تواصل المعارضة اللبنانية تحرّكها في الشارع في "بروفات" متنقّلة تحت عنوان المطالب المعيشية والحياتية، فتدعم اليوم تحرّكاً لسائقي سيارات النقل العمومي والبري وبعض الاتحادات الزراعية، إحتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات، وسط انقسام في الحركة النقابية حول هذا التحرك بسبب خلفياته السياسية، اذ رفضت الاتحادات النقابية المستقلة، أو الموالية للقوة السياسية المنضوية تحت لواء تحالف 14 آذار المشاركة فيه، واستبدلته بحوار مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة حول المطالب التي وُعدت بتحقيق بعضها. وفيما يشمل التحرّك إقفال طرقات رئيسة في بيروت ومحيطها عبر ركن السائقين سياراتهم وفانات النقل، في الشوارع والمستديرات الأبرز لشل الحركة حول العاصمة وداخلها، بحسب المناطق التي أوضح تلفزيون"المنار"التابع ل"حزب الله"ان الاضراب سيشملها، رأت أوساط وزارية وحكومية في هذا التحرك، معطوفاً على التصريحات التصعيدية من قادة المعارضة ازاء التفسير الذي قدمه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لخطة الحل العربي لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان والخلاف على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، محطة من محطات الضغط على اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي ينتظر انعقاده الأحد المقبل في القاهرة لعرض نتائج مهمة موسى في بيروت ودمشق والتي أخفقت في دفع الفرقاء اللبنانيين الى تنفيذ الخطة. راجع ص6و7 وأعلنت مصادر في المعارضة ان تحرك اليوم، الذي يصادف غداة الذكرى السنوية الأولى للتحرّك الذي قامت به قواها في 23 كانون الثاني يناير من العام الماضي من قطع طرقات وحرق دواليب وأدى الى أعمال شغب، وتطوّر في اليوم التالي الى صدامات أمنية ومذهبية وسقوط قتلى وجرحى، سيشمل تظاهرات جوالة واعتصامات في الشوارع، لكنها أشارت الى انه سيتم التنسيق مع أجهزة الأمن منعاً لحصول حوادث. وقالت مصادر أمنية ل "الحياة"إن الجيش اللبناني سيكون في جاهزية تامة بدءاً من فجر اليوم وأنه تلقى تعليمات واضحة من قيادته بمنع إقفال أي طريق رئيس أو إفتعال حوادث شغب، وإن القوى الموجودة على الأرض ستتعامل مع أي إخلال بالأمن بما يقطع الطريق على تهديد الاستقرار العام. وبوشر بالتدابير من ليل أمس. وتجيء تدابير الجيش والقوى الأمنية بعد التحرّك الذي قام به أنصار المعارضة ليل أول من أمس في مناطق في بيروت وأدى الى إقفال الطرقات. وخضعت الدعوة الى تحرّك اليوم الى التجاذب بين المعارضة والأكثرية. وفيما قالت قيادات المعارضة ان التحرك نقابي وانها تترك لمحازبيها ومناصريها ان يشاركوا فيه، صدر عن قوى 14 آذار بيان بعد ظهر أمس اعتبرت فيه ان"القوى التابعة للمحور السوري ? الإيراني أطلقت حملة تهويل إعلامية ? سياسية مستغلة المطالب الاجتماعية التي تنجم عن شل الحركة الاقتصادية بواسطة الاحتلال الجائر للوسط التجاري"، ودعت قوى 14 آذار اللبنانيين الى"عدم الانصياع لجوّ التهويل، وممارسة حياتهم في شكل طبيعي بعيداً من دعوات الإضراب التي تحمل قناعاً مطلبياً"، معتبراً ان هدف الاضراب الضغط على الاجتماع المقبل للجامعة العربية. وحذّرت"من خروج هذه التحركات عن القواعد القانونية والدستورية". وذكرت ان"فئات واسعة من اللبنانيين لن تتسامح مع أي انقلاب على المسيرة الاستقلالية"، مشيدة بالحوار بين الحكومة"وعدد من النقابات الجدية للتجاوب مع المطالب الاجتماعية المحقة". وقال ايلي حنا، مسؤول النقابات في"التيار الوطني الحر"بزعامة النائب ميشال عون ل"الحياة":"نحن مع كل تحرّك نقابي وندعم كل مطالب العمال المحقة ونرفض تسييس العمل النقابي". وأضاف:"نحن كنقابة لا نجبر أحداً على النزول الى الشارع ولا نقول للناس ان ينزلوا أو لا ينزلوا ولكن اذا كان عمال النقابات في التيار مقتنعين بهذا التحرّك فهم يتصرّفون على أساس فردي". وشدّد حنا ان التحرّك اليوم"ليس تحرّك المعارضة كما يدعي البعض"، مؤكداً أنه"عندما يكون هناك قرار سياسي على مستوى المعارضة فلا مشكلة لدينا في تنفيذه والتحرّك سياسياً". وصدرت مواقف مشابهة عن قيادات أخرى في المعارضة. لكن تلفزيون"المنار"أوضح بعد اجتماع للنقابات في مقر الاتحاد العمالي العام ان الاضراب"سيطاول كل الأماكن والمستديرات الحيوية في بيروت، من الدورة الى المكلس، الحمراء، البربير، الطيونة، دوّار السفارة الكويتية، الأونيسكو، كاليري سمعان، الحازمية دوار الصياد". وتوقعت المحطة ان يشمل الاضراب المدارس وإقفال بعض الطرقات. وبرزت أصوات من حلفاء للمعارضة ترفض المشاركة في التحرك، فقال النائب ميشال المر:"لا يطلبن أحد منا النزول الى الشارع من دون سبب والمتنيون لا يعبّرون عن موقفهم بتظاهرات حتى لو دعا اليها"التيار الوطني الحر". وسأل:"هل لأن هناك مبادرة لمصلحة المسيحيين نواجهها بالشارع؟ لن نفعل". وقال إن المبادرة العربية"يجب ان تنفّذ كما هي ومن يقول غير ذلك لا يكون مع مصلحة اللبنانيين والمسيحيين بصورة خاصة". وأمل بعودة موسى الى لبنان بعد اجتماع الوزراء العرب الاسبوع المقبل،"وهل يجوز ان تتحوّل المؤسسات الدستورية الى مراكز شاغرة من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب والمجلس الدستوري؟". وجاء تحرّك اليوم بالتناغم مع تصاعد السجال بين الأكثرية والمعارضة على خلفية الموقف من المبادرة العربية وخطاب الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله. وانتقد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم"انسجام بعض قوى 14 آذار مع الموقف الاسرائيلي"قاصداً الانتقادات التي وجهها البعض لحديثه عن الاشلاء الاسرائيلية التي في حوزة الحزب. وكان النائب محمد رعد هاجم السنيورة أول من أمس قائلاً إنه سيذهب قريباً مثل رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت. ورد السنيورة معتبراً ان"الاستمرار في إطلاق الشتائم والسباب للآخرين يساهم في زيادة الشقاق". واستشهد بقول للإمام الشافعي:"يخاطبني السفيه بكل قبح. فأكره أن أكون له مجيباً"...