صرخ عراقي ملقياً بنفسه على نعوش جثامين خمسة من أولاده قُتلوا رمياً بالرصاص: "اعطوني سلاحاً أريد أن أقتل نفسي"، في حين وقف شقيقهم السادس البالغ الثامنة من العمر ينتحب خلال تشييعهم جنوبكركوك. وقال الأب المنكوب:"اعطوني سلاحاً أُريد أن أقتل نفسي، أريد أن أكون سادسهم ... لا أريد الحياة بعد فراقهم". وتبرع عدد من الأصدقاء والجيران والصحافيين بمساعدة مالية لوالد الضحايا محمود وكاع الجبوري من أجل شراء الأكفان ودفع نفقات الدفن كونه غير قادر على ذلك. وستبقى صور القتلى مطبوعة في ذاكرة شقيقهم عبدالله الذي عثرت عليه الشرطة أول من أمس، يرتجف ويبكي مصدوماً قرب جثث أربعة من أشقائه، فيما عثرت على جثة الخامس صباح الجمعة وتحمل آثار تعذيب. ولم يكن أولاد الجبوري في صفوف الجيش أو الشرطة، ولم يحموا متمردين، إنما عمال بناء يعملون في عقود قصيرة المدى في المؤسسات الحكومية. ووفقاً للشرطة العراقية، فإن عائلة الضحايا فرت من الموصل بعد تلقيها تهديدات من مسلحي"القاعدة"الذين يقتلون أي شخص يتعامل مع الحكومة. وعمل هؤلاء الاشقاء طوال الأسبوع في مركز شرطة بلدة الرشاد الواقعة على مسافة 30 كلم جنوبكركوك. وقال الجبوري وفقاً لما أبلغه إياه نجله الصغير إن"اولادي كانوا في طريقهم الى المنزل عندما اوقفهم مسلحون واقتادوهم الى قرية فيها منازل مبنية من الطين، وسمعوا اصوات اطفال ونساء في الجوار". وأضاف:"قاموا بتقييدهم وضربهم وتعذيبهم، وطلبوا بعد ساعات فدية، واتهموهم بالخيانة بعدما عملوا مع الحكومة". وقال الطفل عبدالله الذي بدت عليه معالم الصدمة والخوف:"اخذنا المسلحون مساء أول من أمس وقتلوا أربعة من اشقائي فيما اقتادوا الخامس الى مكان آخر لا نعرفه". وأقسم والد الضحايا الخمس، الذين عرّف عنهم بأنهم عمال أكفاء، أنه سينتقم من القتلة. وقال متسائلا:"تقتلون أبنائي الذين كانوا عائدين من عملهم؟ فهم لم يكونوا مجرمين ولم يكونوا عملاء ضد الوطن والشعب". وأضاف:"اقسم بالسماء والدين والارض لن أرتاح ولن تغفو لي عين إلا بعد الانتقام لدماء اولادي الذين قُتلوا بأياد قذرة دمرت العراق وشعبه، وأرادت للاسلام الدمار فقتلت الشعب على الهوية شيعة وأكراداً وتركماناً أو بذريعة العمالة". وتابع الجبوري:"من هو العميل؟ ومن يدمر ويقتل؟ ومن يسمح بهدم المنازل والعائلات وزيادة الارامل والثكالى واليتامى غير هؤلاء المجرمين؟". وينتمي الوكاع إلى عشيرة الجبور إحدى أكبر قبائل العرب السنة في المنطقة والمنتشرة من شمال غرب الموصل حتى الفرات الأوسط حيث يتبع بعض أفرادها المذهب الشيعي أيضاً. وأبدى بعض افرادها رغبة في التطوع لمساعدته في الانتقام من الجناة. وقال:"نحن أكبر قبيلة تضم سنة وشيعة ... اليوم ذهب أولادي ضحية التطرف والتكفير والارهاب والظلم، وإن كتب الله لي العمر سآخذ بثأري لأموت وأنا مرتاح الضمير، وإن لم يكتب لي فإنني من اليوم سأُعلم أحفادي وابني الطفل على مفهوم الانتقام".