"المُدَوِّن خانة" سِجِل المُدوّن. تلك فكرة يطرحها مدونون الكترونيون بلوغرز مصريون محسوبون على جماعة"الإخوان المسلمين"يسعون من خلالها إلى إنشاء كيان ينظم عمل ال"بلوغرز"ويدافع عن مصالحهم. ويأملون بأن تتخذ شكلاً قانونياً نقابة أو رابطة أو جمعية في مرحلة لاحقة. وتثير هذه الخطوة ردود فعل متباينة. إذ يعتبرها بعضهم التأسيس الثاني لحركة التدوين الالكتروني، بعد مضي أكثر من 4 سنوات على انطلاقتها. في حين يرى آخرون أن الفكرة محاولة لفرض سيطرة"الإخوان المسلمين"على حركة البلوغرز، ما قد يفضي إلى تقويضها مستقبلاً. بدأت الفكرة بطرح من صاحب مُدونة"مش أنا"الالكترونية. ثم توالت ردود الأفعال حولها. وسرعان ما ظهر اقتراح بوضع"ميثاق شرف"للمُدوّنين الالكترونيين المصريين، مع الأمل بأن يشمل"البلوغرز"العرب مستقبلاً. لكن الفكرة قوبلت برفض شديد، خصوصاً من جانب قدامى المُدوّنين الرقميين أمثال وائل عباس ومالك مصطفى. ويذكر أن للأخير مُدوّنتين الكترونيتين، تحمل احداهما اسم"مالكوم اكس"، ويرفض فيها هذه الفكرة"وتحمل الأخرى اسم"مظلومين"حيث... يؤيدها! رفض وقبول و..."ازدواج" تشير مُدوّنة"مظلومين"إلى أن"الفكرة بدأت عندما دخلت إلى عالم التدوين الالكتروني ووجدت أنه يسير في اتجاه"البالتوك"، أي الدردشة... وبعد الأمل في الحرية وإبداء الرأي أصبح التدوين الرقمي شبيهاً بالغرف الجنسية وتبادل مواعيد... كما ظهر الميل للنيل من الرسل والأديان... لذا فكرت في صنع"تدوين نظيف"يتضمن الكثير من النقد من دون تجريح.. وتبنى بعض"البلوغرز"الفكرة... فقلت لماذا لا نطور الأمر ويبقى ميثاقاً يحترم. فوجدت صدى معقولاً. وحاولت ان أجمع الآراء كافة وكتبت مسودة الميثاق". وفي المقابل، ترفض مدوّنة"مالكوم اكس"هذا الميثاق! وترى فيها"محاولة من"الإخوان المسلمين"لتقديم المدونين الالكترونيين إلى السلطات على طبق من فضة... فأسماء المدونين ستكون مفتوحة مع عناوينهم، ما يسهّل اختراقهم". وتمد المُدوّنة عينها النقد إلى الميثاق، فتصفه بأنه"يضع الجميع في خانة"الإخوان المسلمين"... ولا يضع تعريفات واضحة للأمور... بالاختصار"الاخوان"عايزين يسيطروا علينا". يتكرر الرفض عند"البلوغر"وائل عباس الذي يعتبر فكرة الميثاق"خطوة لپ"أخونة"التدوين... أين هم من مناقشة قضايا الوطن سواء السياسية أو الاجتماعية؟ إن حركة التدوين عند"الإخوان المسلمين"بدأت مع المحاكمات العسكرية لقادتهم، أي قبل أشهر... نحن موجودون منذ أكثر من 4 أعوام. ليست مسألة من الأقدم لكنهم أي"الإخوان" بهذه الطريقة يريدون أن تكون حركة التدوين حركة رجعية أصولية". وكذلك يرى أن فرض تنظيم على حركة التدوين الالكتروني في مصر يجعل من"البلوغرز""لقمة سهلة"في فم الأمن كما أن"المدون خانة"في الأساس تهدم فكرة التدوين بالنظر