حققت الاستخبارات الفرنسية انجازاً لافتاً، بعدما تأكد أمس أنها كانت وراء اعتقال سلطات غينيا بيساو مشتبه في تورطهم بقتل أربعة سياح فرنسيين في موريتانيا عشية عيد الميلاد الشهر الماضي. وفي حين أفيد أن المعتقلين اعترفوا بتورطهم في الجريمة، وقالوا إنهم ليسوا نادمين عليها كون الفرنسيون"كفارا"، ذكرت مصادر في بيساو أن السلطات الأمنية أجرت حملة اعتقال في أوساط المتشددين الإسلاميين، في ظل شكوك في وجود شبكة ناشطة ل"القاعدة"في بلدان الساحل ما وراء الصحراء. وقال ادموندو مينديس نائب مدير الشرطة القضائية في غينيا بيساو:"اعترف المشتبه بهما الأولان بأنهما مقاتلان في القاعدة وأن دوافعهما سياسية وأنهما معاديان للغرب". وأضاف:"اعتقل الثلاثة الجدد وهم يستقلون سيارة تويوتا لاند كروزر أثناء محاولتهم تصوير الشرطة الفرنسية. لدينا معلومات تفيد بأن أحد الثلاثة ضالع في قتل السياح الفرنسيين الأربعة". وأفيد أن المتهمين الأولين اللذين أوقفا في"بالاس اوتيل"، وهو فندق فخم قرب مطار بيساو، اعترفا أمام المحققين بأنهما أطلقا النار على الفرنسيين الخمسة من دون أن يكونا"نادمين"على قتل"كفار وحلفاء للأميركيين". ويتوقع أن تكون موريتانيا تسلّمتهما أمس. وقال اورلاندو دا سيلفا المسؤول في شرطة غينيا بيساو الذي شارك في توقيف المتهمين لوكالة"فرانس برس"ان"السفير الموريتاني موجود لدى المدعي لانجاز التفاصيل الأخيرة"، مضيفاً أن"لا شيء من جهتنا يمنع عملية التسليم". وحطت صباحاً طائرة موريتانية تقل تسعة ضباط في مطار بيساو لتسلم إثنين من الموقوفين اعترفا بأنهما أطلقا النار في 24 كانون الأول ديسمبر على السياح الفرنسيين، قضى منهم أربعة وأصيب الخامس بجروح بالغة. وقال مصدر قريب من التحقيق انهما سيمثلان أمام القضاء فور وصولهما الى نواكشوط . وأضاف أنهما قريبان من فرع"القاعدة"في بلاد المغرب. والأول هو سيدي ولد سيدنا المعروف باسم"أبو جندل"من مواليد العام 1987 في نواكشوط واعتقل في العام 2006 بتهمة الانتماء الى جماعة ارهابية بعدما قالت الشرطة انه خضع لتدريبات عسكرية في معسكرات"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"الجزائرية التي باتت قبل عام فرعاً ل"القاعدة"في بلاد المغرب، وتحديداً في المنطقة الصحراوية المشتركة بين موريتانيا ومالي والجزائر والنيجر. وقالت الشرطة أيضاً أنه كُلّف خصوصا تجنيد شبان موريتانيين للقتال في الصومال. وحوكم ولد سيدنا أمام محكمة في نواكشوط في تموز يوليو 2007 وتمت تبرئته، لكنه ما زال متهماً بمحاولة ترتيب"عملية فرار منظمة"من السجن المدني في نواكشوط. أما المتهم الثاني فيدعى ولد سيدي شبارنو المعروف باسم"أبو مسلم"و"أبو سليمى"المولود في نواكشوط العام 1981 وهو اعتُقل مراراً لكنه لم يحاكم أبداً. وأوضحت الشرطة انه اقام صلات مع"الجماعة السلفية"الجزائرية وتلقى تدريبات عسكرية في معسكراتها. وليس واضحاً هل بين الموقوفين الخمسة في بيساو معروف ولد هيبة، وهو المتهم الثالث الذي يجري البحث عنه ويعتقد أنه شارك في قتل الفرنسيين الأربعة. ويبدو ان الجماعات الجهادية تمكنت من تجنيده منذ فترة وجيزة. وولد هيبة ملاحق في قضية سرقة سيارة تملكها سيدة روسية مقيمة في موريتانيا. وقد باع السيارة مستخدماً وثائق باسم زوجته التي تخضع حالياً لمراقبة قضائية في اطار هذه القضية. ومنذ أعوام تنبّه الاستخبارات الفرنسية بانتظام باريس الى انشطة"الجماعة السلفية"التي تضم، وفق مصدر أمني فرنسي، 500 مسلح، منهم 400 في الجزائر ومئة يتنقلون في منطقة الساحل بين موريتانيا ومالي والنيجر. وأوضح مصدر قريب من الاستخبارات الفرنسية ان التوقيفات في بيساو"ثمرة عملية واسعة قامت بها فرق في الادارة العامة للأمن الخارجي"، أي أجهزة الاستخبارات الفرنسية. وأوضح المصدر ان هذه العملية بدأت في 24 كانون الأول ديسمبر وشملت موريتانيا والسنغال وغينيا بيساو وتمت بواسطة"فرق"تابعة للإدارة العامة للأمن الخارجي. كما شارك فيها شرطيون فرنسيون بتكليف من الشرطة القضائية.