استأنفت دمشق وبغداد علاقاتهما الديبلوماسية. فافتتحتا سفارتيهما في العاصمتين بعد انقطاع دام عقوداً من الزمن. وغداة احتلال العراق، رغبت دول الجوار في ألا يتحول هذا البلد تهديداً لمصالحهم الوطنية، وزادت التدخلات العلنية والسرية من طريق الدعم الخفي للاضطرابات والعنف فيه. وتحسب الدول الست المجاورة للعراق ان متغيرين مهمين، هما القومية والعقيدة، يعتبران العامل الرابح في توازن القوة ومستقبل المنطقة. وطوال سنوات حكم السلطة البعثية، كانت بعض الدول، مثل الأردن، تماشي السلطة. ولكن سقوط النظام البعثي، وتمكن الأحزاب المذهبية والقومية من العمل والنشاط بحرية، أمال موازين القوة في المنطقة لمصلحة الدول الأخرى. وطوال السنتين الأخيرتين رأت هذه الدول ضرورة ان يكون لها نفوذ في مختلف مناطق العراق. وفي هذا الإطار، ألصقت تهماً بإيران. واليوم، في إطار الأزمة العراقية المتمادية يقوم المسؤولون العراقيون، بعد الطلب إلى جيرانهم المشاركة في استقرار الأمن، بزيارات لدول المنطقة علهم يتوصلون الى تفاهم، ويستطيعون القضاء على الفوضى بتعاون دول الجوار، ورسم مستقبل آمن للعراق. ولعل تعريف المصالح السورية، وموقعها الجيوسياسي، يجعل سورية بلداً مختلفاً عن بقية الدول العربية في المنطقة. فسورية عرفت بمواقف مستقلة في مواجهة التطورات حولها وفي العالم. وكانت على الدوام موضع اهتمام القوى الإقليمية والدولية. وبناء على الأزمات التي تواجهها سورية في المنطقة، تعتبر من اكثر الدول المجاورة للعراق تأثراً بالأحداث والتحولات التي يشهدها هذا البلد. ويرى حكام دمشق ان الارتباط القديم، الفكري والتنظيمي، بالبعث العراقي شكل خندقاً للدفاع عن سورية في مواجهة التهديدات الأميركية. وعلى هذا، يحظى مسار التطورات السياسية في العراق، واحتمالاتها الأمنية والسياسية، قومياً وأميركياً، بمكانة راجحة في ميزان السوريين. وترى سورية في القوات الأميركية بالعراق فرصة وغنيمة يمكنانها من إرباك الأميركيين وإضعاف قدراتهم ورفع مستوى ضمان أمنها تالياً. والموضوع العراقي الأول، في نظر سورية، هو مسألة الأكراد. فحصول هذه الجماعة في العراق على أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية تخولهم التأثير المباشر في وضع الأكراد بسورية، قد يورط القيادة السورية في أزمات ومغامرات جديدة. وعليه تخشى الحكومة السورية ان يكون لأكراد العراق وزن سياسي داخلي راجح، على ما أعلنت على الدوام. وقامت سورية من غير تردد بدعم البعثيين العراقيين، والتيارات المعارضة للأحزاب الكردية. وهي تسعى لتوريط أميركا في العراق. واضطراب الأمن العراقي مصدره حركات وتيارات تساندها دمشق. وتحاول الحكومة العراقية مواجهة التيارات هذه. وإذا وفت سورية والسعودية ومصر والأردن بالتعهدات والالتزامات التي قطعتها على نفسها، في الاجتماعات المختلفة حول العراق، جاز وعد الشعب العراقي المظلوم بمستقبل هادئ في قابل الأيام، وإلا ينبغي توقع كثير من العمليات الانتحارية، واتساع رقعة الاضطرابات إلى مواضع أخرى في العراق. وفي حال استقرار أوضاع العراق الداخلية للعراق، على الشكل الذي تطلُبه أميركا واجهت سورية جبهة جديدة على حدودها الشرقية، إضافة إلى الجبهة الغربية في مقابلة إسرائيل. فالآمال, والحال هذه، معقودة على تعاون دول الجوار العراقي، وعلى الرد إيجاباً على طلب المالكي إعادة الأمن والهدوء للمجتمع العراقي، ومراعاة حسن الجوار، والاحترام المتبادل وبناء علاقات تسهم في رفع مستوى التعاون. فعلى الدول الإسلامية في المنطقة احترام القواعد الديموقراطية التي كفلها دستور العراق، ونتائج الوفاق الوطني. وعليها قبول نتيجة الانتخابات، والعملية الديموقراطية العراقية، ترك التدخل في شؤون العراق الداخلية ومساعدة الشعب على تقرير مصيره. عن غلام رضا قلندريان، "قدس" الايرانية، 20/8/2007