سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نحو مواصلة الاحتجاجات والسنيورة يجدد عرضه الحوار ويتعهد مواجهة "الفتنة والترهيب" ... ثلاثة قتلى وأكثر من 100 جريح في صدامات مسلحة قبل تدخل الجيش لبنان : إضراب المعارضة يحاصر العاصمة ويعزل المدن
عاش لبنان أمس "بروفة" الحروب الأهلية على أنواعها وشقّت شمس بيروت طريقها بصعوبة الى سمائه بين الغيوم السود التي أحدثتها حرائق أشعلتها المعارضة في كل المناطق لقطع الطرقات، في تحركها التصعيدي ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ومؤتمر "باريس -3"، تحت شعار المطالبة بحكومة اتحاد وطني وبإجراء انتخابات نيابية مبكرة راجع ص 6 و7 و8. واستفاق اللبنانيون صباحاً على مشهد مظلم نتيجة احتراق الإطارات المشتعلة، وقطع الطرقات بين كل المدن والمناطق وداخل بعض هذه المدن، لا سيما بيروت التي أقفلت المعارضة حتى ليل أمس كل مداخلها، فيما تعطلت مرافق البلد كافة، بما فيها مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة حيث احتجز مسافرون، إضافة الى المرفأ وسائر الدوائر الرسمية. ومنع المواطنون غير المشاركين في الإضراب العام الذي دعت اليه المعارضة من الوصول الى أشغالهم ومدارسهم، وشهدت المناطق مواجهات بين أحزاب وفئات متصارعة، أخذ بعضها طابعاً مذهبياً، وبين القوى المسيحية، فسقط أكثر من 105 جرحى و3 قتلى من الفريقين، بعدما ظهر السلاح واستخدم في أكثر من موقع بين القوى المساندة للأكثرية وتلك المنضوية في صفوف المعارضة. وأقفل النهار على استمرار شل البلاد، برفع مزيد من السواتر الترابية التي أقيمت في المناطق كافة للحؤول دون التنقل. وكانت قوى المعارضة نظمت عملية إقفال الطرقات بالإطارات المشتعلة بين الثالثة والنصف فجراً والسادسة إلا ربعاً، صباحاً داخل المدن، وعلى الطرقات الدولية من الشمال الى الجنوب، وأقام أنصارها تجمعات بشرية على بعض هذه الطرقات ووضعوا سيارات قديمة أضرمت فيها النيران، من دون أن يتعرض لهم الجيش، لفتح الطرقات إلا عند نزول قوى من الأكثرية في بعض المواقع من أجل فتحها بالقوة، ففض الاشتباك وفتح الطرق مثلما حصل على طريق خلدة الجنوب عند نزول أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي و"تيار المستقبل"، في مواجهة أنصار"حزب الله"والوزير السابق طلال أرسلان، ونقاط على الطريق الساحلية الشمالية حيث نزل أنصار"القوات اللبنانية"و"الكتائب"في مواجهة أنصار"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون وأنصار الوزير السابق سليمان فرنجية وفي منطقة شتورا البقاعية، فضلاً عن أنصار"المستقبل"في عكار. وصدرت مناشدات للجيش من أجل التدخل لتفح الطرقات، واضطر وزير الدفاع الياس المر للاتصال بقائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي أدخل أول من أمس لإجراء عملية جراحية، من أجل مطالبته بالتشدد أكثر في حفظ الأمن، فيما ترددت معلومات تفيد ان البطريرك الماروني نصر الله صفير بعث برسائل الى القوى الأمنية يسألها عما قالت مصادر مطلعة انه تراضٍ في حفظ الأمن. وانتقد رئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"سمير جعجع ما اعتبره"حماية"القوى الأمنية لعملية قطع الطرقات. وتفاوت التجاوب مع الإضراب في المناطق الداخلية الجبلية وبعض الأحياء في المدن فكان تاماً في مناطق نفوذ"حزب الله"في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية وبعض أحياء العاصمة، وفي مناطق نفوذ عون الذي أعلن ان الاضراب نجح، فيما قال نائب الأمين العام ل"حزب الله"الشيخ نعيم قاسم:"اننا عبّرنا بطرق سلمية عن احتجاجنا على السلطة وإحراق الإطارات تم بصورة طبيعية". أما الاضراب في المناطق الجردية المسيحية فلم يلق استجابة، كذلك في المناطق الجبلية التابعة ل"الاشتراكي"وعكار وطرابلس وزحلة والأحياء في غرب بيروت التي ل"تيار المستقبل"نفوذ فيها، وفي شرقها حيث ل"الكتائب"و"القوات"تواجد ايضاً. وحصلت مواجهات في مدينة جبيل والبترون وقرى جبلية أخرى شهد بعضها إطلاق نار. كذلك في شتورة حيث اقتحم أنصار المعارضة مستشفى الميس. وعند مداخل العاصمة الجنوبية منع عناصر"حزب الله"وحركة"أمل"أطباء وسيارات إسعاف وباصات تابعة لقوى الأمن الداخلي من المرور، وكذلك مسافرين من الوصول الى مطار بيروت حيث احتجز ايضاً 300 عنصر من القوات الصينية المشاركة في قوات حفظ السلام في الجنوب اللبناني. وعقد قادة المعارضة اجتماعاً لاتخاذ قرار من مواصلة التحرك اليوم، فيما واصل"حزب الله"الذي تولى مسؤولية قطع الطرقات الى العاصمة حيث لم يستطع أنصار عون تأمين الحشود، إقفال مناطق المتحف، المرفأ، غاليري سمعان، الأوزاعي - المطار، بيروت - المطار، الشويفات - حي السلم، شتورة، الجنوب - بيروت، مستديرة السفارة الكويتية، المدينة الرياضية، الطيونة - شاتيلا، والجناح - بئر حسن. وتولى"التيار الوطني الحر"مواصلة إقفال منطقة الدورة - بيروت وسن الفيل، في شكل أدى الى الإطباق على العاصمة كلياً. وتولى"حزب الله"وحركة"أمل"قطع الطرق داخل غرب بيروت في مناطق وأحياء، وأصر الحزب على الاحتفاظ بنقطة تواجد دائمة في منطقة الروشة - كاراكاس، فيما قطع الحزب السوري القومي الاجتماعي طريق الروشة الداخلية أمام مركزه الرئيسي. وحصلت احتكاكات عدة بين أنصار الحزب و"أمل"وأنصار المستقبل امس في أحياء حساسة مثل الطريق الجديدة، وكورنيش المزرعة وقصقص والمدينة الرياضية، أخذت طابعاً مذهبياً. وقالت مصادر في المعارضة ل"الحياة"ان التحرك الاحتجاجي سيتواصل اليوم حول العاصمة في شكل رئيس. وكشفت ل"الحياة"مصادر مواكبة للاتصالات التي سبقت التصعيد امس، بعض وقائعها، بعدما كان الاتجاه يميل اواخر الاسبوع الماضي الى التوصل الى اتفاق يخرج الازمة من الشارع بناء للتوافق الايراني - السعودي على تسهيل الحلول. وأوضحت المصادر ان مسودة ورقة الافكار كانت وضعت صياغة لمسألتي المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ولقيام حكومة وحدة وطنية، لكن المعارضة أصرت على طلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة. وأوضحت انه حين زار سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني دمشق الأحد الماضي لتسويق مسودة الورقة قوبل برفض الصيغة التي تتضمنها في شأن المحكمة، حيث أصر المسؤولون السوريون على عدم إقرار المحكمة، وعلى ان يتم البحث في أمرها بعد انتهاء التحقيق الدولي في الجريمة، وعلى ان تشكل حكومة للمعارضة فيها الثلث المعطل، وان تجرى انتخابات نيابية مبكرة. السنيورة ووجه السنيورة رسالة الى اللبنانيين من السراي الحكومية مساء أمس قال فيها:"نريد أن نكون معاً اليوم كما كنا دائماً نقف ونراجع ونتصارح ونضع الأمور في نصابها ونرتفع فوق إرغامات الساعة واضطراباتها الى الخيارات الوطنية الكبرى". واعتبر ان الإضراب العام تحول الى"ممارسات وتحرشات تجاوزت كل الحدود وذكرت بأزمنة الفتنة والحرب والوصاية. إن الاحتجاج عن طريق الشغب وقطع الطرق والتعرض للممتلكات العامة والخاصة والتهديد بمواصلة التصعيد، اعتداء على أمن المواطنين وحريتهم. كما هو غريب عن أصول الديموقراطية وقيمها والحق في