ظهرت في الآونة الخيرة، مجموعة أفكار لزيادة تأثير روسيا في الأسعار العالمية، منها تأسيس شركة حكومية تنتج النفط وتجهز حقولاً جديدة ولا يكون هدفها ربحياً، وتعمد إلى خفض التصدير أو زيادته بحسب وضع السوق العالمية. ويرى خبراء أن في حال بلغ إنتاجها نحو مليوني برميل سنوياً، يمكن أن تؤثر نوعاً ما في أسعار النفط العالمية. لكن تأسيس الشركة الجديدة سيثير حفيظة شركات النفط الموجودة كما أنها لن تصل إلى الإنتاج المنشود قبل سبع سنوات على الأقل. بدأت الحكومة صوغ استراتيجية لتخفيف اعتمادها على بيع النفط إلى أوروبا وحدها، على أهميته، وتخفيف اعتمادها على دول العبور. وأنجزت جزءاً مهماً من خط شرق سيبيريا - المحيط الهادئ الذي ينقل الغاز إلى الصين، بطول 2200 كيلومتر. لكن خبراء يشيرون إلى أن بكين ربما خذلت موسكو لأنها ترغب في شراء النفط بأسعار تفضيلية كما أنها تعتبره مشروعاً إضافياً لتنويع مصادر الطاقة اللازمة لها، يشبه مشروعات بدأتها الصين في آسيا الوسطى ولم تستثن أفريقيا وأميركا اللاتينية وإيران. ويلفت خبراء إلى ارتفاع كلفة المشروع أكثر من مرتين عن الحسابات الأولية. ولا يختلف خط البلطيق الثاني لإمداد شمال أوروبا بالنفط ومشتقاته من بريمورسك على شاطئ بحر البلطيق، ولا يعتبر أفضل حالاً. فالفكرة ولدت من اجل استبدال خط دروجبا الذي يمر عبر بيلاروسيا وبولندا إلى أوروبا، ويزود شمال أوروبا ودول البلطيق بالنفط، بعد مشاكل العام الماضي مع مينسك. لكن خبراء يشيرون إلى مشاكل سيسببها الخط مع الحليف الأقوى بيلاروسيا والأعداء الألد مثل بولندا ودول البلطيق لأنه قد يحرمهم موارد مالية كبيرة، ويجعل هذه الدول تحت رحمة الكرملين في مسائل الطاقة، كما أن المشروع غير مجدٍ اقتصادياً في حال انخفضت أسعار النفط ويحتاج الى سنوات لتعويض الاستثمارات، ولعل الأهم أنه لن يلغي اعتماد روسيا عن خط دروجبا القديم. وبعيداً من مشروعات تنويع الإمدادات وفتح أسواق جديدة، يبدو أن روسيا باتت متأكدة من أن هبوط الأسعار الكبير سيضر باقتصادها الوطني ومشروعات تطوير البنية التحتية، وتسعى جاهدة للعب دور أكبر في تحديد أسعار النفط، والتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. وتعتبر أن الفرصة سانحة لرفع درجة التنسيق مع"أوبك"التي تعاني أيضاً من انخفاض الأسعار. وبغض النظر عن مواضيع ستناقشها روسيا مع وفد المنظمة أثناء زيارته المرتقبة إلى موسكو، وطبيعة الاقتراحات التي ستعرضها في قمة الجزائر المقبلة، فإن رفع مستوى التنسيق سيزيد من تأثير القوتين في سوق النفط العالمية، ويثير مخاوف في أوروبا وأميركا من احتمال الانتقال من مرحلة التنسيق الشكلي واسترشاد كل طرف بآراء الآخر، إلى تنسيق أكثر فعالية في المواقف حيال تحديات توقعات انخفاض النفط إلى خمسين دولاراً في الفترة المقبلة في ظل تخييم شبح الركود والانكماش في أفق الاقتصاد العالمي.