انطلقت أمس السوق الخليجية المشتركة، معلنة بذلك بداية حقبة جديدة من العمل الاقتصادي المشترك في دول مجلس التعاون الخليجي، وسط توقعات بأن تتحول دول الخليج إلى القوة الاقتصادية السادسة في العالم مِن حيث الصادرات وفقاً الى توقعات منظمة التجارة العالمية بطاقة تتجاوز نصف تريليون دولار، وفي خطوة أكثر ما تشبه السوق الأوروبية المشتركة التي تطورت إلى الاتحاد الأوروبي الحالي الذي تصبو دول المجلس إلى تحقيق ما يشبهه. وعلى رغم توقعات ومؤشرات إيجابية وترحيب بهذا القرار، يتخوف رجال أعمال ومستثمرون في منطقة الخليج من تأخر تطبيق الأنظمة والإجراءات في بعض الدول، بما يتوافق مع أنظمة السوق المشتركة. يقول رجل الأعمال رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض عبدالعزيز العجلان، ان قرار انطلاق السوق الخليجية المشتركة يعتبر من أهم القرارات التي أصدرها مجلس التعاون منذ إنشائه، خصوصاً أنه يشمل عدداً كبيراً من الإيجابيات، أهمها السماح بالتملك والاستثمار لمواطني دول المجلس في أي دولة على رغم ان ثمة دولاً كانت تسمح بذلك أصلاً، لافتاً إلى ان الخطوة"ستفتح مجالاً كبيراً للمستثمرين في هذه الدول لزيادة استثماراتهم في شكل جيد في مختلف بلدان الخليج". وطالب بضرورة التنفيذ والتطبيق فعلاً، خصوصاً ان بعض الأنظمة الصادر عن مجلس التعاون لم يطبق في شكل سهل وسريع نظراً إلى مطالبة بعض دول المجلس بتوضيح بعض القرارات،"وهذا يجعلنا نطالب بأن تكون الأنظمة في كل دول الخليج جاهزة ومتوافقة مع ما يصدر من قرارات من أمانة المجلس". وبيّن ان انطلاق السوق يسهم في زيادة الاستثمارات في دول المجلس، خصوصاً في قطاع الإسكان العقاري، وسيعمل على تبادل الخبرات، سواء على مستوى الأفراد أم الشركات ذات الإمكانات الكبيرة. وأكد ان أنظمة داخلية في بعض دول المجلس ستكون عائقاً أمام سرعة تطبيق السوق الخليجية، ومنها على سبيل المثال نظام البناء في المملكة الذي لا يسمح بتعدد الأدوار في حال البناء، وهذا لن يكون متوافقاً مع اتجاه السوق وحاجة المستثمرين. وتوقع العجلان ان يرتفع حجم السيولة في القطاع العقاري في دول المجلس، ما قد يؤثر سلباً في بعضها الذي سيشهد تدفقات استثمارية كبيرة، فيما لا يملك إلا مساحات محدودة. ولفت إلى ان القرار يصب في مصلحة تعزيز اقتصادات دول المجلس في ضوء التطورات الدولية وما تتطلبه من تكامل أوثق، يقوي موقفها التفاوضي وقدرتها التنافسية في الاقتصاد العالمي، إذ تهدف السوق الخليجية المشتركة إلى إيجاد سوق واحدة، يستفيد من خلالها مواطنو دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني والأجنبي، وتعزيز الفوائد الناجمة عن اقتصادات الحجم ورفع الكفاءة في الإنتاج، كما تحقق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتحسن الوضع التفاوضي لدول المجلس، وتعزز مكانتها الفاعلة والمؤثرة بين التجمعات الاقتصادية الدولية. النتائج التجارية وتوقع الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الداغستاني ان تسهم السوق الخليجية المشتركة في مضاعفة حجم التجارة البينية في السنة الأولى من قيام هذه السوق، إضافة إلى مضاعفة حجم التعاون بين دول المنطقة في ما يتعلق بالأمور التجارية والاقتصادية. وتوقع إزالة عقبات كثيرة أمام التعاملات التجارية بين الدول الأعضاء في المجلس. وأكد ان السوق المشتركة"لا تلغي الجهد الفردي للدول الأعضاء في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية. لكن في شكل عام، ينتظر ان تصبح المنطقة أكثر جذباً الآن للاستثمارات الأجنبية للاستفادة من ميزات هذه السوق الكبيرة، منها اتساع نطاقها، ما سيزيد حجم الإنتاج ويخفض التكاليف والأسعار ويوجد سوقاً كبيرة ومتينة تمكّن الدول الأعضاء فيها من الوقوف في وجه السلع والمنتجات الأجنبية". واستبعد ان تواجه السوق عوائق معينة نتيجة توسعها وضخامتها. وعن انعكاس السوق المشتركة على السوق السعودية، أكد ان المملكة ستكون اللاعب الأكبر في أسواق منطقة الخليج، خصوصاً أنها تملك الاقتصاد الأكبر، في ما يتعلق بالأمور التجارية والعقارات وتنقل رؤوس الأموال بحرية، فسوقها تستوعب تدفق رؤوس الأموال الخليجية لما تمتاز به من تشجيع للاستثمار وتوافر فرص واعدة كثيرة.