احتدمت الحملات الانتخابية قبل 48 ساعة من موعد فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين اللبنانيين في دائرة المتن الشمالي لاختيار مرشحهم إلى المقعد الماروني الشاغر بفعل اغتيال الوزير بيار الجميل. وتتنازع الناخبين شعارات صورت لهم على ان المعركة"مصيرية"بين التفريط ب"المرجعية المسيحية والحفاظ على صلاحيات رئاسة الجمهورية"وبين التمسك"بالسيادة والاستقلال وخيارات بكركي". وتحولت مناطق المتن الشمالي إلى ورش عمل ناشطة، وسط تفاوت في التوقعات ونتائج استطلاعات الرأي، وزاد من حدة المعركة فشل آخر محاولات التوافق. والتقى أمس, المرشح الرئيس أمين الجميل رئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية"سمير جعجع الذي زار بكفيا في شكل مفاجئ وبحث معه في ظروف الاستحقاق الانتخابي. وقال جعجع:"ان للمعركة الانتخابية علاقة بمصير لبنان ولم تعد معركة انتخابية محصورة، فبالأمس على تلفزيون"المنار"التابع لپ"حزب الله" وخلال الأخبار بث كليب ضد الرئيس الجميل، هذا على سبيل المثال لا الحصر، كما وصلت بالأمس فانات تابعة لشركة"شام"للنقل ضمت مجنسين قاطنين في سورية وأنزلتهم في بعض فنادق المتن ليشاركوا في العملية الانتخابية الأحد, إضافة إلى أن كل أبواق سورية في لبنان من الشمال إلى الجنوب"فالتة"من دون حدود وآداب ولياقات ووقائع على طريقة المخابرات السورية، وهذا ما يذكرنا بأيام الماضي". ودعا جعجع أهالي المتن إلى ان"ينقذوا كل لبنان من خلال اقتراعهم الأحد, فهذه المعركة ليست موجهة ضد أحد بالذات، لا ضد الجنرال عون، ولا ضد شباب"التيار الوطني الحر"، نحن مع مشروع سياسي معين متمثل بپ"ثورة الأرز"عن حق وحقيق، وهو مشروع سياسي للمسيحيين تاريخياً في لبنان منذ خمسين عاماً، ونحن متمسكون به وناضلنا سنوات طويلة لأجله، وسنكمل النضال طبعاً، وهذه واحدة من المحطات لا أكثر ولا أقل". وإذ استبعد جعجع أي تسويات قبل الانتخابات, أعرب عن مخاوفه من افتعال مشكلات"إذا رأى بعض الأطراف انه سيخسر", متمنياً"على الأجهزة الأمنية أن تكون موجودة وبكثافة في كل مكان لأنه يمكن البعض ألا يتحملوا الخسارة". ونفى جعجع الاتهام بالتصرف"بمنطق ميلشيوي"وقال:"كل كلامنا مهذب ومرتب ونطرح فكراً سياسياً، في المقابل يرد على هذا الفكر بشتائم، وأكاذيب ووقائع ملفقة وغير موجودة، مأخوذة من أرشيف المخابرات السورية، وآسف للمستوى الذي وصل إليه بعض السياسيين، نحن نخوض معركة سياسية، فلنخضها على مستوى سياسي". وعن كلام النائب السابق سليمان فرنجية عن"ثورة الأرز"بأنها"ثورة البلح والقرنبيط", رد جعجع بالقول:"كل إناء ينضح بما فيه"، ورأى ان"سورية خرجت من لبنان ولكن ملائكتها لا تزال حاضرة في كل ساعة وفي كل لحظة، وتتحدث على طريقة السوريين وبلغتهم وبمفاهيمهم التي ليست لغتنا ومفاهيمنا". ووصف الاتهامات بتلقي دعم مالي وسياسي غير منظور من خارج المتن قائلاً:"لديهم عقدة من قريطم، أو أنهم يحاولون دائماً استثارة الرأي العام المسيحي عن غير حق ليجلبوه إلى جانبهم، فليطرحوا مواضيع سياسية فنرد عليهم بالسياسة". والتقى الجميل وفداً من أصدقاء الكاتب الشهيد سمير قصير برئاسة أرملته جيزيل خوري التي اعتبرت"أن انتخابات المتن هي تكملة لمسيرة انتفاضة الاستقلال"، داعية الى الانتخاب بكثافة للرئيس الجميل. وكان موفد الرئيس الجميل الى لقاء بكركي الذي كان مفترضاً عقده أول من أمس سجعان قزي، قال امس:"أصبحنا في قلب المعركة بعد رفض التيار الوطني الحر حضور الاجتماع وتلبية دعوة الكرسي البطريركي". وأعرب عن ارتياحه الى سير المعركة والى تجاوب الرأي العام وتعاطفه مع الرئيس الجميل، ليس فقط لأسباب عاطفية، وإنما لأسباب سياسية. واستهجن عضو كتلة"القوات اللبنانية"النائب أنطوان زهرا، في حديث الى إذاعة"الشرق"، كلام عون عن