اهتز امس، الموقف النقابي في لبنان في شأن التظاهر غداً الاربعاء احتجاجاً على الورقة الاصلاحية للحكومة، بفعل التباين بين مشارك في هذه الخطوة التصعيدية وبين رافض لها في ضوء نفي حكومي لاقتراح التعاقد الوظيفي في الورقة، ما دفع الداعين الى التحرك الى البحث عن اقتراحات اخرى تتضمنها الورقة للاحتجاج عليها وبينها زيادة ساعات دوام العمل. وتوالت الاجتماعات النقابية لتحديد الموقف النهائي من التظاهرة. وخلصت هيئة التنسيق النقابية التي اجتمعت عصرا الى اقرار التظاهرة، بعدما تداولت في اللقاء الذي جرى مع الرئيس السنيورة نهاية الاسبوع الماضي، واكدت الهيئة"طابع التظاهرة السلمي والحضاري"، وقررت"منع الشعارات والاعلام غير النقابية". وطالبت ب"الغاء مشروع التعاقد الوظيفي نهائيا وليس فقط سحبه من التداول". وسجلت بوادر الانقسام ضمن هيئة التنسيق، اذ أعلن نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض عدم مشاركة التعليم الخاص في التظاهرة، ودعا الى عدم زج هيئة التنسيق النقابية"في الصراعات السياسية الدائرة في لبنان، فالاتحاد العمالي العام استخدم خلال الپ15 سنة الماضية أداة سياسية في الصراعات". وقال محفوض:"نحن في النقابة نريد أن نحافظ على ما تبقى من العمل النقابي في لبنان لهذه الأسباب، ونعتبر أن الحوار مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لا يزال مستمراً ولم ينقطع وهو ايجابي في جوانبه العديدة"، مستغرباً"الاصرار على التظاهر قبل أن يكتمل الحوار مع السنيورة"، كما استغرب"موقف الجهات التي كانت تعارض العمل النقابي تاريخياً وهي اليوم تشجع على التظاهر ما يدفعنا الى الخوف على العمل النقابي". وعقدت الهيئات النقابية الجامعية لحركة 14 آذار، اجتماعاً استثنائياً ناقشت خلاله، الدعوة التي وجهتها هيئة التنسيق الى التظاهر و"النتائج التي آلت اليها اللقاءات، التي أُجريت مع رئيس الحكومة والتجاوب الذي أبداه، في سحب مشروع التعاقد الوظيفي، واستعداده للحوار حول كل المسائل المطروحة في ورقة العمل الاصلاحية، التي تقدمت بها الحكومة". واستغرب المجتمعون"اصرار بعض القوى السياسية، على استخدام الملف الاقتصادي، لتصفية الحسابات السياسية، والتحريض على استخدام الشارع، وعدم تقديم أي بدائل في المسائل المطروحة في الورقة الإصلاحية"، كما استغربوا مواقف بعض الأطراف المشاركين في الحكومة،"والذين سبق وربطوا مشاركتهم بالتظاهر، بوقف مشروع التعاقد الوظيفي، ثم عادوا وتراجعوا عن موقفهم بعد سحب المشروع، وأصروا على تحريك الشارع، ما يؤكد انخراطهم في الحملة التصعيدية على الحكومة، وفي تسييس التحرك النقابي، والذي تتلاقى فيه مع القوى، التي أعلنت صراحة عزمها على إسقاط الحكومة، وتصفية حساباتها مع قوى الرابع عشر من آذار". ودعت هذه الهيئات"من موقع حرصنا على استقلالية العمل النقابي، وعلى مصالح المواطنين والوطن الى تأجيل تظاهرة الغد والاستمرار في الحوار الجدي مع الحكومة حول كل النقاط الواردة في الورقة الإصلاحية، على قاعدة حماية الحقوق المكتسبة وعدم التعرض لها". وحذرت من شرذمة الحركة النقابية وإضعاف مطالبها، ومصادرة قرارها لمصلحة القوى السياسية، التي تحاول الاستمرار في أسر لبنان، ومنع قيام مشروع الدولة". وأعلنت