تفتتح قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى في هايلينغندام الألمانية اليوم، في أجواء متوترة طغت عليها الخلافات بين واشنطنوموسكو حول خطط نشر الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا، ومخاوف من مواجهات على هامش القمة بسبب تباين الآراء في شأن خطة أميركا لحماية المناخ. واستقبلت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل مدعوّيها الى مأدبة عشاء في قصر قريب من مكان انعقاد القمة، وهي الأخيرة التي يشارك فيها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والأولى في حضور الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي. وتنظر الإدارة الأميركية إلى القمة باعتبارها فرصة لتعزيز تحالفها مع الأوروبيين، والتركيز على"الأرضية المشتركة"بين ضفتي الأطلسي، في ما يتعلق بقضايا إنسانية ترتبط بإقليمي دارفور وكوسوفو. راجع ص10 وسيستخدم البيت الأبيض تلك النقاط لبلورة موقف مشترك في خلافه مع الكرملين على إقامة الدرع المضادة للصواريخ، ولحشد مزيد من الدعم لعقوبات جديدة على إيران. لكن مراقبين لم يستبعدوا محاولة بوش كسر الجليد مع الرئيس فلاديمير بوتين، في وقت رأى مسؤولون أميركيون أن العلاقات مع روسيا تمر بأسوأ مراحلها منذ انتهاء الحرب الباردة. ومهد بوش للقاء بتذكيره موسكو بأن"الحرب الباردة انتهت ولا داعي لأن تخشى المخططات العسكرية الأميركية في أوروبا، وما عليها سوى أن ترسل جنرالاتها وعلماءها إلى الولاياتالمتحدة للاقتناع بذلك". وأكد بوش في براغ حيث توقف في طريقه الى ألمانيا أمس، ان نشر الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا"إجراء دفاعي محض لا يستهدف روسيا". لكنه انتقد وضع الديموقراطية في روسياوالصين، معتبراً ان الإصلاحات الروسية"خرجت عن مسارها"، وأن الصين تقاوم الانفتاح السياسي. وفي رد على الأميركيين، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف:"ما نحتاجه جميعاً هو توحيد جهودنا لمكافحة الأخطار الحقيقية وليس الافتراضية". وأضاف ان الدرع الصاروخية الأميركية"شيء لا نفهمه ويسبب أخطاراً حقيقية لروسيا، فيما توجه إلينا اتهامات بإحياء الحرب الباردة". ولم يؤثر التوتر في العلاقات الروسية- الأميركية على تفاؤل رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو بنتائج قمة الثماني التي قال إنها ستكون جيدة بالنسبة الى بوش وبوتين للاتفاق على نقاط خلافية. وسيكون الملف النووي الإيراني حاضراً في القمة التي ستسعى فيها واشنطن إلى حشد الدعم لرزمة جديدة من العقوبات على طهران. ويتوقع ان يتطرق قادة مجموعة الثماني الى مساعدة الدول الأفريقية، وهي أيضاً من أولويات الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي علماً ان البنك الدولي أخذ على الدول الثماني أنها لم تف وعوداً قطعتها في هذا الشأن خلال قمتها في حزيران يونيو 2005. كذلك يتوقع نقاش صعب لتحرير التجارة وصناديق المضاربة التي تجني بلايين الدولارات. وفي إطار الخلاف العلني والصامت بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن على كيفية مواجهة تغيرات المناخ، كشفت صحيفة"لايبتزيغر تسايتونغ"الألمانية أن مركل تشكو من"حملة خفية"أطلقتها واشنطن في عدد من الدول كالصين والهند، لرفض اقتراحاتها الطموحة لإقرار خطوات ملزمة في القمة تهدف إلى خفض ارتفاع حرارة الأرض. في غضون ذلك، انطلقت في روستوك قرب هايلينغندام قمة بديلة بدعوة من معارضي العولمة، يشارك فيها خبراء وباحثون وسياسيون، ويتوقع أن يحضرها آلاف المحتجين. واعتقلت الشرطة الألمانية 11 شخصاً في روستوك خلال تظاهرات معادية لقمة الثماني، لم تتخللها صدامات كما حصل في تظاهرات السبت الماضي. كما عثر على كيس يحوي مسحوقاً أبيض خارج السياج الأمني المحيط بمنتجع هايليغندام الذي يستضيف القمة، ما أثار قلقاً واسعاً.