تثير الصناديق الاستثمارية الحكومية، التي تتمتع بسيولة وفيرة، قلق السياسيين الأميركيين وتدفعهم إلى السعي للحؤول دون سيطرة الأجانب على شركات ذات أهمية للأمن القومي. وتشهد الشركات الأميركية، إقبالاً هائلاً على تملك حصص فيها من جانب صناديق الثروات السيادية، تحرّكه سيولة تبلغ نحو تريليوني دولار من احتياطات البنوك المركزية. وتسعى الى تحقيق عائدات أكبر. لكن المشرعين الأميركيين يخشون أن تستخدم الصناديق نفوذها للفوز بموطئ في صناعات رئيسة. ويبحث الكونغرس الأميركي مسودة تشريع تستهدف الصين، باعتبارها ميزة تجارية غير عادلة، بفضل اليوان المقوّم بأقل من قيمته الواقعية، ما يجعل البضائع الصينية أكثر قدرة على المنافسة. ومع تكدس أموال كثيرة في صناديق حكومية تمتد من السعودية إلى سنغافورة ، ينشأ نوع أكثر تعقيداً من سياسات الحماية المالية يستهدف حماية قطاعات معينة من النفوذ الأجنبي. فالأمرُ مقلق نظرًا الى وفرة أموال الصناديق، بخاصّة في الصين. ففي أيار مايو اشترى صندوق"تشاينيز ولث"الصيني الجديد عشرة في المئة في مؤسسة"بلاكستون غروب"للاستثمارات الخاصة، بثلاثة بلايين دولار، ما دفع أحد المشرعين الأميركيين إلى المطالبة علناً بإجراء تحقيق اتحادي في عواقب هذه الصفقة على الأمن القومي. وتملك"بلاكستون"حصصاً في الكثير من شركات التكنولوجيا المتطورة، وفي تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية، وهي أصول يجب ألا تقع في أيدي الصين. ولا تمثل الصفقة، سوى موارد ثلاثة أيام من السيولة النقدية في خزانة الاحتياطات الرئيسة الصينية التي يبلغ حجمها أكثر من تريليون دولار. ويتوقع أن تضاعف الصين عمليات التملك الخارجية إلى 50 بليون دولار في 2008، نحو 25 بليوناً هذه السنة، ثم إلى 100 بليون دولار في 2009 . وبلغ متوسط عمليات التملك والاندماج الخارجية التي قام بها العالم النامي 81 بليون دولار سنوياً بين عامي 1996 و2005. وفي حين استحوذ الفائض التجاري الصيني المتزايد معظم الاهتمام في الآونة الأخيرة، فإن أكبر مصدر لأموال صناديق الثروات السيادية هو حقول نفط الشرق الأوسط. وكشفت خدمة"ار جي أي"مونيتور، أن أصول الصناديق الحكومية التي تديرها دول مصدرة للنفط، تصل إلى خمس احتياطات البنوك المركزية العالمية البالغة 5.3 تريليون دولار. وعلى غرار الصندوق الحكومي الصيني، أجرت هيئة أبو ظبي للاستثمار، وهي ربما أكبر صندوق استثماري سيادي في العالم، محادثات لتملك حصة أقلية في صندوق أميركي للاستثمارات الخاصة. ولم تكن الولاياتالمتحدة الدولة الوحيدة التي ثارت فيها مخاوف، فقد توقف وزراء المال الأوروبيون أيضاً عند تنامي نفوذ الصناديق السيادية. ويتوقع الائتلاف الحاكم في ألمانيا، وضع مسودة قانون لحماية شركات ألمانية معينة من عمليات التملك الأجنبي. وتضغط الخزانة الأميركية على صندوق النقد والبنك الدولي لإصدار قائمة بأفضل الممارسات التجارية لصناديق الاستثمار السيادية. ووقع الرئيس جورج بوش قانوناً يعزز إجراءات الفحص والتدقيق في عمليات التملك الأجنبية في شركات أميركية. ويلزم القانون لجنة الاستثمار الأجنبي المكلفة، تحديد إذا كانت عمليات التملك الأجنبية تضر بالأمن القومي. وفي العام الماضي درست اللجنة 113 صفقة تزيد قيمتها على 95 بليون دولار بزيادة 73 في المئة عن العام السابق.