مفوضية التربية والتعليم في الحزب التقدمي الاشتراكي انها"على رغم التأييد المطلق للمطالب التي ترفعها هيئة التنسيق النقابية خصوصاً في ما يتعلق بمشاريع القوانين التي تطاول الموظفين والمعلمين، وحرصاً منها على تنزيه القضايا المطلبية المحقة عن الاستغلال السياسي والحزبي، وايماناً منها بأن ابواب الحوار لم تقفل بعد مع الحكومة فان المفوضية تعلن عدم مشاركتها في التظاهرة لانحرافها عن القضايا المطلبية المحقة". وكان رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي حنا غريب أكد التمسك بالتظاهر وقال انه"لا يمكن المساومة على الحقوق المكتسبة"، ورأى ضرورة الغاء التعاقد الوظيفي وغيره من المشاريع مثل زيادة دوام العمل. ودعا اتحاد النقابات العمالية للمصالح المستقلة والمؤسسات العامة في لبنان الى المشاركة الكثيفة والفاعلة في تظاهرة غد، واعتبر في بيان موجه الى العاملين في هذه المصالح"ان نهج الحكومة الراهنة يتجه الى تحميلكم عبء الدين العام والاصلاح المالي بمشاريعها المطروحة التي تمس بحقوقكم وتحاول تمريرها كالتعاقد الوظيفي وتعديل نظام التقاعد والصرف من الخدمة وزيادة الحسوم التقاعدية في القطاع العام وحرمان ورثة الموظف المتوفى من معاش التقاعد وتعديل دوام العمل وخفض سن التقاعد". واعلن الرئيس الأعلى لپ"حزب الكتائب"الرئيس السابق أمين الجميل ان موقف الحزب من التظاهرة"ما يزال ينتظر ما ستتخذه الهيئات النقابية المعنية من قرارات"، مؤكداً ان"تأزم الاوضاع الاقتصادية والمالية والتردي الكارثي للاحوال المعيشية كان يستدعي ايجاد خطة اصلاحية". ولفت الى ان"الكتائب تعتبر الورقة الاصلاحية مشروعاً أولياً قابلاً للنقاش، بعيداً من الاستغلال السياسي". تكتل"التغيير والاصلاح" أعلن نائب رئيس المجلس النيابي السابق النائب ميشال المر بعد اجتماع تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي برئاسة النائب ميشال عون امس، ان التكتل يؤيد الهيئات النقابية في مطالبها المحقة، مشيراً الى انه"إذا قررت هذه النقابات النزول الى الشارع سنكون الى جانبها، وإذا قررت عدم التظاهر فنحترم قرارها". وأكد ان دعوة النقابات الى التظاهرة ليست مسيسة، لافتاً الى ان"سورية منذ انسحابها من لبنان لا تتدخل لدى أي من المسؤولين اللبنانيين في المواضيع الداخلية". وكان عون شن في احتفال في مناسبة مرور عام على عودته أول من أمس، هجوماً على الأكثرية النيابية والحكومة، وقال:"لا يمكن لمن اعتاد تلقي الاوامر واطاعتها ان يكون على رأس وطن. ولا من اعتاد ان يصرف المال في الانتخابات لشراء اصوات الناس ان يكون هو المدافع عن عدم بيع الوطن"، لافتاً الى أن"التحدي الكبير ان يقروا قانون الانتخاب كما وعدوا". وقال عون:"هؤلاء حكموا الوطن 15 عاماً على الاقل، واعني"تيار المستقبل". صاروا كل عام يعدون بربيع لبنان الآتي، ومن اول عام قلنا لهم ان ربيع لبنان لن يأتي معهم. هذه هي الدولة، فلأي سبب نجدد للرئيس فؤاد السنيورة وزملائه الذين كانوا مسؤولين عن ادارة مال الدولة واقتصادها". ولفت عون الى انه كسر"بالتفاهم مع حزب الله الاقطاع المذهبي. وسعينا ونجحنا في ادخال اللبنانيين في السلام"، معتبراً أن رغبته"في الوصول الى رئاسة الجمهورية شرعية".