نجح المرشحان لمنصب نائب الرئيس الأمريكي جوزف بايدن وسارة بايلن خلال المناظرة التلفزيونية الوحيدة بينهما الخميس في تجنب اي هفوات كبرى وفيما بدا الديموقراطي متمكنا من الملفات الاقتصادية والدولية، لعبت الجمهورية ورقة العفوية والاهتمام بمشاغل الناس اليومية. وحرصت حاكمة ألاسكا على التركيز على صورتها كمواطنة أمريكية عادية وربة عائلة وتصدت بحزم لخصمها الديموقراطي الذي يعتبر من ركائز الحياة السياسية الأمريكية وهو يحتل مقعدا منذ 35عاما في مجلس الشيوخ حيث يرأس لجنة الشؤون الخارجية النافذة. وسارع كل من الطرفين فور انتهاء المناظرة التي استمرت تسعين دقيقة ونقلتها الشبكات التلفزيونية الأمريكية الكبرى مباشرة، إلى اعلان فوز مرشحه. وبحسب استطلاعات للرأي اجرتها محطتا "سي ان ان" و"سي بي اس"، فان بايدن خرج منتصرا من المواجهة غير ان "سي ان ان" اشارت إلى ان 84% من المشاهدين اعتبروا ان اداء بايلن كان افضل من المتوقع. وهيمنت مسائل الاقتصاد والطاقة والتغييرات المناخية والعراق والوضع في الشرق الاوسط على هذه المناظرة الوحيدة المقررة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس. وسعت بايلن التي قلما فارقت الابتسامة وجهها وغمزت مراراً في اتجاه الكاميرا، إلى الإيحاء بوجود خلاف في المواقف بين بايدن واوباما فذكرت بأن سيناتور ديلاوير اكد في الماضي ان سيناتور ايلينوي غير جاهز لتولي القيادة وقالت "انني على يقين بانك تصديت لمحاولته التصويت على قطع الاموال عن جنودنا (في العراق) وانني ممتنة لك على ذلك". غير ان ذلك لم ينجح في بلبلة بايدن الذي حافظ على رباطة جأشه ورد بأن جون ماكين صوت ايضا على قطع الاموال عن الجنود في العراق مؤكدا مرة جديدة بان المرشح الجمهوري ارتكب "خطأ جوهريا" بدفاعه عن الحرب على العراق في بادئ الامر. وكلا المرشحين معني بالانتشار العسكري الأمريكي في العراق اذ يستعد احد ابني بايدن للخدمة في العراق فيما انضم احد ابناء بايلن اخيرا إلى القوات في هذا البلد. وحملت حاكمة الاسكا التي بدا في بعض الاحيان انها تقرأ ملاحظات مدونة موضوعة على المنصة امامها، على خطة الانسحاب من العراق معتبرة انها بمثابة رفع "علم الهزيمة الابيض" مؤكدة "اننا نقترب من تحقيق النصر في العراق". وقالت انها تشكل مع جون ماكين "فريقا له مواقف مستقلة" مؤكدة بانه سيأتي بالتغيير إلى واشنطن في حال فوزه. وفي المقابل، شكك بايدن بارادة التغيير لدى الفريق الجمهوري مذكرا بان ماكين صوت بشكل شبه منهجي على كل الاقتراحات التي قدمها الرئيس الحالي جورج بوش الذي يعاني من تدني شعبيته. وانكرت بايلن ان تكون في خط بوش الذي لم تذكره مرة في المناظرة بل اتهمت خصمها بإبقاء انظاره موجهة إلى الماضي اكثر منه إلى المستقبل. وحرصت في مداخلاتها على استخدام لغة أليفة يومية، كما خاطبت خصمها باسمه الاول "جو" فيما تحدث بدوره عن المرشح الجمهوري باسمه "جون". وبدا في بعض الاحيان ان بايلن لم تفهم السؤال جيدا فردت على الصحافية حين سألتها عن "نقطة ضعفها" بالتحدث عن خبرتها كحاكمة ولاية منتجة للنفط. كما اثارت مرارا مسألة الطاقة وتحدثت عن الاسكا حتى حين كان ذلك لا يمت بصلة إلى السؤال المطروح. وحين سئلت عن دارفور بادرت