إلى أنه نشاط فردي". وفي موقف متميز، يرى صاحب مُدوّنة"منال وعلاء"، الذي سبق اعتقاله في العام الماضي"ان مسألة التنظيم جيدة كإطار واسع، لكن أن يكون هناك متحدث وحيد باسم"البلوغرز"فهو أمر خاطئ... قد يتفق أصحاب مجموعة مُدوّنات الكترونية على عمل مجموعة خاصة بهم، ولهم الحق في تسميتها كيفما يشاءون... أما اصطناع كيان موحد للمدونين جميعهم فأمر صعب... لا يمكن أن تجمع 10 آلاف مُدوّنة مصرية موجودة على الانترنت تحت سقف بعينه... لكل"بلوغر"خلفية علمية ومجتمعية وتوجهات سياسية مختلفة عن الآخرين... قد لا تكون هناك خطوط متقاطعة في ما بينهم فكيف سيتفقون على تنظيم كيان موحد"؟ وتؤيد الباحثة في قسم الصحافة - كلية الإعلام في جامعة القاهرة حنان بدر الاعتراض الصادر عن"البلوغر"علاء. وترى أن فكرة الميثاق"مثالية لدرجة يصعب تنفيذها على أمر الواقع... هناك معوقات كثيرة، ومخاوف بعض المدونين لها وجاهتها، مثل مسألة الملاحقات الأمنية... ولكن الفكرة في مجملها جيدة، حتى أن البنود التي طُرحت في شأن الميثاق تتقاطع كثيراً مع ميثاق الشرف الصحافي وفيها عناصر إيجابية كثيرة... لا خلاف مجتمعياً حول هذه النقطة، لكن مسألة الصياغات العمومية للميثاق تجعله ضعيفاً. وقد يستغل الميثاق لضرب المدونين أنفسهم، إذ لا توجد تعريفات واضحة. مثلاً بند"احترام القيم الدينية باعتبارها أساساً للتراث الحضاري والفكري"يحتاج الكثير من الإيضاح". وترى بدر أن مستقبل"المدون خانة"سيقتصر على أصحاب الفكرة وبعض مؤيديهم ما سيؤدي إلى مشكلة تتمثل في أن الميثاق المقترح يعكس أيضاً رغبة أصحابه في التحدث بأسم المُدوّنين الالكترونيين المصريين... إن تلك الخطوة غير صحيحة وقد تقابل بالرفض من معظم المدونين، خصوصاً من التيارات التي لها خلافات مع"الإخوان المسلمين". ويبدر من صاحب مدونة"مش أنا"رفض للقول بوجود هيمنة"إخوانية""مسألة أن الإخوان سيكونون هم المسيطرين ليست صحيحة فالجمعية التأسيسية للميثاق المُقترح تضم 3 من الإخوان، والبقية عناصر نسائية وأعضاء في"الحركة المصرية من أجل التغيير - كفاية"، إضافة إلى مجموعة من التيار الناصري... كل ما يهمنا ليس ازدياد عدد المنضمين ولكن أن تكون أهدافنا واضحة لدى الجميع". ويرى أيضاً أن مسألة الهجوم، خصوصاً من جانب قدامى المُدوّنين الرقميين إنما يرجع إلى خوفهم من سحب البساط من تحت أقدامهم". ويبدو أن حرباً على أهبة الاشتعال في الفترة المقبلة، على ساحة صفحات المُدوّنات الالكترونية. لقد بدأ هجوم فعلي من بعض قدامى"البلوغرز"، مع هدوء نسبي من جانب أصحاب فكرة الميثاق المقترح. ويعتقد هؤلاء الأخيرين أن نجاح الفكرة سيكون أكبر رد على مهاجميهم، في حين يراهن قدامى المُدوّنين على فشل الفكرة عبر عدم إقبال جموع"البلوغرز"على الميثاق المقترح.