ولعل التجول في تلك الردهات والأروقة، إضافة الى تغييرها طرق التقديم وأشكاله بين كل فقرة وأخرى، يضفي مزيداً من الحركة والحيوية والتجدد على البرنامج ككل، بما يقطع مع الصورة النمطية السائدة عن المذيع الذي يتشبث بكرسيه ولا يتزحزح عنه طوال قراءته نشرة الأخبار أو تقديمه برنامجاً ما. ولا شك في ان هذا التوجه ينعكس إيجاباً لجهة تفاعل المذيع وانسجامه مع البرنامج الذي يقدمه بعفوية وسلاسة بعيداً من التجهم والعبوس والانضباط الحديدي المتصنع غالباً، والذي إذ يتضافر مع المآسي والكوارث التي تزخر بها نشرات الأخبار في ربوعنا يغدو وصفة ناجعة لتنفير المتلقي وإحباطه. ولكن لحسن الحظ، فإن كبسة زر واحدة عبر الريموت كونترول تتكفل والحال هذه بإنقاذ المشاهد المنكوب. من هنا تنبع أهمية برامج إخبارية من سوية"نهاية الأسبوع"في تخفيف وطأة الحمولة الكارثية الثقيلة التي تنطوي عليها أخبارنا عبر تقديمها إلى الجمهور بطريقة خلاقة تبقي للأمل والتفاؤل فسحة مهما كانت ضئيلة.