مع تقدم ساعات يوم أمس, راح اللبنانيون يتنفسون الصعداء. فقد مر تحرك قطاعي النقل البري والعمال الزارعيين بأقل قدر من الخسائر المتوقعة, بل أنها بدت"لا تذكر"اذا ما قورنت بما حصل قبل سنة ولا يزال جاثماً في ذاكرتهم. وزاد من طمأنة اللبنانيين مشهد انتشار عناصر الجيش اللبناني في مختلف المناطق لا سيما تلك التي باتت تشكل أرضاً خصبة لاحتكاكات الموالين والمعارضين، وتحليق المروحيات العسكرية التابعة له جواً الى جانب دوريات قوى الأمن الداخلي. وتفاوتت نسب الالتزام بالإضراب من قبل السائقين العموميين بين منطقة وأخرى، الا ان اللافت كان اختفاء"الفانات"من الشوارع ما أعاق تنقل الناس الذين يعتمدون وسائل النقل العمومية، ولا سيما الطلاب والعمال والموظفين فلجأوا الى"رياضة المشي", في حين ان تجاوب المزارعين لا سيما المياومين مع الإضراب تفاوت في المناطق التي تعتمد على الزراعة. وبدا حجم هذا التفاوت بحسب الطابع السياسي والحزبي الطاغي في المناطق. وشهدت محافظتا بيروت والشمال نسبة عمل بلغت مئة في المئة, في حين تفاوتت في البقاع بين خمسين في المئة في زحلة ومنطقتها وعشرة في المئة في بعلبك - الهرمل وارتفعت الى سبعين في المئة في البقاع الغربي, أما في محافظة الجنوب فبلغت نسبة عدم التجاوب مع الإضراب نسبة 80 في المئة في صيدا ومنطقتها وتراجعت الى 10 في المئة في منطقة النبطية, وفي جبل لبنان لم تلق الدعوة الى الإضراب أي تجاوب في مناطق جونيه وعاليه وبعبدا وبيت الدين والجديدة في حين بلغت نسبة توقف السائقين عن العمل في ضاحية بيروت الجنوبية مئة في المئة. وكان تم الإيعاز في تلك المناطق من القوى النافذة بإقفال المدارس، وعمدت قوى طالبية من المعارضة الى منع طلاب الجامعة اللبنانية في منطقة الحدث من دخول قاعات الدراسة, الا ان أسواق الخضر بقيت تعمل في الأحياء الداخلية في الضاحية الجنوبية. وإذ عكس هذا التفاوت في التزام الإضراب عمق الانقسامات النقابية وبالتالي الشعبية بين الموالاة والمعارضة, ذُكر ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أبقى خطوطه مفتوحة ليل أول من أمس وحتى ما بعد منتصف الليل مع الاتحاد العمالي العام والقيادات النقابية المعنية بالسائقين والمزارعين"من اجل الحفاظ على الاطار السلمي للتحرك وقطع الطريق على اي محاولة للتشويش عليه". وأفيد ان بري شدد"على تحييد بيروت عن أي تحرك، وعلى أن يكون في بقية المناطق سلمياً ورمزياً من اجل تحقيق المطالب المحقة للسائقين العموميين والمزارعين والعاملين في هذين القطاعين والتي يجب تحقيقها، كما شدد على عدم الإخلال بالأمن, وأخذ من النقابيين وعداً بذلك". وجال رئيس اتحاد السائقين العموميين عبد الأمير نجدة في مناطق بيروت، خصوصاً في الدورة والأشرفية وكورنيش المزرعة والكولا والسفارة الكويتية. وقال في تصريح له أمام السفارة الكويتية في بئر حسن، ان"الإضراب سلمي وعقدنا لقاءات في شأن المحافظة على سلميته منعاً لدخول عناصر مشاغبة"، وشدد على"مطالب الاتحادات النقابية لمعالجة الازمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة". كما جال رئيس الاتحاد اللبناني لنقابات ومصالح النقل البري بسام طليس على المناطق في بيروت، وقدر"نسبة التجاوب بأنها تتجاوز ال90 في المئة بالنسبة إلى السائقين العموميين". وأوضح أن"التجمعات التي تحصل في المناطق هي سلمية حضارية"، معتبراً أن"الإضراب عنوانه سلسلة مطالب