بحث المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في النجف أمس مطالب الأقليات في العراق مع وفد يمثل المسيحيين والصابئة المندائيين، إحدى أقدم طوائف العراق. وقال المعاون البطريركي لطائفة الكلدان المطران شليمون وردوني للصحافيين:"طالبنا خلال الزيارة ارجاع المادة خمسين من قانون انتخابات مجالس المحافظات بعدما ألغاها البرلمان". يذكر أن مجلس النواب ألغى هذه المادة التي تحفظ حقوق الأقليات لدى اقراره أواخر ايلول سبتمبر الماضي قانون انتخابات مجالس المحافظات. ومعلوم أن الأقليات المعنية تضم المسيحيين والايزيديين والصابئة والشبك. وأضاف وردوني:"كما طالبنا بعودة السلام الى مدينة الموصل التي تعرض مسيحيوها إلى التهجير القسري". وكانت أكثر من 1400 عائلة نزحت من منازلها في الموصل، المعقل التاريخي الأبرز للمسيحيين في بلاد ما بين النهرين، اثر مقتل 12 منهم وتدمير ثلاثة منازل وتلقيهم تهديدات. وضم الوفد رئيس طائفة الصابئة المندائيين ستار جبار الحلو ومدير الأوقاف المسيحية في العراق عبدالله النوفلي. وتابع وردوني:"جئنا إلى المرجعية الدينية للتأثير من أجل احقاق حقوقنا على رغم علمنا بأن ليس لديها سلطة على أحد، إلا اننا نعلم أيضاً بأن الجميع يحترم سماحة السيد الذي استمعنا الى نصائحه وتوصياته". وقال إن المرجع الابرز للشيعة في العالم"دائماً يوصي بمحبة الله والسلام والتعايش السلمي ... وان الأمور في العراق لو سارت على هذه التوصيات لما شهدنا صراعات واختلافات ولأخذ كل ذي حق حقه". وقال النوفلي إن السيستاني"خيمة لجميع العراقيين وهو الأخ الأكبر، وطرحنا عليه همومنا ... نشكر تقديمه الملاحظات، ونطلب من السياسيين أن يأخذوا بملاحظاته حتى يبعدوا الأذى عن العراق والعراقيين". ويهمس المسيحيون بأنهم هدف لحملة منظمة ضدهم، ويلوم بعضهم مسلحين اسلاميين، فيما يلقي آخرون سراً ووسط مخاوف من الخوض في التفاصيل، بالمسؤولية على الأقلية الكردية النافذة في الموصل. وليست هذه المرة الأولى التي تسقط فيها الأقلية المسيحية ويقدر عدد أفرادها بمئات الآلاف، ضحية أعمال عنف، إذ سبق أن خُطف أسقف الكلدانيين المسن في الموصل بولس فرج رحو، وعثر على جثته في وقت سابق من هذا العام، على رغم مناشدة البابا بنديكت السادس عشر الافراج عنه. وخلال زيارة يوم السبت الماضي لمراسل وكالة"رويترز"إلى دير السيدة الذي لجأت إليه أكثر من 60 أسرة مسيحية من الموصل، سأل البريغادير - جنرال توني توماس القائد العسكري الأميركي في المحافظة زعماء الكنيسة عمن يعتقدون بأنهم وراء الهجمات، وقال:"أؤكد لكم انني سأسحقهم. سأسحقهم مهما كانوا". ورفض القساوسة توجيه اتهام صريح. وأكد الأب جبرائيل توما من كبار القساوسة الكلدانيين في القوش:"لست سياسياً ولا أعلم ما هي الأجندة السياسية. لا نريد أن نكون كبش فداء، ولا نريد أن نصبح وقوداً لألعاب الساسة تلك". وحمّل قس آخر فضّل عدم نشر اسمه السلطات مسؤولية الفشل في حماية الضحايا، وقال للجنرال توماس متسائلاً:"إذا سُرق منزلي وهناك من يحرسه، فمن أول شخص استجوبه عن السرقة؟". يقول مسؤولون عسكريون أميركيون بارزون إن مسلحي"القاعدة"من السنة أو جماعات اسلامية مماثلة وراء الهجمات لأن الموصل آخر مدينة عراقية كبرى لا يزال فيها وجود كبير لهذا التنظيم المتشدد. وتتحدث معلومات استخباراتية أميركية عن وجود 12 جماعة مسلحة ناشطة في المنطقة تتفاوت ما بين جماعات عقائدية مثل"القاعدة"الى"البعثيين الجدد". ويشير توماس الى أن هدف المهاجمين"هو أن يُفقدوا الحكومة هنا شرعيتها". ويتابع أن"العدو الذي نحاربه يبحث عن النسيج الاجتماعي هنا... ليمزقه". غير أن مسؤولين أميركيين آخرين كانوا أقل ثقة في إلقاء المسؤولية، ويتحدثون عن مجموعة قوى محتملة تعمل على زعزعة الاستقرار في منطقة تشهد توتراً وتحكمها حكومة أقلية محلية. ويبلغ تعداد سكان محافظة نينوى وعاصمتها الموصل 2،8 مليون نسمة حوالي 60 في المئة منهم من العرب السنة فيما الربع تقريباً من الأكراد. يذكر أن معظم قوات الجيش في الموصل من الأكراد، وهو ما يغضب السكان العرب في المدينة. كما أن معظم أعضاء المجلس الحاكم في المحافظة من الأكراد بعدما قاطعت غالبية السنة الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2005، ولكن يتوقع أن يتغير ميزان القوى في المحافظة حين تجري الانتخابات المحلية في أواخر كانون الثاني يناير المقبل. ويعتقد بأن عدد المسيحيين في المحافظة يتراوح بين 250 ألفاً و300 ألف، وقد يؤثرون في نتيجة التصويت وقد يستهدفهم جانب أو آخر في الصراع على السلطة.