ما هي القوى الأساسية التي تؤثر في المعلوماتية عموماً، وخصوصاً في ميول صناعة الرقاقات الإلكترونية عالمياً؟ وأين موضع العالم العربي ضمن خريطة هذه القوى؟ تلك كانت نقطة الانطلاق في الحوار عبر البريد الإلكتروني مع سمير الشمّاع، المسؤول الإقليمي لشركة"انتل"Intel في الشرق الأوسط. وتوّقع الشمّاع أن يشهد عام 2008 استمراراً في التطور المتسارع للحوسبة النقالة "موبايل كومبيوتنغ" Mobile Computing من خلال ظهور أجهزة كومبيوتر نقالة أكثر تطوراً من ناحية الأداء وعمر البطارية، وكذلك اهتمامها بدمج تقنيات لاسلكية جديدة من شأنها أن تتيح للمستخدمين الاتصال الدائم بالإنترنت العالية السرعة، أثناء تنقلّهم ضمن مكاتبهم، بل وعبر مدن بأكملها بفضل تقنية"واي ماكس"للاتصال اللاسلكي المعتمد على موجات الراديو. وفي هذا الاتجاه، تنفق شركة"انتل"مليارات الدولارات على الأبحاث لتطوير معالجات للكومبيوترات النقالة تضم ملايين الترانزستورات المتناهية الصغر، إلى جانب دمج التقنيات اللاسلكية وشرائح الرسوم الغرافيكية، ما يزيد أيضاً من قدرة الكومبيوتر على التعامل مع المواد المُعقّدة مثل أفلام السينما وأشرطة الفيديو ومواد الميلتي ميديا وغيرها. وبيّن أن منطقة الخليج العربي تتميز بأنها من أسرع أسواق الكومبيوتر النقال نمواً، إذ قدرت نسبة تلك الأجهزة، مقارنة بنظيراتها المكتبية العام الفائت ب60 مقابل 40 في المئة، ما يتجاوز النسب العالمية التي تقف ضمن حدود ال50 في المئة. ويتوقع الشمّاع أيضاً أن تشهد هذه السنة ارتفاعاً في الإنفاق على تقنية المعلومات في ميادين مختلفة، وعلى رأسها قطاع التعليم والصحة وقطاع الخدمات."في"انتل"نعمل مع مختلف حكومات المنطقة في إطار برنامج"العالم إلى الأمام"بهدف نشر التقنية الرقمية ودفع عجلة التقدم في مجالات تشمل نشر الإنترنت والاتصالات المتطورة، وزيادة المحتوى الرقمي ونوعيته، إضافة الى دعم التعليم. وكذلك تعمل"انتل"مع دول المنطقة لمساعدتها على الاستفادة من تقنية"واي ماكس"لتعزيز الوصول إلى الإنترنت، إضافة إلى برنامج"التعليم للمستقبل"الذي يعنى بتدريب المدرسين على كيفية دمج التقنية الإلكترونية في العملية التعليمية. "وقد درّبنا أكثر من 400 ألف مدرس في المنطقة، ونسعى الى توسيع هذا البرنامج ليشمل دولاً أخرى". "الإنترنت في جيبك" وأعرب الشمّاع عن اعتقاده بقرب تحقّق فكرة"الإنترنت في جيبك"بفضل ظهور تقنية جديدة من شركة"انتل"تسمى"أجهزة الإنترنت النقّالة Mobile Internet Devices" واختصاراً "ميدس"MIDs. وتتلخص هذه التقنية في عدد من الأدوات التي تديرها معالجات عالية الأداء وفائقة الصغر، بما يسمح لعدد كبير من شركات الكومبيوتر والهواتف النقالة بصنع أجهزة تقدر على الاتصال الدائم بالإنترنت. وتحدث عن سياسة"المنصات"التي تركز عليها"انتل"في الآونة الأخيرة، متوقعّاً ظهور برامج معلوماتية في صدّدها، تعطي شركات تجميع أجهزة الكومبيوتر فرصة صنع حواسيب عالية الأداء وخفيضة الاستهلاك من الطاقة. وضرب مثلاً منصة"سنترينون"Centrinon المتخصصة في الكومبيوترات النقالة التي