يفترض انعقاد أي مؤتمر سعي الأطراف المشاركة الى التعاون. ولكن المؤتمر قد يفشل في تحديد طريق هذا التعاون، وأهداف المؤتمر المرجوة. فعلى سبيل المثال، أفضى تعارض أهداف الدول الصناعية الثماني الكبرى في هايليغندام الألمانية، الى الشقاق بين واشنطنوموسكو، وبين هذه الأخيرة والاتحاد الأوروبي. وعلى رغم ان بيان مجموعة الثماني الختامي أشاد بالتعاون بين الدول المشاركة، ظهرت الخلافات الاستراتيجية الأميركية ? الروسية ، والروسية - البريطانية الى العلن، بعد أسابيع قليلة من انتهاء القمة. وعلى خلاف قمة الدول الثماني، بدا أن سياسات الأطراف المشاركة في مؤتمر شنغهاي متناغمة، ولا يشوبها الخلاف. فالمجتمعون أجمعوا على أن خطراً واحداً يتهددهم، وأن مصدره هو الولاياتالمتحدة الأميركية. وتسعى إيران وروسيا والصين الى تجاوز البيت الأبيض، والى تقويم دور واشنطن وتقييده. وفي اجتماع شنغهاي الأخير، كانت السياسة الأميركية الخارجية، وخصوصاً بمنطقة آسيا، موضع تساؤل. والحق ان نتائج هذا الاجتماع تتناول ثلاثة مجالات: 1 - المواجهة بين"الناتو"حلف شمال الأطلسي والشرق. فالدول الأعضاء في منظمة شنغهاي هي مجموعة منسجمة. واتفاق هذه الدول على بلوغ أهداف مشتركة في المدى المتوسط، هو أكثر تماسكاً من الارتباط العسكري الهش والضعيف بين دول"الناتو". ولا شك في ان صمود دول شنغهاي في مواجهة"الناتو"هو تهديد لا يستهان به للطموحات الأميركية - الأوروبية التي تتعدى المحيط الأطلسي. 2 - وتعزيز العلاقات بين بكين - موسكو هو مصدر قلق للبيت الأبيض. وتوطيد العلاقات الصينية ? الروسية، في المجالين العسكري والاقتصادي، يفضي الى تراجع أداء البيت الأبيض في الأسواق الحرة. وعليه، يدعم الجمهوريون الأميركيون معارضي الصين في تايوان، ومعارضي موسكو في حديقة قصر الكرملين الخلفية. ويرمي هؤلاء الى تحجيم قدرات الصين وروسيا العسكرية. وجلي أن مناورة منظمة شنغهاي العسكرية لمكافحة الإرهاب، والصين وروسيا كانتا قطبيها، هي نموذج التعاون العسكري بين دول شنغهاي في سبيل صد تهديدات البيت الأبيض. ومجلس أمن الأممالمتحدة ومجموعة الثماني يقيدان الصين وروسيا، ويمنعانهما من إثبات قوتهما الحقيقية. ولا ريب في ان منظمة شنغهاي هي المكان المناسب لاستعراض القوة الصينية والروسية في مواجهة أميركا والغرب. 3 - وأبرزت مشاركة الدكتور محمود احمدي نجاد، الرئيس الإيراني، وإيران عضو مراقب في منظمة شنغهاي، في المؤتمر العتيد طابع هذا المؤتمر المعادي لأميركا. وأسهمت معارضة رئيس الجمهورية الإيرانية نشر الدرع الصاروخية الأميركية في تعزيز المواقف المشتركة بين إيران وروسيا والصين. وأجمع المجتمعون في مؤتمر شنغهاي على أن إيران قوة نافذة بالشرق الأوسط. فهي مركز مواجهة النفوذ الأميركي. وخلص اجتماع شنغهاي الى ضرورة السعي الى نظام متعدد الأقطاب. فهذا النظام هو شرط الأمن المتساوي والتنمية المتكافئة في دول العالم. ومبادئ المؤتمر تدحض مبادئ الرأسمالية والإمبريالية الجديدة، وتضطلع بدور بارز في تقويض التيار التسلطي في العالم. عن هيئة تحرير "رسالت" الإيرانية، 19/8/2007