إذاً، يحسن بنا إعداد العدة الحرب! والعبارة التشرتشلية نسبة الى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل هذه، ليس التلويح بها بريئاً. فعلى رغم التهدئة الديبلوماسية، ينبغي التفكير ملياً في قول وزير الخارجية الفرنسية، برنار كوشنير، انّ أخطر أزمات الوقت الراهن هي مشكلة البرنامج النووي الإيراني. وقال كوشنير موضحاً أنّه لا يتوقع ضربة عسكرية أميركية لإيران، في القريب العاجل. ويبدو أن كوشنير يزمع نشر رأي يفيد أنّ خطط الحرب وضعت ودرست بعناية. وجليّ أن مساعيه وجدت آذاناً صاغية في إيران. فكلام كوشنير حمل الإيرانيين على التخوف من احتمال الحرب. وقرر برنار كوشنير استطلاع المستقبل من أجل تنبيه أوروبا أولاً، وتحذير أحمدي نجاد ثانياً. ولكن ألا يكفي تهديد الولاياتالمتحدةايران؟ وهل يحتاج جورج بوش إلى مزايدة أوروبية؟ ولكن تأييد الأميركيين في انتهاج سياسة أكثر صرامة مع إيران يقتصر على الأوساط التي طالبت بالتدخل في العراق. وبعث هؤلاء حجج شن حرب استباقية ووقائية تسبق الاضطراب والفوضى. ولكن هذه الحجج الصادرة عن مؤيدي التدخل في العراق، لم تنجح في استمالة الكونغرس الاميركي والرأي العام. فما قيل عن الحرب على بغداد ظهر خطؤه، وتحققت نتائجه المدمرة. ويرغب قسم كبير من الإدارة الأميركية في الاقتناع بأن الإيرانيين قد يحذون حذو الليبيين والكوريين الشماليين، فيتخلون عن السلاح النووي. ولكن مناصري القوة العسكرية يرون ان ايران تختلف عن ليبيا وكوريا الشمالية. فعلى خلاف ايران، أيقن هذان البلدان أن التهديد الأميركي حقيقي وواقع لا ريب في ذلك. ولا شكّ في انّ الوضع الراهن لا يشبه الوضع الذي سبق لحرب العراق. فإيران على وشك حيازة أسلحة الدمار الشامل التي لم يملكها عراق صدام حسين. ونيات القادة الايرانيين المعادية للغرب والمناوئة له، هي أوضح من تلك التي نسبت الى صدام حسين. ويجب احتساب هذه الامور عند البحث في احتمال نشوب صراع مع طهران. ويذهب فرانسوا هيسبورغ، في مقدمة كتابه الاخير، إلى أنّ معارضته التدخل العسكري في العراق، تخوله عدم الاستخفاف بفداحة الأزمة المترتبة على حيازة إيران سلاحاً نووياً. ويبدو ان رفض السلطات الايرانية مقترحات التفاوض هو وراء تشاؤم بعض الصحافيين الاميركيين، ومعهم برنار كوشنير. ولم يرحب محمد البرادعي، مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية، بتصريحات وزير الخارجية الفرنسي. فهذه التصريحات تهدد مساعي التسوية بالفشل. ويميل المصري الحائز جائزة نوبل إلى صيغة حل اقترحه جيمس بايكر، وزير الخارجية الأميركي السابق في إدارة جورج بوش الأب، أي التفاوض مع إيران على مختلف الموضوعات، واستثناء الملف النووي من المفاوضات، ومنح ايران امتيازات تحمل قادتها على التفكير الحكيم والعقلاني. ويرى برنار كوشنير أن البحث عن سبل بلوغ تسوية مع ايران ضرورة. ولكن نجاح التسوية هو رهن التلويح بتهديد عسكري حقيقي. عن جان دانيال، "لو نوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، 20/9/2007