التعبير السلمي، وهو ينذر بأخطار كبيرة ليست خافية على أحد من العقلاء والمخلصين للوطن والملتزمين ميثاق العيش المشترك بين جميع أبنائه". وزاد:"كان هاجسنا الأول ولا يزال في كل كلمة وموقف ومبادرة، ومعنا أكثرية اللبنانيين، صون بلدنا ودفع الأذية عنه وحماية استقلاله واستقراره. إن مسؤوليتنا الوطنية حكومة شرعية ودستورية، وواجبات الجيش والقوى الامنية، لا تسمح بالتساهل او المساومة في أمر الصالح العام والنظام والسلم الأهلي واحترام القانون. لكننا في المقابل، وكما قلنا غير مرة، نؤكد أن عقولنا منفتحة وأيدينا ممدودة للحوار مع شركائنا في الوطن وصولاً الى اتفاق على المسائل الخلافية، يقودنا الى تجديد الثقة بين اللبنانيين وبناء الوحدة الوطنية الحق". واضاف:"تقتضي الحالة المأزومة والمتفجرة الحاضرة معالجة سريعة تستوجب نقل الخلافات والصراعات من الشارع الى المؤسسات الدستورية الشرعية، وفي مقدمها المجلس النيابي. ويتطلب ذلك إصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية فوراً ودعوة نواب الأمة الى الالتئام وممارسة كامل دورهم من أجل إنقاذ لبنان". وخاطب اللبنانيين قائلاً:"انني أدعوكم الى التبصر أين يراد الذهاب بكم، بعيداً عن مصلحتكم الفعلية وعن مصلحة الوطن". ودعاهم الى"إمعان النظر في ما يجري في المنطقة من حولنا من إحداث جسام تحمل معها أخطاراً كبيرة على الاستقرار الداخلي". وختم قائلاً:"أيها اللبنانيون، سنبقى معاً ضد الترهيب، سنقف معاً في وجه الفتنة، سنظل سوياً كلنا من اجل لبنان كلنا للوطن". الاممالمتحدة وفي نيويورك،أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون ان حكومة فؤاد السنيورة هي الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في لبنان. وقالت ميشال مونتاس الناطقة باسم بان، رداً على سؤال"الحياة":"نعتبر ان حكومة السنيورة هي الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في البلاد، وان من المهم ان نتذكر اننا اتفقنا مرات عدة على أنه يجب ان تمثل الجماعات اللبنانية كافة وتشعر انها ممثلة في الحكومة. ونجدد دعوتنا الأطراف كافة للعودة الى طاولة الحوار والعمل نحو اعادة المصالحة الوطنية". وأعرب الأمين العام، في بيان للناطقة باسمه، عن"قلقه البالغ من ان الخلاف السياسي في لبنان أدى الى مواجهة في الشارع تسببت، بحسب الأنباء، بإصابات وخسائر في الأرواح". وجاء في البيان ان"الأمين العام يجدد، عشية توجهه لمؤتمر باريس - 3 حول لبنان، دعم الأممالمتحدة لاستقرار لبنان وسيادته وأمنه واستقلاله". وأضاف البيان:"من الضروري ان تعمل الأطراف كافة في لبنان في إطار العملية الديموقراطية والعودة الى الحوار كوسيلة لمعالجة خلافاتها السياسية"، مؤكداً ان"الأمين العام يتابع التطورات في لبنان بشكل وثيق". وأعربت مونتاس عن أملها بأن يتمكن المسؤولون اللبنانيون المعنيون من حضور مؤتمر"باريس - 3"، مشيرة الى ان"رئيس الوزراء السنيورة وممثل الأممالمتحدة غي بيدرسون لم يستطيعا الخروج حتى الآن"من لبنان بسبب اغلاق مطار بيروت. من جهته، أعرب رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي سفير روسيا فيتالي تشيركن عن أسفه"لأننا نرى هذا التصعيد في الوضع السياسي في لبنان". وناشد تشيركن"كافة الأطراف في لبنان ايجاد طريقة لحل خلافاتها سلمياً لأن الوحدة السياسية في هذا البلد مهمة جداً، خصوصاً في هذا المفصل. فبعد بضعة ايام، سيعقد مؤتمر في باريس حول لبنان بهدف المساعدة في إعادة إعمار لبنان اجتماعياً واقتصادياً بعد حرب الصيف الماضي".