قدمت الى المسؤولين وعنوانها الفقر والجوع". البقاع وكانت سجلت تجمعات مناطقية للمشاركين في الإضراب, ففي شتورة رفع تجمع نقابي لافتات دعت إلى تحقيق المطالب. وطالب رئيس اتحاد العمال الزراعيين محمد الفرو بپ"إنصاف العمال". وتجمع"أمام سنتر الحمرا بلازا"في منطقة الكرك العديد من العمال والسائقين فحاول الجيش إبعادهم لكنهم تمددوا أمام آلياته، فتمت معالجة الأمر وتفرقت الحشود التي بقيت إلى جوانب الطرق. ونفذت نقابات عمالية وزراعية وسائقو السيارات العمومية وپ"الميني باص"في منطقة بعلبك، وبمشاركة الأهالي عمليات قطع الطريق الدولي في اكثر من منطقة, اعتباراً من التاسعة صباحاً, بالحواجز والسيارات والجرارات الزراعية. ومنعت قوة من الجيش متظاهرين من آل وهبي في حي آل وهبي عند المدخل الشمالي لمدينة بعلبك من إضرام النار وحصل تلاسن وتدافع في الأيدي, تمكن على أثرها الجيش من تفريق المتظاهرين. وأقفلت المفارق الممتدة على طول الطريق الدولية من شتورة وحتى الهرمل بالإطارات المتنقلة والفانات التي تم إيقافها بعرض الطريق، وفتح الجيش الطرق بالتنسيق مع الفاعليات النقابية. وشهدت الهرمل إضراباً واسعاً حيث شلت حركة السير ما أدى الى تعطيل الدراسة في المدارس الرسمية والخاصة، فيما تجمع مئات المشاركين أمام ساحة بلدية الهرمل حيث تم إحراق إطارات مطاطية عملت فرق الدفاع المدني وقوى الأمن على إزالتها. وفي بلدة المنصوري، قطعت الطريق العام المؤدية الى بلدة القصير بالإطارات، كذلك قطعت الطريق عند مدخل بلدة العين وعملت القوى الأمنية على فتحها لاحقاً. الجنوب وتجاوبت مناطق الجنوب وقراه مع الدعوة الى الإضراب حيث نفذ سائقو السيارات العمومية والمزارعون وصيادو الأسماك ومربو النحل اعتصاماً أمام مبنى اتحاد بلديات صور, بمشاركة ممثلين عن النقابات والاتحادات النقابية ورؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات. وألقيت كلمات شرحت معاناة العمال والسائقين واكدت ضرورة تحقيق المطالب. وفي منطقة الزهراني تواجد الجيش بكثافة خصوصاً على المفارق التي تؤدي الى القرى والبلدات، وعمل على فتح الطريق الساحلية وإزالة العوائق والدواليب المحروقة على مفرق بلدة السكسكية. وكان الأهالي تجمعوا قرب مفرق بلدة الصرفند. وأفيد عن تعرض أحد الأوتوبيسات العائدة لمؤسسة"زنتوت والصاوي"للتكسير. والتزمت بنت جبيل بالاضراب بإقفال المحال الزراعية ومراكز التعاونيات وأسواق الخضر والفاكهة ومعامل الألبان والمدارس الخاصة. ونفذ سائقو الفانات اعتصاماً على جانب الطريق في النبطية، بمشاركة نقابيين وألقيت كلمات. ولبى قطاعا النقل البري والزراعة في مرجعيون والخيام والقرى المحيطة الدعوة الى الإضراب. وشهدت بقية القطاعات حياة طبيعية. أما في حاصبيا فلم يسجل أي التزام بالإضراب. الشمال وفي البترون شمالاً سجل انتشار واسع للجيش والقوى الأمنية، وتمركزت قوة منها عند نفق شكا في الاتجاهين. وتفاوتت نسبة الالتزام بالإضراب في عكار التي شهدت حركة شبه اعتيادية, في وقت أضربت فيه بعض محال بيع الأدوية والأسمدة الزراعية, وأقفلت مدارس أبوابها لا سيما في بعض قرى منطقة السهل, وحافظت حركة السير وتنقل السيارات العمومية وحافلات الركاب في المنطقة على نشاطها المعتاد. ولم تستجب مناطق كسروان - الفتوح للإضراب. كما لم تلب منطقة جبيل الدعوة الى الإضراب وحافظت حافلات الركاب والسيارات العمومية على نشاطها المعتاد.