مسقط تلك المدينة القديمة قدم التاريخ التي تنبض بالحياة وستظل تنبض وبتألق دائم، نتنسم من خلالها عبير الماضي العريق وأرجوان الحاضر. تلك المدينة الجميلة التي تبهر الزوار باصالتها وروعتها، المدينة العتيقة القابعة بين الجبال خلف الأسوار التي تسحر المرء بجمالها وتثير فيه الفضول والرغبة لكشف أسرارها. منذ انطلاق مهرجان"مسقط 2008"في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، بدأ موسم الفرح يعطر شوارع العاصمة العمانية. مهرجان ولد ناجحاً وشق طريقه بكل اصرار حيث راهنت بلدية مسقط على تحقيق الأهداف المسطرة له فكان لها ما أرادت بفضل التخطيط الجيد والعمل الجماعي الدؤوب الذي سيتواصل حتى الخامس عشر من شهر شباط فبراير. فمن أجل المساهمة والمشاركة في إنعاش الحركة الفنية والثقافية والاجتماعية، وتوفير متنفس ترفيهي لسكان المدينة وزائريها، والمشاركة الفاعلة مع الجهات المعنية في تنشيط قطاع السياحة العمانية... جاءت فكرة تنظيم مهرجان سنوي لمدينة مسقط. وهذا ما استطاع المهرجان أن يحققه على مدى الدورات الماضية منذ انطلاقته الأولى في العام 1998، إذ تمكن من أن يرسخ مكانته ويؤكد حضوره الفاعل بين المهرجانات الأخرى بفضل الإعداد والتنظيم المدروس والفعاليات العديدة المتنوعة والمتجددة وما يقدمه من فائدة ومتعة على مختلف الأصعدة ولكافة شرائح المجتمع، وهذا ما يؤكده الحضور الجماهيري اللافت والإقبال المتزايد في كل دورة جديدة. منذ إقامة المهرجان الأول، استطاعت الجهود المكثفة التي تبذلها بلدية مسقط بالتعاون مع الهيئات الحكومية والقطاع الخاص أن تجعل من المهرجان وفي غضون سنوات قليلة واحداً من أهم الأحداث ليس فقط في عمان بل في منطقة الخليج كلها. ولعل من أهم الأهداف التي يسعى المهرجان لتحقيقها تعريف الناس بهذا البلد وتاريخه العريق وتراثه الأصيل وثقافته وتقاليده وجذب المزيد من السياح. يقول المهندس عبدالله بن عباس بن أحمد، رئيس بلدية مسقط ورئيس اللجنة المنظمة للمهرجان:"من أجل تحقيق هذا الهدف سعت بلدية مسقط الى تنظيم هذا الحدث السنوي بهدف خلق مناسبة طيبة تتيح للعمانيين والمقيمين الفرصة للتعرف على هذا البلد عن قرب ومعرفة تاريخه وتراثه القومي من كافة النواحي". يحمل مهرجان مسقط رسالة مليئة بعبير الثقافة والفكر والتاريخ والحضارة والأزياء والشعر والغناء والمسرح والسينما والفنون الجميلة والنحت والتشكيل والاستعراضات والندوات والمحاضرات. ويقدم الكثير من الرموز والفعاليات التي تمتزج فيها المآثر الحاضرة بالمأثورات الحضارية ليصبح أكبر من مهرجان تجاري، مؤكداً ومساهماً في تأصيل الأبعاد الكبرى لجوهر الشخصية العربية ووجدانها وروحها الابداعية. ويضيف المهندس عبدالله"إن الغاية هي مواصلة النجاحات التي حققها مهرجان مسقط والسمعة التي بات يتمتع بها اقليمياً وعربياً وحتى على مستوى دولي كفعالية فنية وثقافية واجتماعية تحمل على عاتقها عكس صورة قوية الملامح عن الميزات والخصائص سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو فنية للمكان العماني والتجربة الحضارية ذات الخصوصية النابعة من ارتباط الانسان بهذا المكان وتجذره فيه". مهرجان مسقط بكل ما يحتويه من زخم ثقافي وتنوع في الفعاليات يعتبر فرصة حقيقية لتأكيد حضور الثقافة العمانية العريقة وتواجدها الفاعل بين حضارات العالم الأخرى، كما يعد استراتيجية طموحة لتحقيق عدد من الأهداف النبيلة التي تتمثل في ايجاد تقليد حضاري وثقافي يعكس صورة قوية الملامح والسمات للمقومات الاجتماعية والثقافية والتاريخية للسلطنة. ومما تجدر الإشارة إليه أن جهود بلدية مسقط في رعاية المهرجان وإنجاحه تتكامل بالتعاون الوطيد والتوافق المنتظم مع أجهزة الدولة الأخرى كشرطة عمان السلطانية والوزارات المختلفة كالتجارة والصناعة والسياحة والتعليم والثقافة. ويتجلى هذا التعاون أيضاً عبر التنسيق النشيط والديناميكي مع وزارة الاعلام من خلال مكتب على محمد زعبنوت مدير عام الاعلام في الوزارة ورئيس اللجنة الاعلامية لمهرجان مسقط 2008 وفريق من الشباب المساعد له. وفي المجال الاعلامي نفسه يقوم تلفزيون سلطنة عمان وإذاعة السلطنة بنقل حي ومباشر لمعظم فعاليات المهرجان يمتاز بعرض فقرات ترفيهية وثقافية تلقى اقبالاً شعبياً مكثفاً حتى الى ما بعد منتصف الليل كل ليلة من ليالي المهرجان.