أظهرت حركتا "حماس" و "فتح" في الايام الاخيرة تشددا في مطالب كل منهما من الأخرى قبيل بدء الحوار الوطني المرتقب في القاهرة. كما تبادل مسؤولون من الجانبين الاتهامات في شأن النيات والاهداف من هذا الحوار الذي يتوقع ان يبدأ الشهر المقبل. رغم ذلك، جددت"حماس"في غزة التزامها الحوار الوطني، اذ أكد الناطق باسمها سامي أبو زهري"التزام الحركة التام والشديد بالحوار كوسيلة لتحقيق المصالحة الفلسطينية". وقال في تصريح أمس:"ملتزمون ما تم الاتفاق عليه من محاور وآليات ومواعيد مع الإخوة في القاهرة"، في اشارة الى ما تعتبره عدم رغبة حركة"فتح"في عقد لقاء ثنائي في القاهرة كان مقترحاً أن يتم في 25 من الشهر الجاري. واعتبر أبو زهري أن"تصريحات رئيس كتلة فتح النيابية عزام الأحمد التي اعتبر فيها أن حماس لا تريد اتفاقا قبل الانتخابات الأميركية، تمثل تأكيداً جديداً على عدم جدية فتح في الحوار، ومحاولة للتهرب من استحقاقاته من خلال اتهامات موجهة الى حماس لا معنى ولا رصيد لها". ورأى أن"هذه التصريحات والمواقف تتزامن مع اقتراب المواعيد المتفق عليها مع القاهرة في شأن الحوار". وشدد على أن"حماس"لن تدخر جهداً"في إنجاح الجهود العربية لانعقاد الحوار، بغض النظر عن مواقف وتصريحات فتح التي تحاول تعليق رفضها للحوار على شماعة الآخرين". وقال:"لا يُخفى على أحد أن الذي يعلق مصيره بالإدارة الأميركية وظروفها هو حركة فتح وسلطة رام الله، وليس حماس". يذكر أن بعض وسائل الإعلام الفلسطينية نسب أمس الى الأحمد قوله أن"لدى قيادة فتح معلومات تؤكد أن حماس لا تريد اتفاقا وتفاهما مع فتح قبل الانتخابات الأميركية الوشيكة". وعلمت"الحياة"في غزة امس أن الرئيس محمود عباس تعهد بقوة أمام شركائه المتحالفين مع"فتح"من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، عدم اجراء أي حوار ثنائي مع"حماس"، أو على الأقل عدم اجرائه قبل انطلاق الحوار الشامل الذي من المقرر أن يشارك فيه كل الفصائل الفلسطينية في القاهرة الشهر المقبل. من جانبه، شكك امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه بنيات"حماس"من الحوار، وقال في مقابلة مع اذاعة"صوت فلسطين"ان"حماس تتعامل مع الحوار على اساس ان الوطن كعكة، وهي تريد حصتها منه. فهي تريد حصتها من الحكومة، ومن اجهزة الامن، ومن المناصب الادارية والتنظيمية للسلطة". واضاف ان الحوار الوطني ما زال في"الخطوة الاولى"، وان"امامنا مشوارا طويلا ومعقدا". وكان رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية اتهم حركة"فتح"والسلطة الفلسطينية والاجهزة الامنية التابعة لها بمواصلة استهداف اعضاء"حماس"في الضفة الغربية. وقال في خطبة الجمعة:"إن ما يجري في الضفة من اعتقالات ومداهمات، وما قيل عن اكتشاف مخازن أسلحة تابعة لحماس وافتعال الروايات، لا يبشر بحوار حقيقي". واتهم هنية قادة السلطة و"فتح"بالانصياع للموقف الاميركي الذي قال انه يضع"فيتو"على الحوار مع"حماس". وذهب الى حد الاتهام بوجود تيار في"فتح"اسماه ب"العبثي"قال انه"لا يريد المصالحة مع حماس". ورهن نجاح الجهود المصرية الرامية لبدء حوار بين"فتح"و"حماس"بما أسماه"كبح جماح ما يجري في الضفة من تصعيد أجهزة الأمن بحق عناصر حماس، ومنع التدخلات الخارجية، خصوصا الإسرائيلية والأميركية". في غضون ذلك، نفى عضو المكتب السياسي ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"صالح زيدان أنباء مفادها أن القاهرة حددت موعداً الشهر المقبل للقاء الفصائل الفلسطينية. وقال من القاهرة:"لا توجد دعوة في هذا المجال، بل ما يطرح هو اقتراح لتهيئة الأجواء، ونأمل في أن يكون هناك حوار وطني شامل في أسرع وقت ممكن"، مشدداً على أن"ما طرحته القاهرة ليس تأكيدا على موعد نهائي". وحذر من"تداعيات أي حوار ثنائي لأن ذلك يمكن أن يزيد من تفاقم الأزمة الداخلية الخطيرة ويؤثر على الحوار الفلسطيني مستقبلا". واعتبر أن"الحوار الوطني الشامل هو الطريق الصحيح لإنهاء الانقسام ووقف التدهور والاعتقالات في غزةورام الله، وإعادة بناء الوحدة الوطنية على أساس وثائق الإجماع الوطني الفلسطيني المتمثلة في إعلان القاهرة عام 2005، ووثيقة الوفاق الوطني"لعام 2006. وكانت مصر اجرت في الشهرين الماضيين سلسلة حوارات مع الفصائل المختلفة، وفي مقدمها حركتا"حماس"و"فتح"خلصت في نهايتها الى مشروع اتفاق"اعلان مبادئ"يصار، بعد المصادقة عليه من هذه الفصائل، الى التفاوض على تفاصيله تحت رعاية الجامعة العربية. وطالبت"حماس"بلقاء ثنائي مع"فتح"تحت رعاية مصرية قبل اعلان الاتفاق، لكن"فتح"رفصت ذلك مشترطة ان يعقد اللقاء بمشاركة القوى والفصائل المختلفة. وقال عبد ربه:"اذا كانت حماس تطالب بمصالحة على الطريقة اللبنانية، فإن جميع القوى اللبنانية شارك في لقاء المصالحة في الدوحة". ومن المرتقب ان تعرض مصر مشروع الاتفاق على الفصائل في التاسع من الشهر المقبل. وينص المشروع على تشكيل حكومة توافق وطني، واعادة الاوضاع الفلسطينية الى ما كانت عليه قبل 14 حزيران يونيو عام 2007، ومعالجة الاشكالات الناجمة عن الانقسام، واجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وفق آليات ومواعيد وضمانات، واعادة بناء الاجهزة الامنية على اساس مهنية غير فصائيلية، واعادة بناء منظمة التحرير. ويرى مسؤولون في الحركتين ان التوصل الى اتفاق مصالحة وطنية وفق هذه المبادئ سيستغرق الكثير من الوقت، ويتطلب نجاحه وجود نيات جادة من الطرفين، وهو امر يراهن الكثيرون على عدم توافره في هذه المرحلة على الاقل.