أن الرئيس أمين الجميل وحلفاءه باعوا الرئاسة وقبضوا ثمنها، معتبراً"أن من يتكلم عن البيع والشراء لا بد من أنه من التجار المعتادين على ذلك، وأن اتهام والد شهيد وركن أساسي من أركان 14 آذار بالتنازل عن صلاحيات رئاسة الجمهورية هو افتراء لم يعد مقبوضاً من أحد"، مذكراً بأن"ما دفع الرئيس الجميل إلى تشكيل حكومة انتقالية في نهاية عهده برئاسة عون تحديداً، وكانت حكومة خارجة عن المألوف في ذلك الوقت، هو أن الرئيس الجميل لم يفاوض على صلاحيات الرئاسة ولا على موقع الرئاسة في ذلك الوقت، وبالتالي فإن هذا الكلام مردود ولا يمكن إطلاق مثله لا باتجاه الرئيس الجميل ولا باتجاه كل فريق الرابع عشر من آذار". وقال النائب زهرا:"أن من يحرص على رئاسة الجمهورية عليه أن يساعد على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بعدما أعاق عملية استبدال الرئيس الممددة ولايته قسراً بهدف أن يكون وحده البديل وإلا فلا انتخابات رئاسية". ولفت زهرا الى"أن التذرع بالدفاع عن صلاحيات الرئيس حجة ساقطة ولا يعدو كونه استدراراً لعطف الجمهور المسيحي الذي تبين له أنه خدع سنة 2005 بالبرنامج السياسي للتيار الوطني الحر وهو قطعاً اليوم سيحاسب هذا الفريق السياسي على أدائه خلال السنتين الماضيتين وهذا هو لب الديموقراطية". وسأل:"كيف يمكن فريق سياسي أن يعتبر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة غير دستوري ثم يخوض الانتخابات على أساسه، وكذلك فعل سنة 2005 عندما بنى حملته على أساس أن قانون الانتخاب ظالم ولا يؤمن صحة التمثيل ويخوض الانتخابات في ظله، ثم يطعن بنتائج الانتخابات في الدوائر التي لم يفز فيها مرشحوه ثم يطعن بشرعية المجلس النيابي ككل ويعتبره غير صالح لانتخاب رئيس، وكل هذا يثبت أن ليس المنطق ما يسود تصرفات هذا الفريق بل المصلحة الشخصية من دون أي اعتبار للدستور والأعراف أو حتى لعقول الناس". ودعا إلى توقع"كل لحظة محاولات لتعطيل العملية الانتخابية ربما بأحداث شغب وهو ما نبه إليه الرئيس الجميل منذ اليوم الأول لانطلاق الحملات الانتخابية استناداً إلى معلومات ومعطيات عن عناصر من خارج المتن الشمالي يمكن أن تعمل على تعكير العملية الانتخابية، لكن كلنا ثقة بالجيش والقوى الأمنية المنتشرة في المنطقة والتي تسهر على أمن العملية الانتخابية". عون وفي المقابل, التقى النائب عون صباح أمس في الرابية، رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد الذي"قدّر عالياً التيار الوطني الحر", وقال:"نحترم التوجهات الوطنية للتيار ونأمل بأن تجري العملية الانتخابية في أجواء من الديموقراطية الحضارية، وان يوفق التيار في هذه الانتخابات لمصلحة اللبنانيين والمسيحيين خصوصاً. وظهراً، التقى عون وفداً من"حركة الشبيبة اللبنانية"قيادة الباش مارون برئاسة نائب القائد العام جوزف شرفان الذي ذكر المتنيين بما حصل في زمن الحرب قائلاً:"نحن لسنا طلاب أوسمة او مراكز سياسية، بل نحن، بسبب قول الحقيقة، وقفنا ضد المخطط المرسوم آنذاك عام 1975. وكان المخطط ينوي تهجير المسيحيين الى خارج لبنان ونحن من الذين خططوا مع الجيش والأحرار وحراس الأرز والتنظيم. وكان الاتفاق آنذاك على ساعة الصفر وبتوقيع من"رعد"الذي كان في حينه المقدم ميشال عون، والوثيقة كانت في تاريخ 15/6/1976 وكانت ساعة الصفر الساعة الخامسة صباحاً. وعمل الآخرون على عرقلة هذا الهجوم وأخرتنا الكتائب اللبنانية بإقامة حواجز واليوم يتباهون باحتلال تل الزعتر وغيره. نحن نرفض الشكر ونطلب قول الحقيقة وليس تشويهها". وسأل عضو تكتل"التغيير والإصلاح"النائب ابراهيم كنعان، خلال لقاء شعبي حاشد في جديدة المتن:"هل المطلوب اليوم إلغاء أكبر تيار مسيحي في جبل لبنان؟ اذا شاركنا قالوا ان التيار يهدف الى إلغاء بيوت سياسية، وإذا لجأنا الى القضاء قالوا ان التيار يعطل، وإذا قررنا عدم المشاركة اتهم التيار بالهرب، فما هو المطلوب إذاً"؟ وأكد"ان رفض مبادرة البطريرك الوفاقية لانتخابات المتن الشمالي أتى من جانب الرئيس أمين الجميل الذي لم يوقع على المبادرة احتجاجاً على البند الأول فيها والذي يتعلق باحترام صلاحيات رئاسة الجمهورية وصونها". وعلى رغم كل المواقف المتشنجة وإغلاق أبواب التسوية, صرح عضو"تكتل التغيير والإصلاح"النيابي نبيل نقولا بأن"يد التيار الوطني الحر لا تزال ممدودة لأي وفاق حتى آخر دقيقة شرط الحفاظ على صلاحيات رئاسة الجمهورية". وقال نقولا ل"وكالة اخبار لبنان": نحن لا نبحث عن مقعد نيابي بالزائد او بالناقص، ولكن ما نبتغيه هو استفتاء شعبي على صلاحيات رئيس الجمهورية، اي ان توقف الانتخابات الفرعية لغاية توقيع مرسوم الدعوة اليها من رئيس الجمهورية. اذا اراد الفريق الآخر التوافق فليتم التوافق على اساس هذه الصلاحيات وليس على اي شأن آخر". وكان التيار الوطني الحر تحدث عن"حملات اعلامية كثيرة تهدف إلى تشويه صورة التيار وتضليل الرأي العام وتزوير الحقائق"، معدداً على سبيل المثال لا الحصر: ارسال وسائل إعلام معروفة بعض الشبان لتمزيق صور الرئيس أمين الجميل وتصويرهم متهمة شباب التيار الوطني بذلك من أجل تشويه صورتهم. واتهام الوسائل التابعة لفريق السلطة مرشح التيار الدكتور كميل خوري بأنه كان ينتمي إلى أحزاب بعيدة من التيار وهذا الاتهام عار من الصحة ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، لأن التاريخ النضالي للدكتور خوري في التيار الوطني الحر معروف منذ العام 1989 وهو خريج 7 آب وغيره من التواريخ النضالية". وتحدث التيار أيضاً في بيان آخر عن انه"في إطار الممارسات الخارجة عن ابسط القواعد القانونية تحتجز وزارة الداخلية أكثر من ستمئة بطاقة انتخابية لأبناء المتن مقدمة في مواعيدها القانونية الى مخافر الدرك وترفض وزارة الداخلية اللبنانية تسليمها الى أصحابها". وأعلن التيار انه"إذ يضع هذا الأمر من ضمن التضييق على أنصاره ومنعهم من ممارسة حقهم الانتخابي الأحد المقبل، يطلب من جميع المعنيين البت في هذه القضية بالسرعة المطلوبة". وفي المواقف, سأل عضو"اللقاء الديموقراطي"النيابي هنري حلو:"هل ان ترشيح كميل خوري سيحل جميع مشاكلات التهميش المسيحي؟, ورأى ان"الخط الإيراني السوري هو من عرقل المبادرات المطروحة لحل الأزمة عندما يرفض"حزب الله"البحث الا بحكومة الوحدة الوطنية فهذا يعني رفضه البحث بالرئاسة الأولى". قانصوه: عون الضمانة وتمنى النائب السابق عاصم قانصوه فوز مرشح عون بالانتخابات في المتن، مؤكداً دعمه النائب عون لأنه"الضمانة السياسية لمستقبل لبنان". وقال قانصوه لموقع"لبنان الآن"الإلكتروني:"ان عون بطروحاته المعتدلة والمتناسقة وباتفاقه مع"حزب الله"يشكل ضمانة للمسيحيين ولاستمرار وجود لبنان وإن شاء الله يكمل مسيرة الإصلاح التي حاول الرئيس إميل لحود ان يقوم بها لكنهم قطعوا عليه الطريق ومنعوه من تحقيقها". وأضاف قانصوه:"عون يمثل الأكثرية المسيحية وإن شاء الله ينجح كميل خوري، لأن نجاح الجميل لا سمح الله سيسبب مشكلات وستخرج"القوات اللبنانية"والكتائب والأحرار لتقول انها نجحت وأنها تمثل الأكثرية الشعبية المسيحية". ووجه منفذ عام الحزب السوري القومي الاجتماعي في المتن الشمالي انطوان يزبك نداء الى المتنيين للمشاركة في الانتخابات والاقتراع لمرشح"التيار الوطني الحر"، مذكراً"بالمجازر التي ارتُكبت بحق القوميين في المتن". وقال:"أنتم مدعوون ليس للاقتراع لمرشح المتن الشمالي كميل خوري فحسب، بل كي تثبتوا للذين يحاولون تهديدكم وتخويفكم وترهيبكم وتفزيعكم بالمشكلات والأحقاد أنكم أشد حرصاً على المتن ولبنان من اولئك الذين يزرعون الشقاق بين الأهل والأحبة".