استطاعت قناة "أبو ظبي"، ومن دون قصد بالتأكيد، أن توحد، ولو للحظات بين حركتي "فتح" و"حماس"، والفضائيات الفلسطينية المتناحرة:"الفضائية الفلسطينية"، وهي الفضائية الرسمية التي تتبع الرئيس محمود عباس، وفضائية"الأقصى"التابعة لحماس، من خلال المسابقة التلفزيونية التي باتت تقترب من نهايتها:"أمير الشعراء". فوصول الشاعر الفلسطيني الشاب، تميم البرغوثي، إلى الحلقة النهائية، وما قبلها، جعل الجميع يدفع باتجاه دعمه والتصويت له، في توجه لافت من الفضائيتين اللتين لطالما انشغلت كل منهما، بالكشف عن فضائح وجرائم الجهة الأخرى، في حملة يمكن اعتبارها امتداداً لاقتتال"الأخوة الأعداء"، وما آل إليه في غزة. الفضائية الفلسطينية، ومنذ قرابة ثلاثة أسابيع، تجندت لدعم تميم، نجل الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، وابن الروائية المصرية رضوى عاشور، وهو عُرف بقصائده في العامية الفلسطينية والمصرية، وبخاصة في"قالولي بتحب مصر قلت مش عارف"، التي كتبها بعد طرده من مصر، حيث يعيش معظم الوقت، علاوة على زياراته المتكررة لفلسطين، إثر مشاركته في مسيرة رافضة للوجود الأميركي في العراق. وتبث الفضائية الفلسطينية مقاطع مصورة لقصائد البرغوثي الفصيحة، التي ألقاها، خلال أسابيع المسابقة، خصوصاً"في القدس"، التي اعتبرها النقاد إضافة نوعية لما كتب في السابق عن المدينة، علاوة على فقرات دعائية تدعو الجمهورين الفلسطيني والعربي إلى التصويت له، بالتنسيق مع شركة الاتصالات الخليوية الفلسطينية جوال، التي بدأت بإرسال رسائل قصيرة إس أم إس على هواتف مشتركيها، تدعوهم الى التصويت للبرغوثي، شاعر فلسطين، كما يلقبه الجمهور. وبادرت قناة الأقصى الفضائية، التابعة إلى حماس، ومنذ أسبوعين، إلى دعوة جمهورها، عبر نشرات الأخبار، وللمرة الاولى في تاريخ الحركة إلى التصويت لفلسطيني يشارك في مسابقة تلفزيونية، مبررة ذلك بأن مسابقة"أمير الشعراء"، على عكس سابقاتها التي تنتصر للغناء والرقص، تحمل الكثير من الرصانة والجدية، فالبرغوثي يقدم"شعراً يمجد المقاومة، ويهاجم الاحتلال، ويتغنى بالقدس، ويدعو لحماية الثوابت الوطنية". ولا تكتفي"الأقصى"بذلك، فهي، كما الفضائية الفلسطينية، تخبر جمهور مشاهديها، وعبر الشريط الإخباري المتحرك، آلية التصويت للبرغوثي، داعية لإبراز صوت فلسطين الشعري عالياً، عبر"أمير الشعراء"، الذي يرجوه الفلسطينيون أحدهم. الإعلامي سميح شبيب، يرى أن تمكن تميم البرغوثي، ممثل فلسطين في مسابقة"أمير الشعراء"الفضائية، من جمع قناتي"فلسطين"و"الأقصى"، يأتي كونه ليس من بين الرموز الخلافية بين القناتين، ويقول:"تميم البرغوثي ليس شخصية أو قضية خلافية، كونه يطرح إبداعاً يعبر عن الكل الفلسطيني، وبالتالي فإن تلاقي القناتين على دعمه، يأتي في سياق دعم الفلسطيني المبدع، والقادر على طرح قضايا يتفق عليها جميع الفلسطينيين، فهو يتحدث عن القدس، والشهداء، وجرائم الاحتلال، والحواجز، وجدار الفصل العنصري، ولا خلاف بين الفلسطينيين جميعاً على هذه القضايا". وتميم البرغوثي شاعر فلسطيني ولد في القاهرة عام 1977، وله أربعة دواوين بالفصحى وبالعاميتين الفلسطينية والمصرية، هي:"ميجانا"، عن بيت الشعر الفلسطيني في رام الله 1999، وپ"المنظر"، عن دار الشروق في القاهرة 2002، وپ"قالولي بتحب مصر قلت مش عارف"، عن دار الشروق في القاهرة 2005، وپ"مقام عراق"، عن دار أطلس للنشر في القاهرة في العام ذاته. علاوة على قيامه بنشر قصائده في عدد من الصحف والمجلات العربية مثل"أخبار الأدب"وپ"الدستور"وپ"العربي"القاهرية وپ"السفير"اللبنانية و"الرأي"الأردنية و"الأيام"وپ"الحياة الجديدة"الفلسطينيتين. وحصل تميم على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن في الولاياتالمتحدة الأميركية في 2004، وعمل أستاذاً مساعداً للعلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، ثم عمل ببعثة الأممالمتحدة في السودان. كما كان يكتب مقالاً أسبوعياً عن التاريخ العربي والهوية في جريدة"ديلي ستار"اللبنانية الناطقة بالإنكليزية لمدة سنة، وله كتابان في العلوم السياسية. الأول بعنوان:"الوطنية الأليفة، وبناء الدولة الوطنية في ظل الاستعمار"، صدر عن دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة هذه السنة، والثاني بالإنكليزية عن مفهوم الأمة في العالم العربي، وهو قيد الطبع في دار"بلوتو للنشر"في لندن.