تعوّل الحكومة الأردنية على دور الشباب الذين يمثلون قرابة 60 في المئة من التركيبة المجتمعية، وذلك من خلال توسيع دائرة مشاركتهم في الحياة السياسية عبر مبادرات وبرامج عدة. وهو ما يُعبّر عنه الملك عبدالله الثاني بوصفهم"فرسان التغيير"، في إشارة الى إيمانه بقدرتهم على رسم خريطة مختلفة لشكل مستقبل الأردن وقياداته الواعية. خفّضت الحكومة الأردنية عام 2001 سنّ الاقتراع من 19 الى 18 سنة، في خطة تهدف إلى زيادة ممارسة الشباب حقهم في الانتخاب على أسس علمية ومنطقية بعيداً من العشائرية، و" ترجمة فورية"لاستثمار طاقتهم في المشاركة والتعبير . بلغت نسبة الاقتراع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي 58.5 في المئة، من أصل مليونين و454 ألف ناخب وناخبة وتميزت بمشاركة واسعة من الشباب، اذ أسهم تعديل قانون الانتخاب في زيادة إشراكهم في العملية الانتخابية، فضلاً عن التحفيز الذي لقوه من وزارة الداخلية التي خاطبت"المجلس الأعلى للشباب"، أي المظلة الراعية لشؤونهم، من أجل دفع هذه الشريحة للمشاركة الفعّالة في الانتخابات النيابية. ويؤدي خفض سن الانتخاب ليلتقي مع سن الرشد وفقاً لأستاذ القانون الدستوري محمد الغزوي في المجتمعات الى الاقتراب من المبدأ الديموقراطي لتوسيع هيئة الناخبين ودورهم في اختيار مرشحيهم، تماشياً مع وثيقة"كلنا الأردن"، التي تشير الى ان"مستقبل الأردن حق لشبابه وشاباته الذين يشكلون ثلثي المجتمع"داعية الى الاهتمام بالمجالس والاتحادات الطالبية والشبابية وتعميق الممارسة الديموقراطية في أوساطها. وحول أهمية دور الشباب في الاقتراع، يقول رئيس المجلس الأعلى للشباب، عاطف عضيبات:"ان مشاركة الشباب في الانتخابات الأخيرة كانت لافتة إذ وصل تسجيل الشباب الجامعي الى 78 في المئة من نسبة المقترعين الشباب. ويشير الى ان الشباب قادوا بدورهم وبالتنسيق مع المجلس فرقاً عمدت الى تشجيع ذويهم على اختيار المرشح"الأكفأ"، بعيداً من أي اعتبارات شخصية أو مناطقية" فيما لم تتجاوز نسبة مشاركة الشباب في انتخابات عام 2003 ال64 في المئة". ويلفت الى ان نتائج انتخابات عام 2007 أفرزت عدداً كبيراً من النواب الشباب"دون سن الثلاثين"، مشيراً الى أن دور الشباب في الحملات الانتخابية كان كبيراً من خلال الحض على الاقتراع والمشاركة في الانتخابات النيابية. وعلى رغم كل المبادرات والقوانين الداعمة لدور الشباب، إلاّ أن بعض الأصوات تعلو لتشكك بأهمية هذا الأمر، معتبرة أن"خفض سن الاقتراع ليس بالضرورة حلاً سحرياً لإقبال الشباب المتفاوت على المشاركة في الانتخابات". ويعتبر الكاتب والأكاديمي مهند مبيضين ان الشباب قوة ضاربة في المجتمعات التقليدية، إلاّ أنهم أكثر ابتعاداً عن دورهم الانتخابي في المدن"فابن المدينة، يفضل البقاء في مقهى الإنترنت على التوجه الى صناديق الاقتراع!"، على حد قوله. ويذهب الصحافي المتخصص بالشؤون البرلمانية جهاد المنسي، الى ان نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات ليست على قدر المراد عازياً أسباب عزوفهم الى مسائل تتعلق بارتفاع معدلات الفقر والبطالة والإحباط الناجم عنهما إضافة الى بعض القوانين"المقيدة"الأمر الذي يعطل القوة الشبابية الممنهجة والمنظمة مؤكداً ان المطلوب هو تنمية سياسية شاملة من أجل ديموقراطية أفعل.