تحدث مسؤول فرنسي رفيع المستوى ل "الحياة" عن "أساليب للضغط على إيران من دون اللجوء الى عملية عسكرية"، وذلك من خلال فرض قيود على الصادرات والاستثمارات لحمل طهران على وقف برنامجها النووي، معتبراً ان الحل العسكري"كارثة"كما وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأكد المسؤول البارز ان موضوع تشديد العقوبات على إيران، بُحِث خلال لقاء وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير نظيرته الأميركية كوندوليزا رايس في واشنطن الشهر الماضي، مشيراً الى أن الوزير اقترح التشاور مع الحلفاء الأوروبيين لاستكشاف إمكان البدء باعتماد عقوبات أوروبية، قبل التوصل الى عقوبات جديدة في مجلس الأمن، حيث تماطل روسيا والصين في درس قرار دولي بتشديد العقوبات. راجع ص 8 وذكر المسؤول الفرنسي أن كوشنير وجه رسالة الى شركائه الأوروبيين الأربعاء، اقترح فيها درس إمكان فرض مزيد من العقوبات على إيران، ما دفع السلطات الإيرانية الى استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي في طهران، للتعبير عن استيائها من موقف كوشنير. الى ذلك، قال مصدر فرنسي مطلع على الملف الإيراني ان الاستثمارات والصادرات الأوروبية والعالمية الى إيران، شهدت هبوطاً كبيراً منذ ستة شهور، نتيجة ضغوط الخزينة الأميركية على المصارف العالمية الكبرى لثنيها عن التعامل التجاري مع إيران. وأضاف المصدر أن تلك الضغوط كان لها اثر كبير، لأن 40 في المئة من مصالح المصارف العالمية المتخصصة في قطاع التجارة، هي في الولاياتالمتحدة، بالتالي فإن الشركات التي كانت تنوي الاستثمار في إيران لم تجد مصدر تمويل لعملياتها. وذكر ان المصرف المركزي الإيراني، مستهدف بقرار مجلس الأمن الرقم 1747، كونه ساهم في البرنامج النووي، لذا تعطلت تعاملاته مع الخارج. وأشار المصدر الى ان إيران ستتأثر في شكل كبير بالقيود التي فرضت على شركات تريد العمل فيها، علماً أن العقوبات التي أقرها مجلس الأمن تشمل فقط ما يتعلق بالبرنامجين النووي والباليستي الايرانيين. ولاحظ المصدر وجود اقتناع خاطئ لدى الإيرانيين بأن الإدارة الأميركية لن تنفذ عملية عسكرية ضد بلادهم بسبب الصعوبات التي تواجهها في العراق. وزاد أن الأميركيين لن يسمحوا لإيران بأن تطور سلاحاً نووياً، وعلى رغم خوضهم في المستنقع العراقي، بإمكان قواتهم الجوية ان تضرب منشآت نووية، في عهد الرئيس جورج بوش أو في مرحلة لاحقة. وقال ان الإدارة الأميركية المقبلة، سواء كانت ديموقراطية او جمهورية، ستتبع خط التشدد ذاته، لأن موقفي الديموقراطيين والجمهوريين متجانسان إزاء الملف الإيراني. وترى باريس أن الضغط على إيران ينبغي أن يؤدي الى وقف برنامجها النووي، وإلا فإن الضربة العسكرية ستأتي، وتكون كما وصفها ساركوزي في خطابه أمام السفراء الفرنسيين"خياراً كارثياً". وكان متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية أكد امس أن حكومته تدعم"بلا تحفظ"موقف الوزير كوشنير ومضمون الرسالة التي وجهها الى نظرائه الاوروبيين وطلب منهم فيها التحضير لعقوبات جديدة ضد ايران. وذكر المتحدث ان الاتحاد الاوروبي يسعى الى زيادة الضغط على طهران منذ عدة شهور. غير أن وزارة الخارجية الاسبانية اعلنت امس على لسان احد ديبلوماسييها ان اسبانيا تفضل مواصلة المساعي الدبلوماسية مع ايران بدلاً من اتخاذ عقوبات جديدة كالتي اقترحها كوشنير. وقال ديبلوماسي اسباني:"نفضل حلولاً من النوع الديبلوماسي". وترى مدريد ان"اطار حل"الازمة مع ايران، حتى اذا تعين اتخاذ عقوبات جديدة،"يجب ان يكون دولياً اي في الاممالمتحدة"بدلا من ان يكون اوروبياً. وشدد الديبلوماسي الاسباني أن على ايران في الوقت نفسه"اتخاذ مبادرات". وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني امس ان اعتماد مجلس الامن عقوبات ضد ايران"يبقى الاولوية"، مشيرة الى"ان العمليتين، في الاتحاد الاوروبي ومجلس الامن، تتكاملان". واضافت"ان اعتماد عقوبات من مجلس الامن يبقى الاولوية، لكننا نأمل في التفكير على خط مواز بعقوبات قد يتم اعتمادها من قبل الاتحاد الاوروبي كما سبق وفعل عندما ذهب أبعد من العقوبات الواردة في القرارين 1737 و1747 الصادرين عن مجلس الامن".