استطاعت، منذ انطلاقتها في عام 2003 إحداث نقلة نوعية في الحوسبة الشخصية. وفي سياق متصل، من المتصَوّر أن تستطيع منصة"في برو"للكومبيوترات المكتبية والنقالة إعطاء مستويات مرتفعة في ميادين حماية البيانات وإدارتها، وكذلك الحال بالنسبة الى تقنية"التمثيل الافتراضي"virtulization. وأعلن عن قرب ظهور منصة"الكومبيوترات الشخصية المصغرة"، التي توصف تقنياً بمصطلح"ألترا موبايل بي سيز"Ultra Mobile PC s والتي ستمثل جيلاً من الحاسوب النقال يتميز بصغر حجمه وقدراته التي تضاهي الكومبيوترات النقالة التقليدية. وشدد على العمل بجهد أيضاً لتوفير منصات خاصة بالتعليم"إيماناً منا بأن التقنية ستلعب دوراً مهماً في مستقبل العملية التعليمية". ومع إحجامه عن التعليق على مبادرة"هاتف غوغل"Google phone التي أطلقت مطلع الخريف الماضي، أوضح الشمّاع أن"انتل"انضمت إلى تجمع من الشركات التي تعمل في صنع برمجيات"غوغل فون"، والتي تسمى"أندرويد" Android. وبيّن أيضاً أن هذه التقنيات تعتمد على محتوى الإنترنت إلى حد كبير، ما يجعلها بحاجة إلى معالجات إلكترونية"مايكروشيبس"فائقة القوة، وهو مجال مناسب لتطبيق سياسة"انتل"في صنع رقاقات إلكترونية أكثر قوة وأصغر حجماً بإطراد. وتناول أيضاً موضوع التعريب Arabization في منصات"انتل"، مبيّناً ان شركته تعتمد سياسة قوامها دعم الشركات المحلية والإقليمية في المنطقة العربية والسعي إلى توليد المزيد من المحتوى والحلول المخصصة للمستخدم العربي، وقال:"ننسق مع هذه الشركات من خلال مركزي"تطوير المنصات"في القاهرة وپ"الإبداع التقني"في دبي. ويعتني المركزان بدرس أنماط استخدام الحواسيب في المنطقة وتطوير المنصات التي تتوافق مع الحاجات المحلية. ومن الأمثلة على تلك الأعمال، إنجاز"القرآن الإلكتروني"الذي طوّرته شركة"سيمانور"السعودية بالتعاون مع"مركز تطوير المنصات"، إضافة إلى توفير المناهج التعليمية السعودية رقمياً ودمجها في منصات مخصصة للاستخدام في العملية التعليمية. كما انتج تعاوناً مشابهاً مع شركة"العبيكان"السعودية أيضاً لتعريب بوابة"سكوول"Skoool التي تتوافر للطلبة بأكثر من 10 لغات. وتقدّم البوابة العربية"سكوول كوم اس ايه"skoool.com.sa مصادر تعليمية غنية بالوسائط المتعددة. كما تركز على مادتي العلوم والرياضيات، وتتوجه الى الطلبة والمعلمين في السعودية. وستتوافر هذه البوابة في دول أخرى في المنطقة خلال عام 2008. "واي ماكس"مجدداً ولاحظ الشمّاع أيضاً أن بعض الدول في المنطقة العربية حققت تطوراً ملحوظاً في نشر تقنية"واي ماكس"من خلال توفير الأطر التنظيمية وإعطاء التراخيص اللازمة في هذا المجال. ويأتي على رأس تلك الدول المملكة العربية السعودية والبحرين، اللتان شرعتا في استخدام هذه التقنية للأغراض التجارية. وبيّن أن عدداً من الشركات المشغّلة لخدمات الاتصالات في بقية الدول العربية في طور إجراء التجارب على استخدام تقنية"واي ماكس"في بلدانها. ويعد إعلان الاتحاد الدولي للاتصالات خلال مؤتمره الأخير في جنيف في تشرين الأول أكتوبر 2007 عن اعتماد المعايير الموحّدة لتقنية"واي ماكس"، نقلة نوعية من شأنها أن تسرع في انتشارها لتلعب دورها المنتظر في تقنية نشر الإنترنت السريعة. ورأى أن هذا الأمر يسرع في انتشار أجهزة الإنترنت النقالة مثل خليوي"أي فون"iPhone وغيرها من الأدوات المعتمدة على التقنيات اللاسلكية للوصول إلى الإنترنت. وتناول أيضاً ظاهرة"الاندماج الرقمي"Digital Convergance، فرأى انها ستستمر خلال السنوات المقبلة، مبيّناً أن الحجر الأساس لهذه الظاهرة هو المعالج الإلكتروني"ميكروبروسيسر"MicorProcessor. وذكّر بپ"قانون مور"المنسوب إلى غوردون مور، العالِم الذي شارك في تأسيس"انتل"، الذي ينص على أن عدد الترانزستورات على شريحة المعالج يتضاعف كل 18 إلى 24 شهراً، مُبيّناً أن ذلك يسمح بتطوير قدرات الشريحة الإلكترونية التي تدير الأجهزة الذكية، وبالتالي يسير قدماً بإطراد في عملية"الاندماج الرقمي". لقد عملت الشركة على ابتكار"نظام على شريحة system-on-chip soc ويحمل الاسم الرمزي"كانمور"Canmore... إنه موجه للاستخدام في الأجيال القادمة من الأجهزة الإلكترونية المختلفة، إذ يسمح بنقل الإنترنت إلى عالم التلفزيون التفاعلي، بحيث يمكن استخدام جهاز وحيد للترفيه المنزلي والاتصالات والإنترنت في آن معاً. ومن مزايا هذا المنتج أنه يجمع معالجاً قوياً ومكونات لتوفير"الفيديو العالي الوضوح"والصوت المُجسّم والصور الثلاثية الأبعاد، إضافة إلى الألعاب الإلكترونية عبر الشبكة وتقنيات البث التلفزيوني وغيرها. في هذا السياق، أعرب الشمّاع عن قناعته بأن سعي"انتل"الدائم الى تطبيق"قانون مور"أتاح تحقيق نقلة نوعية خلال العقود الثلاثة الماضية، كانت عماد الثورة الهائلة التي حققها الكومبيوتر الشخصي والإنترنت. فبفضل"قانون مور"تم الانتقال من المُعالج"4004"4004 الذي استخدم في أول كومبيوتر متكامل في عام 1971 والذي ضم 2300 ترانزستور، إلى 820 مليون ترانزستور في المعالجات الحديثة التي صنعتها الشركة بتقنية 45 نانومتراً. وأوضح"أن استمرار السير في هذا الاتجاه يسمح مستقبلاً بتوفير معالجات فائقة الأداء ومتناهية الصغر واستهلاك الطاقة، ما يقود الى ظهور أدوات تستطيع الإفادة من تقنيات الاتصال اللاسلكي الحديثة مثل"واي ماكس"، وتجعل الناس على تواصل مع الإنترنت على مدار الساعة". كما أوضح أن الشركة تسعى الى دعم متطلبات زبائنها تبعاً لحاجاتهم، بما في ذلك برمجيات المصادر المفتوحة. وأخيراً، تحدّث الشمّاع عن تطوّر التقنيات المعتمدة على"النانوتكنولوجيا"، موضحاً أن"انتل"ستمر في نموذج التطوير المسمى"تك-توك"tick-tock الذي ينطوي على صنع هندسة جديدة كلياً للمعالجات الإلكترونية كل سنتين، عبر التصغير المستمر،"لقد انتقلنا من تقنية التصنيع 65 نانومتراً إلى 45 نانومتراً في الربع الثالث من العام الماضي. وسننتقل من الهندسة المُسمّاة"كور مايكروارشيتكتشر"Core Microarchitecture إلى هندسة"نيهاليم"Nehalem في 2007. ونسير على خطى واثقة للانتقال إلى تقنيات تصنيع 32 نانومتراً في العام 2008، ثم 22 نانومتراً في ما يليها من الأعوام". [email protected]