خلص تقرير لوكالات الاستخبارات الأميركية، إلى أن الوضع في أفغانستان يشهد تدهوراً مستمراً، مثيراً شكوكاً جدية حيال قدرة الحكومة الأفغانية على القضاء على نفوذ"طالبان"هناك، وفقاً لمسؤولين أميركيين على علم بالوثيقة. ويجد التقرير السري أن الانهيار في السلطة المركزية في أفغانستان زاد من وتيرته الفساد داخل حكومة الرئيس حميد كارزاي، وكذلك ارتفاع معدل العنف بسبب الهجمات النوعية التي يشنها مقاتلون من ملاذاتهم في أفغانستان. والتقرير الذي يعد نسخة شبه مكتملة من تقويم للاستخبارات الوطنية، سيجهز بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني نوفمبر، وسيكون التقويم الأكثر شمولاً من سنوات حيال الوضع في أفغانستان. والخلاصات تمثل حكماً قاسياً على صناعة القرار في إدارة بوش، التي جعلت من الهجوم على أفغانستان محط تركيزها في الحملة على الإرهاب، بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001. وإلى جانب الاعتداءات عبر الحدود التي أطلقها المسلحون في باكستان المجاورة، يؤكد تقرير الاستخبارات أن غالبية المشكلات الأكثر إزعاجاً في أفغانستان هي من صنع البلاد ذاتها. وبحسب المسؤولين، يشير التقرير الى المكاسب في بناء الجيش الوطني في أفغانستان. لكنهم يقولون ان التقرير لفت ايضاً بعبارات شديدة اللهجة الى ما وصفه بتأثير تجارة الهيرويين المزدهرة في أفغانستان، التي تسبب حالاً من عدم الاستقرار في البلاد وتشير تقديرات الى أن تجارة الهيرويين تشكل 50 في المئة من اقتصاد أفغانستان. وأطلقت إدارة بوش عملية مراجعة كاملة لسياستها في أفغانستان وقررت إرسال مزيد من القوات إلى البلاد، وتحولت مسألة التدهور في الوضع في هذا البلد إلى قضية رئيسية في الحملة الرئاسية إلى جانب صوابية تركيز البيت الأبيض اهتمامه لسنوات على العراق. ورأى هنري كرابتون، الضابط السابق الذي كان مسؤولاً عن فريق وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إي الذي دخل أفغانستان بعد 11 أيلول، والذي قال إنه لم يطلع على نسخة التقرير الأخير، أن بعض مشكلات أفغانستان سببها"ضعف في القيادة"في كل من البيت الأبيض والعواصم الأوروبية التي التزمت إعادة بناء أفغانستان، من دون أن يتحقق هذا الهدف. وتقويم الاستخبارات الوطنية هو وثيقة رسمية تشير الى قرارات بالإجماع لجميع أجهزة الاستخبارات الأميركية وعددها 16 جهازاً. وتبقي معظم التقويمات سرية. وقال الجنرال في الجيش الأميركي ديفيد بترايوس أمس الأربعاء ان مفاوضات مع بعض أعضاء"طالبان"يمكن أن تقدم سبيلاً لتقليص العنف في مناطق في أفغانستان تشهد تصاعداً للحركة المسلحة. ومن المقرر أن يتولى بترايوس قائد الجيش السابق في العراق الذي يصفه مسؤولون أميركيون بأن له الفضل في إنقاذ العراق من حرب أهلية في 31 تشرين الأول أكتوبر الجاري القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على المصالح العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا.