رفضت أحزاب المعارضة الرئيسية في السودان المبادرة التي طرحها الرئيس عمر البشير لتسوية أزمة دارفور وينتظر أن يعلنها في مؤتمر شعبي كبير في الخرطوم غداً قبل أن تنقل اجتماعاتها إلى منطقة كنانة في وسط البلاد. وبدا حزب الأمة بزعامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي منقسماً على نفسه، فبينما تعهّد أمينه العام عبدالنبي علي أحمد بإقناع المعارضين بالمشاركة، حضرت مساعدته ابنة رئيس الحزب مريم الصادق المهدي لقاء المعارضة. وعقد نحو 25 حزباً وتنظيماً ومنظمة معارضة أبرزها أحزاب الأمة والاتحادي الديموقراطي والشيوعي والبعث اجتماعاً في دار الحزب الشيوعي ليل الإثنين. وصدر عن المجتمعين بيان، أمس، وصف مبادرة البشير التي أطلق عليها"مبادرة أهل السودان"، بأنها تحمل مفارقة لأنها غيّبت غالبية القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الدارفوري وحركات دارفور المسلحة،كما أن الأحزاب"تجهل تماماً جدول أعمال المبادرة ومكانها وزمانها ومحتواها". ورأت المعارضة أن البشير وحزبه"المؤتمر الوطني"غير مؤهلين لقيادة المبادرة لأنهما طرف أصيل في أزمة دارفور. ودعت البشير إلى اصدار قرارات فوراً لاقرار الحقوق المشروعة لأهل الاقليم من دون طرح مبادرات. وزاد بيان المعارضة:"منهج المناورة وكسب الوقت لدى رئيس الجمهورية وحزبه تكرر في حال الاحتقان السياسي، كما انه لا يلتزم مطلقاً لكل ما مهره المؤتمر الوطني من اتفاقات وعهود". وأضاف البيان أن تسوية أزمة دارفور يكون في وقف النار ونزع سلاح الميليشيات واستجابة مطالب أهل دارفور في اقتسام السلطة والثروة وتعويض مواطني الاقليم واطلاق المعتقلين والمحكومين سياسياً من أجل التوصل الى تسوية عادلة. وتساءل:"هل المؤتمر الوطنى قادر على تنفيذها واشراك أهل السودان من دون اقصاء أحد؟". لكن لجنة مشتركة بين حزبي المؤتمر الوطني والأمة ناقشت انجاح"مبادرة أهل السودان"، وقال الأمين العام لحزب الأمة عبدالنبي علي أحمد إنهم سيعملون على اقناع القوى السياسية بالمشاركة في المبادرة باعتبارها حلقة مهمة في"خريطة طريق حل أزمة دارفور"، موضحاً انه اتفق مع حزب المؤتمر الوطني على اتباع اجراءات شفافة، معرباً عن أمله في أن يكون الملتقى غداً أساساً للمبادرة العربية لتسوية نزاع دارفور. وقال المسؤول السياسي في المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي إن حزبه أعطى ضمانات لفصائل التمرد في دارفور للمشاركة في مبادرة البشير، لكن الفصائل كافة رفضت المشاركة واعتبرتها مضيعة للوقت والمال وقلّلت منها. وفي مقابل ذلك، شرعت لجنة المبادرة القطرية لتسوية أزمة دارفور في ابتعاث مسؤولين لاجراء اتصالات مع قيادات فصائل متمردي دارفور لتحديد ممثليهم في اجتماع يُنتظر أن يلتئم في الدوحة قريباً. وطلبت الحكومة القطرية من فرنسا وبريطانيا وليبيا واريتريا العمل لاقناع قيادات الفصائل بالمشاركة في الاجتماع، لكن"حركة العدل والمساواة"و"حركة تحرير السودان"نفتا وجود أي اتصالات من قطر في شأن المبادرة. وقال سفير السودان في الدوحة ابراهيم فقيري إن قطر كلّفت فرنسا التحدث مع زعيم"حركة تحرير السودان"عبدالواحد محمد نور و"حركة العدل والمساواة"برئاسة الدكتور خليل إبراهيم للمشاركة في المبادرة. كما شرعت في ابتعاث موفدين إلى دول أوروبية وافريقية لمقابلة قيادات فصائل دارفور. وقال فقيري إن الدوحة وضعت برنامجاً متكاملاً لانجاح المبادرة خصوصاً ما يتعلق بالوضع الانساني، يشمل اعادة النازحين وتفكيك المخيمات وانشاء قرى نموذجية للنازحين وتقديم العون الانساني والمساهمة في تنمية دارفور. وتوقع اجراء محادثات الدوحة بمشاركة أطراف النزاع كافة قريباً. كما أكد سفير السودان في باريس الدكتور سليمان مصطفى أن فرنسا طلبت من عبدالواحد نور المشاركة في محادثات الدوحة، وقال إن الحكومة الفرنسية على اتصال مع قطر لانجاح المبادرة. لكن"حركة العدل والمساواة"و"تحرير السودان"شككتا في جدية الحكومة لحل أزمة دارفور. وقال القيادي في"حركة العدل"زكريا محمد علي إن قطر لم تتصل بحركته في شأن المبادرة العربية"كما أن الحكومة غير جادة في حل الأزمة". وتابع:"نحترم قطر لكن الحكومة لا تسعى في اتجاه السلام دائماً، بل تسعى إلى التصعيد وبالتالي فإن هذا التحرك القطري غير مجدٍ". وتابع:"لا توجد نيات سليمة لحل الأزمة لأن سلام دارفور مرتبط بمحاكمة مرتكبي الجرائم في دارفور". وفي الإطار ذاته، تلقت"الحياة"في لندن بياناً من محجوب حسين الناطق باسم"حركة/ جيش تحرير السودان - قيادة الوحدة"أعلن فيها رفض الحركة"مبادرة أهل السودان". وقال إن الحركة"تعتبر المؤتمر عبارة عن ناد للساسة العاطلين عن العمل والتفافاً جديداً ضد العدالة الدولية باسم أهل السودان". وتابع:"الحركة تؤكد أنها تجنح للعدالة قبل السلم لأنها مفتاح السلام". إلى ذلك، اتهم حزب المؤتمر الوطني الحاكم حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي بإثارة مشاكل في ولاية القضارف في شرق البلاد، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص واصابة 77 آخرين في اشتباكات دامية مع الشرطة بسبب حديث صحفي منسوب إلى الرئيس عمر البشير شكك في هوية قبيلة الهوسا باعتبارها وافدة من غرب افريقيا، الأمر الذي نفاه القصر الرئاسي في شدة. وتعود تفاصيل الاحداث إلى احتجاج منسوبي قبيلة الهوسا على حديث البشير الصحفي، عبر اصدار بيان وجهوا فيه انتقادات إلى فحوى الحديث، الأمر الذي أدى إلى اعتقال موزعي البيان في سوق المدينة، وهو ما أسفر عن دخول أهالي الحي في مواجهات عنيفة مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع واطلقت الأعيرة النارية في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين اغلقوا الطريق المؤدية إلى السوق وأحرقوا مركزين للشرطة.