لا يترقب الناخب الأميركي عادة مناظرة لمن يطمح الى منصب هامشي مثل نائب الرئيس، لكن دخول حاكمة ألاسكا سارة بايلن مع كل حيويتها وتقلباتها سباق الانتخابات الرئاسية مرشحة لهذا المنصب عن الجمهوريين، سلط الضوء على المناظرة المرتقبة غداً، بينها وبين رئيس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور جو بادين، مرشح الديموقراطيين للمنصب ذاته. يصعب توقع ما قد يجرى في المناظرة، وكيف سيكون أداء بايلن وكيف سيتعامل بايدن معها، هي المعروفة بالطلاقة، وهو اكثر الديموقراطيين خبرة في الشؤون الدولية والمعروف بميله الى الخروج عن النص وارتكاب الهفوات الانتخابية. واختارت"لجنة المناظرات الرئاسية"جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس في ولاية ميسوري لاستضافت هذه"المواجهة"التي ستديرها الإعلامية غوين ايفيل، وتكلفت الجامعة نحو 2,7 مليون دولار لتنظيم الحدث في حضور 2000 مؤسسة اعلامية. ويتوقع ان يشاهد المناظرة ملايين الاميركيين وقد يتجاوز الإقبال عليها المناظرة الرئاسية الأخيرة. وكانت جيرالدين فيرارو اول مرشحة لمنصب نائب الرئيس تشارك في مناظرة عام 1984، ما يوفر درساً لبايدن بعدم الاستعلاء على بايلن، مثلما فعل جورج بوش الاب الذي اتهمته فيرارو خلال المناظرة بالتكبر عندما بدأ يشرح لها الفارق بين سيطرة الطلاب على السفارة الأميركية في طهران وانفجار السفارة الأميركية في بيروت. ولكن اول مناظرة لمنصب نائب الرئيس عام 1976 ، كانت حزبية بامتياز وظهر الجمهوري بوب دول لاذعاً بمواقفه حين قال عن الديموقراطيين:"اذا اضفنا القتلى والجرحى في الحروب الديموقراطية هذا القرن، سيكون العدد حوالى 1,6 مليون اميركي، ما يكفي لملء مدينة ديترويت". وخضعت بايلن لتدريب مكثف في منزل ماكين في اريزونا استعداداً للمناظرة التي ستطغى عليها القضايا الاقتصادية في ظل الأزمة المالية المستمرة، فيما اقتطعت حاكمة ميتشيغن جنيفر غرانهولم اربعة ايام من وقتها لتتمرن مع بايدن على انها بايلن. وشمل الاتفاق على ضوابط المناظرة، اعطاء دقيقة ونصف فقط لإجابة على كل سؤال ودقيقتين للمتابعة، في مقابل خمس دقائق للمناظرة الرئاسية الأسبوع الماضي، ما يعكس قلق الحملتين من احتمال تمادي بالين وبايدن في الرد على اسئلة محاورتهما. وفي استطلاع لرأي المستقلين اجرته محطة"ان بي سي"الأميركية رأى 40 في المئة فقط ان لدى بالين خبرة لتولي المنصب في مقابل 64 في المئة صوتوا لبايدن. ويتعين على السيناتور الديموقراطي تطمين الناخب المستقل الى ان باراك اوباما هو المرشح الافضل، وعلى حاكمة الاسكا تطمين هذا الناخب المؤثر بأنها قادرة على استيعاب تحديات هذا المنصب. ومرت على الجمهوريين مرحلة اسبوعين صعبة مع انهيار الأسواق المالية في"وول ستريت"وتعامل المرشح الجمهوري جون ماكين مع هذه الأزمة، اضافة الى المقابلات التلفزيونية التي اجرتها بالين مع القنوات الاخبارية الاميركية التي عكست عدم خبرتها في التعاطي مع الشأن العام والقضايا الدولية لا سيما اصرارها على القول ان خبرتها في السياسة الخارجية تعود الى مجاورة الاسكا لروسيا. ودعت اقلام ليبرالية ومحافظة حاكمة الاسكا الى الخروج من السباق ما ادى الى قلق عند الجمهوريين. ولكن على حملة ماكين تخفيف ضغطها على بايلن لكي تظهر على طبيعتها لأنها سياسية بالفطرة وتتقن فن مخاطبة الناس، وبدت مترددة في المقابلات التلفزيونية الاخيرة ربما لكثرة السياسات التي تطلع عليها يومياً. وعلى بايدن تجنب انتقاد بالين وعدم الاستعلاء في نظرته اليها خلال تعبيره عن خبرته مع تركيز انتقاده على ماكين وربطه بالرئيس الحالي جورج بوش. ولا احد يتوقع ملابسات مماثلة لما جرى في مناظرة بين الجمهوري دان كويل والديموقراطي ليلويد بنتسن عام 1988 الذي دخل التاريخ وما زال يردد حتى الآن، اذ تبجح كويل بأنه بخبرة جون كينيدي عندما ترشح للرئاسة عام 1960، فرد بنستن بحزم:"سيناتور، انا خدمت مع جاك كينيدي، انا اعرف جاك كينيدي وكان صديقاً لي. سيناتور، انت لست بجاك كينيدي". ومهدت بايلن لمناظرتها بالقول:"لم التق جو بايدن لكنني اسمع عن خطاباته في مجلس الشيوخ منذ صغري"، في اشارة الى انه من قدامى واشنطن.