إلى الحديث عن العراق في مطلع ردها. وردا على سؤال حول دور نائب الرئيس وصلاحياته اعتبر بايدن بعد تحديده هذا الدور في اطار السلطة التنفيذية حصرا ان ديك تشيني هو "من اخطر نواب الرؤساء في تاريخ الولاياتالمتحدة" معترضا على الصلاحيات التي منح نفسه اياها. اما بايلن، فكان ردها مبهما وغريبا اذ تحدثت عن تعديل محتمل في الدستور بدون اعطاء اي توضيحات. وعلى صعيد الهفوات الصغرى، ذكرت بايلن قائد القوات الأمريكية في افغانستان باسم "ماكليلان" عوضا عن ديفيد ماكيرنان وتغاضى بايدن عن تصحيح هذا الخطأ. وأعلنت بايلن خلال المناظرة ان اقتراح باراك اوباما إجراء محادثات مع مسؤولين ايرانيين يذهب "الى أبعد من السذاجة". وقالت:أن يريد مرشح للانتخابات الرئاسية اجراء محادثات مع "طغاة خطيرين" مثل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل "هو أبعد من السذاجة وأبعد من خطأ في الحكم". وحاولت حاكمة ولاية ألاسكا وكما فعل من قبلها جون ماكين تقديم اقتراح اوباما باجراء محادثات مع الدول التي تعتبر عدوة للولايات المتحدة بمثابة مبادرة للجلوس على نفس الطاولة مع زعماء هذه الدول. وكررت بايلن القول "انه امر خطير" مضيفة ان "الدبلوماسية مهمة وهذا ما نتعهد به". واضافت "لا يجوز ان نلتقي زعماء مثل احمدي نجاد يريدون الحصول على السلاح النووي وازالة حليف مثل اسرائيل عن وجه الارض، بدون شروط مسبقة وجهود دبلوماسية" مكررة كلمة بكلمة عبارات ماكين خلال مناظرته مع اوباما. واوضحت بايلن ان الدبلوماسية هي عمل شاق يقوم به اشخاص جديون يتطلعون إلى اهداف واضحة. من جانبه دان جو بايدن "الإبادة" الحاصلة في دارفور ودعا إلى اقامة منطقة حظر طيران في هذه الولاية الواقعة في غرب السودان. وقال بايدن خلال المناظرة "لا اتحمل ان ارى الإبادة ترتكب في دارفور". واعتبر بايدن "بإمكاننا ان نفرض منطقة محظورة على الطيران" في دارفور التي تجتاحها حرب اهلية منذ العام 2003بين الحكومة السودانية وحركات تمرد. وأضاف "علينا ان نقنع العالم بالتحرك وتوفير المروحيات التي ستسمح بنقل 21الف جندي من القوة الافريقية إلى المنطقة لوضع حد لهذه الابادة". وسارع المعسكران الديموقراطي والجمهوري إلى إعلان فوز مرشحهما مساء الخميس في المناظرة التلفزيونية. وقال ديفيد بلوف مدير حملة باراك اوباما "حقق جو بايدن انتصارا واضحا هذا المساء لانه دافع بشغف عن التغيير في وجه اقتصاد وسياسة خارجية كارثية في السنوات الثماني الاخيرة لم تدافع عنها سارة بايلن". واضاف "في حين تدعم حاكمة ألاسكا ساره بايلن بشكل اعمى مشروع ماكين مواصلة السياسة التي اجتاحت أمريكا وافسدت وول ستريت، تحدث جو بايدن بوضوح وبحزم عن مشروع (المرشح الديموقراطي إلى البيت الابيض) باراك اوباما بخفض الضرائب للطبقات الوسطى وانشاء نظام صحي مقبول ووضع حد للحرب في العراق". وتابع يقول "هذا المساء ادرك الأمريكيون لماذا اختار باراك اوباما جو بايدن رجل الدولة (..) الذي يتمتع بالخبرة والمعرفة ليكون نائبا عظيما للرئيس". وقال المعسكر الجمهوري من جهته ان سارة بايلن ( 44عاما) "فازت بالمناظرة" في مواجهة منافسها الديموقراطي ( 65عاما) واصفا اياها بانها "صريحة وعازمة وتشكل نفحة من الهواء النقي".